عاجل : انقطاع التيار الكهربائي بهذه المناطق    السيارات الإدارية : ارتفاع في المخالفات و هذه التفاصيل    هيئة الانتخابات تشرع غدا في تحيين السجل الانتخابي    روعة التليلي تحصد الذهب في اليابان    اليوم : وقفة احتجاجية للتنديد بالتدخل الاجنبي و بتوطين أفارقة جنوب الصحراء    نابل: تضرّر ما يقارب 1500 هكتار : «الترستيزا» مرض خفي يهدّد قطاع القوارص    بفضل صادرات زيت الزيتون والتّمور ومنتجات البحر; الميزان التجاري الغذائي يحقّق فائضا    يهم مُربّيي الماشية: 30 مليون دينار لتمويل اقتناء الأعلاف    صفاقس صالون 14 للفلاحة والصناعات الغذائية تكريم القنصل العام الجزائري ووفد الجزائر    الأونروا: 800 ألف فروا من رفح يعيشون بالطرقات.. والمناطق الآمنة "ادعاء كاذب"    إطلاق نار واشتباكات قرب القصر الرئاسي في كينشاسا    صيف 2024: 50 درجة منتظرة و شبح الحرائق حاضر    علماء يكشفون : العالم مهدد بموجة أعاصير وكوارث طبيعية    إضراب بالمركب الفلاحي وضيعة رأس العين ومركب الدواجن    أخبار النادي الإفريقي .. البنزرتي «يثور» على اللاعبين واتّهامات للتحكيم    طقس اليوم ...امطار مع تساقط البرد    في عيده ال84.. صور عادل إمام تتصدر مواقع التواصل    بغداد بونجاح يحسم وجهته المقبلة    الجمعية التونسية "المعالم والمواقع" تختتم تظاهرة شهر التراث الفلسطيني    اليوم العالمي لأطباء الطب العام والطب العائلي : طبيب الخط الأول يُعالج 80 بالمائة من مشاكل الصحة    بوسالم.. وفاة شاب غرقا في خزان مائي    قبل أسبوعين من مواجهة ريال مدريد.. ظهور صادم لمدافع دورتموند    المجلس المحلي بسكرة يحتجّ    منال عمارة: أمارس الفنّ من أجل المال    عاجل/ صفاقس: انقاذ 52 شخصا شاركوا في 'حرقة' وإنتشال 4 جثث    النجم الساحلي يمرّ بصعوبة الى الدور ربع النهائي    كأس تونس : النجم الساحلي يلتحق بركب المتأهلين للدور ربع النهائي    تمدد "إنتفاضة" إفريقيا ضد فرنسا..السينغال تُلّوح بإغلاق قواعد باريس العسكرية    اتحاد الفلاحين: ''أسعار أضاحي العيد تُعتبر معقولة''    القصرين: القبض على شخص صادرة في حقه 10 مناشير تفتيش    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    بقلم مرشد السماوي: كفى إهدارا للمال العام بالعملة الصعبة على مغنيين عرب صنعهم إعلامنا ومهرجاناتنا!    في إطار تظاهرة ثقافية كبيرة .. «عاد الفينيقيون» فعادت الحياة للموقع الأثري بأوتيك    المهرجان الدولي للمشمش بحاجب العيون في دورته الثانية ...مسابقات وندوات وعروض فروسية وفنون شعبية    فقدان 23 تونسيا شاركو في عملية ''حرقة ''    القيمة التسويقية للترجي و الأهلي قبل موقعة رادس    وزيرة الصناعة: مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا فريد من نوعه    أبو عبيدة: استهدفنا 100 آلية عسكرية للاحتلال في 10 أيام    نهائي دوري ابطال إفريقيا: التشكيلة المتوقعة للترجي والنادي الاهلي    طقس اليوم: أمطار و الحرارة تصل إلى 41 درجة    العثور على كلاشينكوف في غابة زيتون بهذه الجهة    قانون الشيك دون رصيد: رئيس الدولة يتّخذ قرارا هاما    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    السبت..ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    ابرام اتفاق شراكة بين كونكت والجمعية التونسيّة لخرّيجي المدارس العليا الفرنسيّة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    داء الكلب في تونس بالأرقام    بينهم طفلان..مقتل 5 أشخاص نتيجة قصف إسرائيلي على لبنان    حلوى مجهولة المصدر تتسبب في تسمم 11 تلميذا بالجديدة    كمال الفقي يستقبل رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    جندوبة : يوم إعلامي حول تأثير التغيرات المناخية على غراسات القوارص    الصادرات نحو ليبيا تبلغ 2.6 مليار دينار : مساع لدعم المبادلات البينية    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فتح أم غزو افريقيّة.. الفكر الحرّ المعاصر؟
نشر في الشعب يوم 17 - 11 - 2012

منذ تركّز أركان الدولة الإسلامية في المغرب العربيّ والفكر الإسلامي يأخذ منحى جديد بحكم عناصر جديدة دخلت على الفكر الإسلامي الشرقي الوافد وما أضافه المكان وأهل المكان عليه. وتاريخ المكان الذي لا يزال شاخصا في عادات وتقاليد والاسنان. وكلّ ما يشكّل الذات المفكّرة في المغرب العربيّ أضف إليه ما تلا ذلك من حوارات البحر والبرّ مع العناصر المغايرة إمّا في سبيل استقطابها أو تحييدها وذلك أضعف الإيمان ساعتها.وهذه المغايرة هي ما يؤسس شخصيّة المغاربي في فهمه وتأويله للثابت والمتحوّل الديني والمتغيّر الفكري بمعايير يختلط فيها الثقافي ذي البعد الانساني المكتسب والذاتي الذي نشأ في ترابه فكريّا وعقائديا.
وهو خليط الحضارات التي تمتدّ إلى ثلاثة آلاف سنة تنوعت بين الشرك والتوحيد في الديانات الثلاث السماويّة وبعناصر عرقيّة تنوعت وتلاقحت حتى أصبح عنصر المغاربي هو نوعيّ ومميز وإن آمنّا بعروبته التي أسسها الإسلام واللغة التي عمّمت على ربوعه والاختلاط الدموي والعرقي الذي صاحب فتح إفريقيّة ومن ثمة الاندلس التي تاريخها منذ قرطاج لا ينقطع تواصله مع افريقيّة(التي تونس)في حركات مدّ وجزر.ولكن ما نراه اليوم من هجمة النفط على افريقيّة ليس بالغريب لو أعملنا الرأي في التاريخ القديم قليلا والحاضر كثيرا.فالشرق كان يعتاش على خيرات افريقيّة منذ (موسى بن نصير)والذي اكمل بقيّة حياته تحت اسوار دمشق متخفيّا في زى امرأة نتيجة عدم ارضاءه ولي العهد بهدايا قيّمة كالتي كان يهديها لخليفة الله على الارض من ارض افريقيّة الغنيّة والتي تجود بما لا تجود به الصحاري من خيرات وجواري ولم يشفع له ابنه الذي تولّى منصبه بعده ليوقف عنه مصائبه جراء الغنائم وما للغنائم من أثر في التاريخ الاسلامي منذ عهد الرسول الاكرم وحروبه الاولى ضدّ قريش.ولا نخفي أو نزيد حين نذكّر أن إفريقيّة هي مطمور الرومان.وذهب قرطاج ومقاتلة البربر الذي ينحدر من صلبهم طارق ابن زياد فاتح الاندلس وغيره كثر.ولكن وبعد زمن من النهب تحت شعار وبند الضرائب فقد التونسي المستعرب المسلم خيره وحلاله في سبيل شرق بني بهذه الاموال(في جزء منه حتى لا ننكر على بقية الأجزاء المفتوحة آنذاك ومساهمتها في بناء صروح ومنجزات الشرق التي يعدّها ألان آثاره الخاصة به والتي من إنجازه وبحرّ ماله)من القصور والمدن والصروح.حتى بلغ الأمر بخليفة الله على الارض أن يصرّح بمقولة هي الأعظم والأشدّ تعليما في كيفيّة إنشاء دكتاتوريّة الامبراطوريّة حيث قال»أمطري أنّ شئت فخراجك لي»والتي يعدّها البعض دليل عظمة لكن نسوا من الذي يداس حتى تعيش بهذا الحجم هذه العظمة. ولم يختلف الحال على أيامنا فباسم الدين ابتلع أهل حكم الشرق أهلهم فاستحوذوا على هبة الله لكل الناس في الجزيرة باسم الحكم الموهوب سماويّا لآل البيت فقط ويرمون الفتات لشعبهم بدرجات. حتى يضمنوا الصمت والولاء الاعمى(وحين أقول أعمى أعني بدون إعمال العقل)وذلك لأنّ الحاكم بأمر الله عرف بالخبرة كيف يمكن إسكات الرعيّة فجنّد الموالين ممن يدّعون في علم الله فلسفة حتى شرّعوا ما لا يرضاه الله حين قال أن الأمر شورى بينكم. وحين أعطاهم المثال تلو الاخر في تضامن الرسول الاكرم مع الفقراء على حساب الأغنياء من خلال حفظ الكرامة بالتشغيل وتعليم الصنائع وليس بالمن الذي يكون لأرامل لا عائل لهنّ. ولا أسرد حوادث من تقاسم كلّ ما يملكه مع المهاجرين وتلك كانت أوّل النماذج.ولن نزيد عن التذكير بزعيمهم ابن تيميّة حين نختصر مفاد قولته أن الخارج عن الحاكم بأمر الله وخليفته على الأرض(وهنا أمر الله ليس سوى أمره فالله لم يوح قرآنه ودستوره إلاّ لرسوله خير البريّة وليس لخليفة في طبيعته إنسان وغير معصوم ولم يشرح له صدر) هو يحلّ على من خرج عن هذا الذي يرغبون تجاوزا للشرعة تنزيهه إن لم أقل تأليهه وهذا عين الشرك. القصاص حتى وإن هتك العرض وسلب المال و..و..ومن هذا الإطار كان ميلاد الفكر الوهابي الذي عصّر هذه الآليات لحساب الزمن الحديث.لكن لماذا هذه العودة لفتح إفريقيّة مرّة أخرى. هل لأنها كافرة وخرجت أو ارتدت عن الاسلام؟ما الذي دفع بآل سعود وجنديهم حمد لهذه الالتفاتة (الكريمة)وفي هذا الوقت بالذات من قيام ثورة شعب قتله الفقر والنهب والسرقة من داخله؟ هل تونس بلد الكفّار حقّا؟كلّ هذه الأسئلة هي تطرح نفسها على كلّ من يعمل فكره في أحداث مسار من جنوا بقدرة قادر نفطيّ الحكم(الشرعيّ بانتخابات هي من عمل الكفّار إذ الحاكم في الإسلام يولّى مشورة ولا ينتخب. وبديمقراطيّة الكفّار إذ أنّ الديمقراطيّة وإعمال العقل مثار للهرطقة والزندقة وهي سبيل الشكّ. والشكّ كفر يقام لأجله الحدّ.فكيف رضي هؤلاء بواقع الكفّار وعناصرهم السياسيّة ولأجل ماذا وخدمة لمن ولماذا.؟)إنّ المغرب العربيّ تمادى مع مفكّريه الحداثيين ورموزه الفكريّة في أعمالهم واجتهادهم الفكري. ما بدأ يؤثّر (سلبا حسب رأيهم وإيجابا لمن يدرس حقيقتها وحقائقها) ليس على الفكر الاسلامي وإنما على ديمومة ملك حكّام المشرق فهو لا يكتفي بفضح التاريخ وقرأته بوجهة علميّة ثابتة الأركان والحقائق تحليلا ودراسة واستنادا على وثائق التاريخ الاسلاميّ ذاته فيما ورد عن علماء ومفكّري الإسلام القدامى واستنادا على أحداث التاريخي الاسلامي خصوصا بعد وفات الرسول الاكرم.وأذكر هنا الدكتور هشام جعيط ويوسف الصدّيق وغيرهما من تونس والدكتور محمد أركون من الجزائر ومحمد عابد الجابري والعروي من المغرب الأقصى وبعض كتابات الصادق النيهومي من ليبيا والتي أثرت في بعض كتاب مصر كالسيد القمني ونصر حامد أبوا زيد وحسين مؤنس وغيرهم.وأعتذر لمن نسيت ذكرهم.ولكن اعتمد الطرف المقابل في صراعه الفكري إلى ثلاث أسلحة تلاقت مع أسلحة المستعمر الأصلي لهم ولنا وما كان يصرف عليه وحده أصبح يصرف عليه من بيت مال المسلمين. فعوض المحاورة الفكريّة الجادة وهم أدرى الناس أنهم الخاسرون وبالتالي حكمهم إلى زوال ونفطهم سيؤول لشعوبهم الفقيرة رغم كلّ ما يظهر في الصور المبرمجة سلفا في وسائط الإعلام.تحوّلوا إلى سلاح علّمه إياهم مردوخ وهو الإعلام وبسياسة جذب محكمة. إذ في البداية كانت قنوات لهو وحتى إباحيّة تحوّلت سريعا إلى قنوات لتعليم الدين.لكن من الذي يعلّم وما الذي يعلّم؟ ومن أي خلفيّة ينهل المعلم؟ وكم يتقاضى على دوره ذاك؟خصوصا ونحن أعلم الناس أن العرب لا يقرؤون وإنما ثقافتهم هي ما يسمعون بغض النظر عن ما يسمعون ومن أي شخص ومصدر وما درجة علميّة وصدقيه هذا الذي اختير لدور التعليم وخصوصا لأهمّ عنصر في حياة المسلم دينه الحنيف؟وهذه النقطة الثانية هي ما تركه المستعمر البريطاني على وجه الخصوص للمشرق وما رغب في تكريسه الامريكان لبقيّة العرب بعد تفطّنه أن جزءا من العرب بقي نابضا بفضل فرنسا القديمة إبّان ثورتها الفكريّة على وجه الخصوص إثر الحرب العالميّة الثانية والتي أثرت في مستعمراتها. وإثر المدّ الثوري الذي ساند حركات التحرر الوطني والذي مثّله الاتحاد السوفيتي.فالبريطانيين كانوا ينتقون من يعلّمون أمّا فرنسا فكانت في محاولة فرنستها لا تمييز لكن نسوا دور المد العروبي الذي فرض على تونس أن تبق متجذّرة في جبّتها العربيّة الإسلاميّة وأن ما قام به الإصلاحيين(رغم تعاطيهم الانتهازيّ وحتى فيه عمالة دونها التاريخ وحفظها لهم خصوصا عند تطوّر الفكر الثوري التحرّري) لم يكن سوى عمليّة تحديث للوطن من منظور التلاقح الفكري الإنساني الذي سنرى في فقرته الخاصة كيف يراد قتله ومنذ ابن رشد وحتى قبله.ولم يكتفوا بهذه الاليات في حربهم بل اتسعت رقعة الاستقطاب إلى التجنيد في سبيل قضايا صبغوها بالإسلام في الوقت الذي هي حرب أمريكا والامبرياليّة والصهيونيّة ضد المد الاشتراكي الثوري الذي مثّلته المنظومة الاشتراكيّة العالميّة.رأينا ذلك في أهمّ وأبلغ تجلياته أفغانستان وإنشاء تنظيم القاعدة وبدون أن أدخل في تفاصيل إنشائه وتمويله والشخصيات التي تقود سفينته ومهازل عملياتهم المشبوهة التي تكون مستندا لاستعمار البلاد العربيّة وآخرها وليس آخر العراق الذي يتباكون عليه الان من كانوا في 91 و2003 في الصفّ الأمامي لقتاله(وهنا لا أبرر فترة حكم صدّام وما دار فيها من طغيان ودكترة أكثر من المبررات التي ساقها الزمن)كانت ومنذ التاريخ القديم أرض إفريقيّة أرض فكر تلاقحت في فيئه الرؤى والأفكار الإنسانية في تجليات الديانات بداية ثم الإنساني عامة ورغم ما أصاب التاريخ من خراب وتخريب وتدمير متعمّد إلا أن الشواهد فتحت ملفات عديدة وخصوصا ما دوّن في دفاتر الإغريق والرومان ثم ما بقي من ما لم يحفظ عن قصد من ذاكرة فكر تونس حتى أننا حين نقول ابن خلدون حتما لم يكن يناقش نفسه ليصل إلى ما وصل إليه من استنتاجات وأفكار ولم يتعلم ما تعلمه لوحده ليبلغ ما بلغ من العلم ولا أزيد في هذا المجال لأن الباطل بين، كما الحق بين.لذلك كان يجب قتل الشخصيّة التونسيّة فغيب أول ما غيب عنها تاريخها الذاتي في المدارس عدى ما رحم ربي من ما كان فضيحة. لو لم تعلمه الناشئة وما لم تتعلّمه من كنوزها التاريخيّة وأقصد عدى عليسة وحنبعل وطارق ابن زياد. صدربعل وحنون وسوفونيسبا وكسيلة والكاهنة وأبوا المهاجر دينار.. صاحب الحمار وثورته..الصنهاجيين والأغالبة والقرطاجنّي وابن رشيق أو المهديّ وابن نصير والزير سالم والهلاليّ...إلخ... ولماما بعض تاريخ تونس إبان حكم البايت لينتهي العدّ عند استعمار تونس ونجد تاريخ ما سمي جزافا الحركة والوطنيّة لأنه وبالرجوع إليه سيكتشف من له لبّ أنه تاريخ ركّب ووظّف لشخص معدّ للعبادة وليس لإعمال النظر في تاريخ أمّة. إن لم أقل شخصيات تتمحور لتنصهر وتذوب حول وفي شخصيّة المجاهد الأكبر والزعيم الأوحد و..و..و.ومما زاد الطين بله وأفرز جيلا لم يتعلّم سوى تاريخ مرئي هو تاريخ الشرق في كلّ تفاصيله من مسلسلات وأفلام موجّهة تكون كلّ ما أريد للعربي اليوم معرفته فلو سألت الشعب العربي عن عدد الملل والنحل في الإسلام ولماذا قضي عليها وعلى تراثها الفكريّ. وليس كفّرت وحسب وبحد السيف سيخبرونك أنه اتقاء لشرّ ما هو في النهاية شرّ عليهم لأنّ الإقناع يعجزهم عن الحجاج وتقديم البيّنة جعلهم يهرعون للسيف وهو محرر وجودهم وفارضه على شعوبهم وأكتفي بهذا المثال لضيق المجال.
إذا التقت إرادة الحاكم بأمر الله أخيرا. بأمر ومبتغى المستعمر فزرعوا فينا ما كانوا يرعرعوه في ترابهم ويصرفوا عليه لمثل هذا اليوم فهل؟ولكم طرح السؤال بالشكل الذي تريدون.
فللسائل أن يسأل لماذا كلّ هذه الجمعيات الخيريّة في العالم أولا ثمّ سبب وجودها في تونس؟وهل قامت الثورة ليمنّ علينا أحد برغيف لبعض يوم يشاءه هو ويرضاه أم لاستقلال الرغيف عن سوق المضاربات السياسية وتثبيت كرامة المواطن في بلاده من خلال كسبه لقوته من فعل يده؟ في الزمن القريب تحوّلت بلاد المهجر والتي يقصدها المهاجوين العرب الهاروين من فقرهم وشطط العيش في بلدانهم(خصوصا من الطبقة الكادحة ذات المستوى التعليمي البسيط)إلى ساحة رئيسيّة للاستقطاب السياسي الوهابي فهم سيد العارفين بأن مفاتيح العيش في أوروبا وغيرها يلزمها زمن من البحث والكدّ لبلوغ الاستقرار النسبي ولهذا كانوا هم حاضرين بالجمعيات التي يحتاجها في هذه المرحلة كسند ومرجع ينجي من العودة فارغ الوفاض إلى بداية الرحلة ومقابلة كل وجبة درس ضمني أو صريح يتم من خلاله زرع الفكر الوهابي في صفوف من سيكونون فيما بعد الصفّ الامامي لا لتمويل التواصل وحسب للمشروع وإنما لكسب المزيد من خلال الرابط الدموي في صفوف المهاجرين الشرعيين وغير الشرعيين الذين يحمون ويرعون حتى يشتدّ عودهم ويدمجون في الدورة الدمويّة ولأن الوفاء طبع عربيّ وإنسانيّ عامة يبقى هؤلاء حبيسي تذكيرهم بمن رعاهم وقدّر عليهم رزقهم(هنا يصبح خطاب تقدير الرزق الوهابيون وليس الله أليس هذا قمّة الكفر؟)ومنهم من ينتهي به المطاف في حرب لا ناقة له فيها ولا بعير مثلما أسلفنا في المقال السابق ونضيف فقط.سؤال. إن كانوا جادين في مسعاهم لماذا لا نسمع عنهم في فلسطين وهم الأشداء على الأعداء الضراغم العتاة في البأساء؟لماذا لم يحرر جند الله قبر عبد الوهاب ذاته المقبور في القدس؟وهي التي تعيش تحت رعاية وحراسة اليمين الغربي الصهيوني وبمراقبة ومعرفة كلّ كبيرة وصغيرة وكما نقول في تونس(منهم فيهم)أي تأتيهم الأخبار من ذات البيت والخليّة.وبمباركة ورعاية حكام متآمرون.ذات هذه الفكر من تأسيس الجمعيات الخيريّة لرعاية الفقر بدل الحاكم الذي هو المطالب برعايته تحت شعار التكافل والتآزر الشعبي الناتج عن العجز الحكومي.نشأت بكثرة تثير انتباه الخاص والعام وتتزاحم على لعب هذا الدور أطراف اليمين التاريخيّة التي سرقت واستثرت على حساب الكادحين منذ الاستعمار إلى يوم الناس هذا وإن اختلفت العناوين فكل حسب ما يتوفّر له آنيّا فاليمين الذي زرعه الاستعمار الليبرالي يدخل البيوت عبر تلفزاتها والآخر عبر النزول إلى المستنقعات من الأحياء الشعبيّة والفوضويّة التي خلّفها اليمين الليبرالي وراءه وهي من الكثرة بحيث أصبحت أحد أهم الأسلحة الموجّهة ضدّه. وهنا لا تسأل عن التمويل الذي بعث به الله هدية للفقراء ولم يبعثه في الميزانيّة ليبني المصانع ويوفّر الرزق الحلال.ولأن الأرضيّة سانحة فالنظام البائد عوّد هؤلاء على هذا النمط من بسط اليد وانتزاع الكرامة عبر الرزق البارد(واللقمة الباردة كما نقول في المأثور الشعبيّ) وهذا ما يريدوه من المواطن أن يعود إلى سباته بينما يشترون هموا البلاد في أهم مفاصلها تحت شعار الرأسمال الموعود الذي سيبني جنّة تونس التي يرعاها الله.بينما شعبها يرعى في أرض(الرأسمال الجبان) هذا الذي يسحرهم آنيا بورعه الذي لم يقتنص من النص المقدّس سوى ما يرضي العقول البسيطة ويقنعها بأن الله هو من قدّر عليها أن تمدّ يدها للاحسان وأن الله يختبر صبرها في الدنيا وسيجزيها في الآخرة وأن هو الله الذي قدّر على غيره غناه ليختبره أيضا في الدنيا والحال أن الرسول الأكرم كان أول درس للمسلمين حين لم يتفرّغ للرسالة رغم أنه كان أهل لذلك لكنّه كان يعمل لقوته وقوت أهله ويكدّ ويعطي المثال تلو الآخر على الكدح ولنتذكّر كلّنا كيف أنه لم يرضى القعود عن العمل في بناء بيت الله الأول مسجد رسوله محمّد النبيّ ولم يكن صحابته بأحسن منه في ذلك. لكن يغيّب كلّ هذا لمصلحة الاستقطاب الذليل ومسك الخلق من أعزّ ما فيهم كرامتهم التي يضمنها رزقهم وإن اكتملت كرامتهم فلا مكان لهم وهم أوّل العارفين بذلك على مرّ التاريخ ولكن علمهم هو ما علّمهم سيدهم الأول الذي سنورد دوره.فالأصل ومنبت كلّ هذا الأسلوب رغم ذكر التاريخ العربي له في تفاصيل محدّدة.إلاّ أن اعتماده المعاصر كان من خلال التجريب الاستعماري في مستعمرات محدّدة متميزة بالفقر المستشري. ثمّ طبّقها في بلاده أيضا إلى أن أصبحت إحدى وسائله الاستقطابيّة من ناحية ومن ناحية ثانية إرضاء من لم يصلهم تدخّل الدولة وعجزها عن تحقيق ما انتخبت من أجل تحقيقه.والمثال استنسخ ونفّذ بنجاح حتى الآن نتيجة مخلّفات ما تربّى عليه بعض الشعب الفقير المعدم حدّ وجوب التدخّل العاجل عوض المنّ والتصدّق عليه بفتات يوم أو بعض يوم وثمّ بعد ذلك يترك للنسيان كما كان إلى حين الشعور بتطوّر غضبه يعودون من مدخل جديد متجدد.أهدا ما أمركم به ربّ العباد في الحكم الخلق والرعيّة والرعاع والسواد والشعث والغبر وغيرهم من أبناء هذا البلاد مهما أسميتم؟
فهل هو فتح أم غزو ما نعيش يا أولي الألباب؟ وهل؟أترك لكم التفكير في باقي الأسئلة إلى أن يجنّ اللسان مرّة أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.