قيس سعيد : '' المسؤولية الوطنية تقتضي إرساء العدل بتشريعات جديدة تنصف المظلوم''    عاجل/ رئيس الدولة يطالب باعفاء هؤولاء المسؤولين..    الأقسام... صناديق حديد جاهزة ...معاناة الصيف في مدرسة الفتح بفوسانة    بمدرسة حي المطار بتوزر ...المربية حنان بدرالدين تودّع تلاميذها كالنجوم    عاجل : راصد الزلازل الهولندي يحذر من زلزال قوي في هذه الفترة    طقس الثلاثاء: أمطار بعد الظهر في هذه المناطق والحرارة بين 24 و40 درجة    في المعهد العالي للفنون والحرف بتطاوين ...7 آلاف كتاب هبة لمكتبة المعهد    استراليا: اكتشاف سلالة شديدة العدوى من فيروس إنفلونزا الطيور    اكتشاف سلالة شديدة العدوى من إنفلونزا الطيور في أستراليا    عاجل/ اكتشاف سلالة شديدة العدوى من فيروس إنفلونزا الطيور في هذه الدولة..    هيثم الجويني يُعوّض سيف الدين الجزيري في المنتخب الوطني    منها مخزون المياه بالسدود: هذه محاور لقاء رئيس الجمهورية بوزير الفلاحة    طقس الثلاثاء: رياح قوية مع دواوير رملية بهذه المناطق    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    صيانة السدود ومحاربة الاحتكار وصابة القمح محور لقاء سعيد بوزير الفلاحة (فيديو)    حرائق شمال الكيان الصهيوني.. التهمت 4000 دونم وإصابة 11 شخصا    الكيان الصهيوني يواصل مجازره.. استشهاد 6 في غزة و5 في الضفة الغربية    قرارات وزارة الشباب والرياضة إثر معاينة الأضرار بملعب رادس    رسميا.. جوائز "الأفضل" في دوري أبطال أوروبا    صواريخ حزب الله تحرق "كريات شمونة"    الثّلاثاء: كيف ستكون حالة الطّقس و درجات الحرارة؟    للمشاركة في أول قمّة كورية إفريقية...الوفد التونسي يصل إلى مطار سيول الدولي    الملتقى الوطني لفنون الصّورة والسّينما والفنون التّشكيلية بالمهدية .. عروض ثريّة للإبداعات والمواهب التلمذيّة    المنتخب الوطني .. الجامعة تُحفز الجماهير للحضور بكثافة    القصرين..اختبار الباكالوريا.. أكثر من 5 آلاف مترشّح و16 حالة تتمتع بإجراءات استثنائية    بتعلّة أنه يسبّ الجلالة ...إرهابي يذبح شابا في جبل الأحمر بالعاصمة    عاجل/ أحداث "الدربي": بلاغ شديد اللهجة من النادي الافريقي    صفاقس.. قلع 168 كلم خطيّا من التين الشوكي المصاب بالحشرة القرمزية    المغرب/ إحباط محاولة تهريب أكثر من 18 طنا من المخدرات    سوسة: انطلاق الجلسات العلنية في ما يعرف بقضية « انستالينغو » عبر التخاطب المرئي عن بعد ومحامو الدفاع ينتقدون ظروف المحاكمة    عاجل/ المهاجرين في جبنيانة: إصدار 8 بطاقات إيداع من اجل الاتجار بالأشخاص..وهذا ما تم حجزه..    سوق الجملة ببئر القصعة: ارتفاع سعر البصل ب137 %    عاجل : التن المعلب الموجود في الاسواق هو تن مجمد مورد يتم تحويله في تونس    بيت الحكمة يُصدر كتابا بعنوان "رحلة اليوسي" لمحمّد العيّاشي بن الحسن اليوسي عن تحقيق الباحث التونسي أحمد الباهي    كهل يُقدم على الانتحار داخل منزل مهجور بهذه الجهة    المؤسسات الصناعية في تونس : تشغيل حوالي 534 ألف عامل    المشتبه به عربي الجنسية: إلقاء قنبلة على سفارة الاحتلال في رومانيا    عاجل : شادي الهمامي لاعب النادي الرياضي الصفاقسي يعتزل    الاستعداد للحج .. "شوق" وعادات وفيه "منافع للناس"    الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه الدولية: تراجع النتيجة الصافية ب30 بالمائة في 2023    "الهريسة التونسية" إصدار جديد للتعريف بهذا التراث الغذائي التونسي المسجل على لائحة اليونسكو    قبلي: الاتحاد الجهوي للشغل يطالب في لائحة مهنية حول تطورات ملف شركة البستنة بتصنيفها كقطاع عام    وزير الدّاخليّة يؤدي زيارة تفقد الى هذه الادارة..    التواتي: تحديد سعر لحم الضأن ب43 دينارا للكلغ    أحرز اللقب على حساب دورتموند .. الريال «ملك» رابطة الأبطال    بطولة ايطاليا : صعود فينيتسيا بعد فوزه على كريمونيزي    عاجل/ "المالديف" تحظر دخول حاملي جوازات السفر الإسرائيلية إلى أراضيها..    الفنانة إبتسام الرباعي ل«الشروق».. أتمنى تطهير الساحة الفنيّة من الدخلاء    القيروان: برمجة ثرية في مهرجان المشمش بحفوز (صور)    فيلم "المابين" لندى المازني حفيظ يتوج بجائزة أفضل فيلم في مهرجان الفيلم العربي بروتردام    اليابان : زلزال قوي بلغت شدته 5,9 درجات يضرب وسط البلاد    عاجل - تونس : ارتفاع استهلاك السجائر لدى اليافعين والأطفال تزداد أكثر فأكثر    نقص أدوية وطول إجراءات...مرضى السرطان يعانون في صمت!    لأول مرة في الكويت: نجوم مصريون يحيون 'ليلة النكد'    وفاة المخرج الشاب محمد أمين الزيادي    متى تبدأ ليلة وقفة عرفة؟...وموعد صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    من الواقع .. حكاية زوجة عذراء !    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا عواصم إلاّ حيث استوطن الشعر
الجزائر عاصمة للثقافة العربية: بقلم: يسرى فراوس
نشر في الشعب يوم 10 - 03 - 2007

عندما تحزم حقائبك باتجاه الجزائر فأنت تحزم شوقا موحشا نحو ملامسة ضلعكَ المائي الآخر... تحزم لهفتك على تلك العربية المائية الشديدة والعذبة في آن...تحزم حنينك إلى أصدقائك المائيين القدامى...أولئك الذين لم يجرفهم سيل الدم...تحزم تطلعك إلى وجهك في جبال ملامحهم... تحزم رهبتك من عيني الأمير عبد القادر والطاهر وطار وزهور ونيسي والبحري الحمري وعبد العزيز غرمول وأحلام مستغانمي وكاتب ياسين ومرزاق بقطاش وفائزة مصطفى وعبد الناصر خلاف وعبد الرزاق بوكبة وآخرين ممن لن يسهو عنهم القلب اللغوي...
في مطار الجزائر، العاصمة الثقافية العربية لسنة ألفين وسبعة، كان كل شيء يوحي باستعداده لاحتضاننا... القهوة المعتقة يحملها المضيف في تواطأ جلي مع بياض أوراقي... الاستدراج الشقي الذي تتفنن في ممارسته الجبال الشاهقات المترامية حول شباك الطائرة... أعوان الجمارك وهم يوشوشون لبعض «إنهم جاءوا من أجل ليالي الشعر...» أسماءنا المعلقة على قلوبهم في بهو المطار: محمد الصغير أولاد أحمد، يوسف رزوقة، يسرى فراوس
«هذه هي الجزائر أخيرا... حبيبتي التي بقيت جالسا في غرفة انتظارها ثلاثين عاما حتى سمحت لي بدخول مملكة عينيها السوداوين وأذنت لي أن ألثم يدها...» (نزار قباني) سطا علينا المكان فزمّ كل منا شفتيه... قسّط أنفاسه ودسّ شهقة الأطفال بين أضلاعه...لا وقت في حضرة الجغرافيا الجزائرية الناهدة لنثر أرضي... شعرية المكان المتعالي تصّاعد بأنفاسنا نحو النص... نحو «الكلام العالي...»
في فضاء تعتد به الجزائر الشابة، في فضاء المكتبة الوطنية الجزائرية كانت الأعين تسري في الجسد المائي فتتخلل مسام الروح... تواعدوا على الشعر فاجتمعوا في قاعة الشاعر محمد الأخضر السائحي...
لقد تعودوا على تظاهرة ليالي الشعر فبعد الليلة العمانية، جمعت الليلة الشعرية الثانية كلا من العربية السعودية وتونس وكأن الجزائر تصل الأكوان بالأكوان... افتتح الأمسية مدير عام المكتبة الوطنية الروائي أمين الزاوي بكلمة حيى فيها الشعراء من تونس ومن العربية السعودية وهم هدى الدغفق وعادل خميس الزهراني وريم الفهد والغاوين الذين تورطوا في النص.
بالنثر العالي أعلن الروائي أمين الزاوي تلبسنا بالفضيحة البهية، فضيحة الشعر، ذلك الذي هو «صلاة الصلوات جميعها... متراس ضد ثقافة الكراهية... تناغم الأرواح... لمّ الأطراف، من جزيرة العرب إلى عرب الغرب كانت كلمة الافتتاح بيانا ملغوما ضد الوهم...إعلانا عن تشكل إمبراطورية الجمال... تلك التي نزول بزوالها... تلك التي هي الكوجيتو الحقيقي لعربيتنا العربى...
ومن أعلى إلى أعلى...
خاتلتنا الشاعرة السعودية هدى الدغفق صاحبة المجموعة الشعرية «الظل إلى أعلى» بنص يستل شعريته المرهفة والمتمردة في آن من سواد عباءات النساء السعوديات اللواتي يلتحفن عراء اللغة فوجدنا أنفسنا ممسكين بتلابيب الثوب وكأننا نسامق الذاكرة نحو فوهة الحلم:
«أحيانا
أبكي هذا القمر المتسلق غرفتنا
ما ذنب عقاربه تضيء
أسلمه الوحدة كل مساء
يسلمني عينه العاشقة»
ولأن الشعر هو ضفة الألغام الأجمل فقد حيكت الحكاية بين نص سعودي ونص تونسي التقيا في الممرات السرية لانزياح المعنى فكان أن قرأ يوسف رزوقة نصين مفخخين وهما محاولة لمحو الجبل والذئب في العبارة التي جاء فيها
«ولا تاء في طاعتي
لأؤنث شكلي
وأجعلني زوجة لي»
هو القلب لا يقوى على سطوتهم... يمررون الكلام في شرايينك... في خلاياك...تتحد معهم في المعنى... تماثلهم التنافر... تبادلهم الاستعارة... تتداعى حين يصرخ في وهران شاعرها ابراهيم صديقي ليعلن أنه لا شيء فيها يُحب وإنما حبها عنده هو من قبيل الالتزام... يساورك الشك حول ذاكرة المكان لتجزم انه على رأي الشاعر الجزائري حمري البحري: «ما المكان إلا أنت يا جزائر»...
وتترنح فحين يغني الشاعر الجزائري جزائرنا القلبُ حباتُه تترنح
«لم يبق لي من الوقت ما يكفي
لأصنع أرجوحة لأحلامي
وهذا السنونو يبني أعشاشه في سقف أيامي
وتطير في أفق
لم تعد عيناي تقوى على قبض مداه»
قرؤوا نصوصهم الآسرة... عمودية تصالح أذنيك على بقية أعضائك، ونثرية ينزل بها عبد الرزاق بوكبة على جسدك فيفك شفرة تماسكك المجازي ويموقعك في جغرافيا التداعي الجميل...
ولأن إصغاءهم يحفّز خلاياك الشعرية... ولأنه لا يصبر على الأذى الجميل... فقد قرأ محمد الصغير أولاد أحمد نكاية في أولئك الذين يكيدون للحياة «لا تنس دورك في الحياة»
«أمشي مع الشعراء دون حراسة
في المهرجان مسلحا بمترجم
لكأن الشعر وهو ظلي واقف
ليس التدرج في صعود السلم»
... طواف بالنص في النص... قرأنا داخل فضاء المكتبة الوطنية... إلى شاشة الافتضاح الشعري على لسان الشاعرة ربيعة جلطي... إلى الأزقة حيث الجدران مملكات الشهداء الشعراء... إلى المكتبات ذات الأسماء التي لا تجدها إلا في الجزائر «مكتبة العالم الثالث» على سبيل الغزل... إلى ساحة الشهداء حيث يعلن العشاق ما به يقتات الشعراء والأنبياء...
إلى المقاهي حيث جهاد فاضل وشوقي عبد الأمير وجيلالي نجاري وعبد الرزاق بوكبة... حيث الازدحام بأسئلة الشعر والحداثة والكونية والعراق...
طواف بالنص في النص... كل شيء يدور من حولك ... كل شيء متحرك متدحرج نحو الأعلى
الجزائر... بشعريتها الشاهقة... تدرأ عنها كل الشبهات لتنفرد بالشعر...
الجزائر هنا الآن تعلنها ...لا عواصم إلا حيث استوطن الشعر...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.