كثر الحديث عن التحكيم التونسي والتحكيم الاجنبي الذي يدير بعض مقابلات كرة القدم في البطولة الوطنية. وقد توسعت دائرة الحديث من الانتصار الى التحكيم التونسي الى انتقاده ليشمل منظومة التسيير والاشراف بعد ان تم رفع الغطاء عن الاسباب العميقة التي جعلت التحكيم التونسي في هذا الموضع المحرج. غير ان زيارتنا الاخيرة الى فرنسا كشفت لنا وجود كفاءات تحكيمية شابة ما انفكت تؤكد جدارتها في ميدان كرة القدم الفرنسية. ولعلّ الحكم الشاب حمدي بوززة البالغ من العمر ثلاثين سنة أبرز حالة على الغبن والتهميش للكفاءة الوطنية «الشعب» التقت هذا الحكم المتميز بأدائه واخلاقه ومستواه العلمي للحديث عن تجربته في تونسوفرنسا، فكان اللقاء التالي: لو تقدّم نفسك لجمهور الرياضة في تونس؟ انا حمدي بوززة، ابلغ من العمر ثلاثين سنة، جامعي، اختصاص رياضيات اشتغل حاليا في ميدان الاعمال وأحكّم في البطولة الفرنسية. متى انطلقت تجربتك التحكيمية؟ بداية تجربتي مع التحكيم انطلقت سنة 1994 برابطة الوسط القيروان وعمري لم يتجاوز 17 عاما حيث حكمت لاصناف الشبان (اداني اصاغر) وقد عوّض فيّ التحكيم ذلك الحلم الذي سكنني منذ طفولتي في أن اصبح يوم من الايام لاعب كرة قدم متميز. وكيف استهواك التحكيم؟ في البداية، كان السيد حسين فيالة والحكم الحالي الصحبي الهدواج بمثابة المؤطرين اللذين وضعاني في الطريق الصحيحة اداء واخلاقا ولكن بعد تألقي في ميدان التحكيم الذي قضيت فيه 4 سنوات تمّ الحكم عليّ بعدم التدّرج الى مستوى اعلى اذ بدأت العراقيل تنتصب امامي مثل قلّة العلاقات والانتماء الجهوي وجاء المنعرج الحاسم سنة 2002 عندما وقع تجميدي ظلما بعد ان نجحت في تخطي النيران المحرقة التي وضعت فيها عندما تم تعييني في مقابلة مدارها الصعود إلى القسم الثاني سابقا بين اتحاد تطاوين وجمعية فريانة، خاصة وان هذه المقابلة قد سبقتها حالات من الشغب والعنف في مقابلات سابقة ادرتها بإمتياز ودون ان يحصل اي تجاوز لا من الفريقين ولا من الجمهور. هل هناك جهة بعينها او شخص محدّد مثل مصدرا لهذه المظلمة ؟ بالفعل فبعد ان ساهم في اكتشافي واحاطني بالرعاية والتشجيع انقلب عليّ السيد عبد العزيز الحمروني (رئيس لجنة التحكيم برابطة الوسط سابقا) وذلك لصراحتي والنجاح الباهر الذي حققته في مجال التحكيم، حيث كنت من أفضل الحكام على نطاق الجهة الى جانب رفيق المؤدب وإلياس سويدان. وكيف جاءت فكرة الهجرة؟ لقد تلقيت دعوة من أحد الاصدقاء بالجامعة الفرنسية لكرة القدم قصد القيام بتربص هناك، لكن حرماني من التحكيم ووضعي في ثلاجة عدم التعيين دون معرفة الاسباب الحقيقية، دفعتني لأخوض تجربة التحكيم في فرنسا منذ سنة 2002. كيف دخلت هذه المغامرة الجديدة وانت لم تتجاوز سن الواحدة والعشرين؟ التحقت بسلك التحكيم في فرنسا في منتصف البطولة ومع نهايتها سنة 2003 و2004 وقد تمّ اختياري كأفضل حكم ساحة في فرنسا من مجموع 350 حكما يديرون مقابلات الاكابر. ولماذا لم نرك الى حدّ الان في بطولة الرابطة الاول في فرنسا؟ لا بدّ من معرفة قوانين كرة القدم في فرنسا والتي تفرض بلوغ سنّا معينة اضافة الى الحصول على الجنسية الفرنسية حتى تكون مؤهلا لادارة مقابلات الرابطة الاولى والرابطة الثانية. وعلى إعتبار انني أبلغ الآن سن الثلاثين كما حصلت منذ شهر على الجنسية الفرنسية فسأكون مؤهلا خلال المواسم القادمة لادارة مقابلات الرابطة الاولى والثانية. تحظى اليوم بثقة كبيرة من الهياكل الرياضية ومختلف الجمعيات اضافة الى تقدير الجماهير الرياضية لفكاءتك كيف عملت على بلوغ هذا المستوى؟ لقد حكمت بالقسم F4 الفرنسي الذي يوازي القسم الثاني بتونس وذلك على مدار 3 سنوات كاملة وبإعتبار ان فرنسا تنقسم كرويا بين الشمال والجنوب، فإني بلغت مستوى افضل حكام المنطقة وذلك خلال الموسم الكروي 2004 و2005 كما تحصلت على شهادة افضل حكم خلال مواسم 2003 2004 2005 ومازالت اواصل مسيرتي بتميز وتألق سواء على مستوى هذه الاقسام او على مستوى مباريات كأس فرنسا. باعتبارك من جيل الشباب، كيف تقيم اداء زملائك في تونس؟ هناك جيل من الشباب المتميز وخاصة من ابناء جيلي تحديدا مثل الياس سويدان، سليم الجديدي، عواز الطرابلسي وقاسم بالناصر لكن هؤلاء الحكام ينقصهم التأطير والتكوين العلمي المتواصل على غرار ماهو حاصل بفرنسا. وكيف تنظر الى دعوة بعض الحكام الاجانب الى ادارة مقابلات في كرة القدم بتونس؟ انا ضد هذه الظاهرة، ففي اوروبا لا توجد مثل هذه الدعوات لأنّ الحكم لا يتطوّر ولا يتحسن اداؤه إلا داخل بطولة بلاده. ومن هنا، فإن تغير جيل كامل من الحكام في تونس قد افرز مستوى طيبا في مجمله وهو ما يستوجب مزيدا من الاحاطة والدعم والثقة لهؤلاء الحكام الشبان حتى تحصل لديهم الخبرة والكفاءة اللازمتين. هل نفهم من كلامك انك على استعداد لادارة مقابلات في القسم الوطني بتونس؟ أنا على استعداد تام لادارة هذه المباريات وسأضع كل خبرتي وكفاءتي على ذمة جامعة كرة القدم. من هم الحكام الذين تحترمهم في تونس؟ لقد تأثرت بهشام ميلاد لاخلاقه العالية وبالصحبي الهدواج لثقافته الكروية الواسعة وهشام قيراط لتواضعه ورفعة اخلاقه وبمراد الدعمي لدهائه فوق الميدان.