فقدت مدينة الرديف المناضلة ثاني مدن الحوض المنجمي بولاية ڤفصة في المدّة الأخيرة ثلاثة مناضلين من خيرة أبناء الجهة ومن الرجال البررة توفتهم المنية بعد مسيرة طويلة من النضال والكفاح والعمل الدؤوب والعطاء المستمر إلى آخر مراحل حياتهم، قدّموا من خلال مشوارهم النضالي الحافل بالتضحيات والمعاناة والمجهودات والخدمات الجليلة وتحمّلوا العديد من المسؤوليات المحلية والجهوية والوطنية واعطوا لهذا الوطن من جهدهم وعرقهم وصحّتهم الكثير ولمدينة الرديف بالخصوص أفضل العطاء وأوفر السخاء في إطار الحبّ والولاء للوطن تونس الخضراء. 1 المرحوم الحاج مصطفى العفاس: من مواليد 1943 أصيل مدينة صفاقس مولدا ونشأة قدم إلى الرديف في أوائل الستينات شابا يافعًا واستقرّ بها ودفن في ترابها امتهن التجارة وكسب منها الكثير بفضل مثابرته واستقامته وجدّيته وتعلّقه بهذه المهنة الشريفة، وتدرج في مراتب التجارة واستثمر في عدّة مشاريع كانت لها مردودية ومنافع جمة على مدينة الرديف وجهة ڤفصة. كان رحمه اللّه رجل خير وسخاء يمدّ يده المعطاء بدون منّ ولا جفاء في كل وقت وحين وفي كل المناسبات التضامنية والأعياد الدينية، رمّم العديد من المساجد وساهم في بنائها وتأثيثها. تحمّل الفقيد عديد المسؤوليات في الاتحاد المحلي والاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة وفي المكتب المحلي للتضامن الاجتماعي وفي جمعيات المعاقين والقاصرين عن الحركة العضوية، ترك أربعة أبناء منهم من سلك مسلك والده ومنهم من امتهن الطب والتعليم. 2 المغفور له إن شاء اللّه بلقاسم الحسومي المرزوقي: أستاذ تعليم ثانوي من مواليد 1950 بالرديف مناضل ذو عزيمة قوية.. مخضرم.. طموح.. شاعر وأديب، منذ شبابه كان حركيا.. حيويا.. ناشطا، دفعه طموحه إلى مواصلة تعليمه الجامعي بعد أن تحصّل على شهادة الباكالوريا من الجزائر ثمّ انخرط بكلية الآداب والعلوم الانسانية بتونس حيث تحصّل على الإجازة في الآداب العربية في الوقت الذي كان يشتغل قيما عاما بأحد المعاهد الثانوية، قاده طموحه من معلم إلى قيم عام ثمّ أستاذ ثمّ ناظر دراسات ثمّ مدير المدرسة الحرّة الثانوية. تحمّل عديد المسؤوليات الحزبية والثقافية والتربوية والبلدية ثمّ انتخب عضوا بمجلس النواب لمدّة نيابية واحدة، ثمّ تمّ تعيينه معتمدا بمعتمديات: ماجل بنعباس من ولاية الڤصرين توزرالمدينة العلا من ولاية بنزرت بومرداس من ولاية المهدية معتمدا الشؤون الدينية بمركز ولاية المهدية ثمّ معتمدا أوّلا بمركز ولاية ڤبلي إلى أن تمتّع بالتقاعد، صاحب عدّة مؤلفات شعريّة، أسّس مجلّة ثقافية في بداية الثمانينات صحبة ثلّة من رفقاء دربه صدرت عن دار الثقافة بالرديف ثلاثية المصدر، أوّل من أسّس مدرسة ثانوية حرّة تابعة لمنظمة التربية والأسرة ثمّ أسّس فرعا ثانيا لمدرسة ثانوية خاصة. كان الفقيد يحلم بإقامة مشروع ضخم للطباعة والنشر تشع منافعه على المغرب العربي الكبير، المشروع انجز ولم يكتمل حلمه على المدى البعيد، خطفته يد المنون وهو مازال في عزّ العطاء وتلك مشيئة الحي الذي لا يموت. 3 المغفور له إن شاء اللّه المناضل: محمد البشير الأحول من مواليد 1922 بنفطة، ينتمي إلى قطاع الصحة العمومية مناضل من الرعيل الأول تحمّل عديد المسؤوليات الحزبية والنقابية والكشفيّة والشبابيّة والبلدية والصحيّة: ناضل ونشط في صفوف الحزب الاشتراكي الدستوري منذ شبابه بالتوازي مع انخراطه ونضاله في صلب الاتحاد العام التونسي للشغل «نقابات عمّال المناجم» كان من الأوائل الذين امتهنوا مهنة التمريض بالمستشفى المحلّي لشركة فسفاط ڤفصة بداية الأربعينات، انتمى إلى الكشافة الاسلامية التونسية منذ طفولته وتحمّل العديد من المسؤوليات القياديّة في صلب هذه المنظمة الشبابيّة العريقة وتدرّج في المسؤوليات بعد انخراطه في سلسلة من حلقات التكوين والدراسات المعمّقة في الميدان الكشفي على المستوى الجهوي والوطني والدولي. ارتقى إلى خطّة قائد فوج ثمّ انتخب عضوا في القيادة الجهوية والإقليمية. تحمّل مسؤولية رئاسة المكتب المحلّي للهلال الأحمر لعدّة سنوات ثمّ رئاسة المكتب المحلي للتضامن الاجتماعي بعد إحالته على التقاعد أسّس أوّل لبنة للمكتب المحلي لجمعية المتقاعدين بالرديف وتحمّل رئاسة المكتب المحلي لسنوات عديدة ثمّ انتخب رئيسا للمكتب الجهوي بجمعيّة المتقاعدين بجهة ڤفصة وواصل تحمّله المسؤولية الجمعياتية إلى أن داهمه المرض وأقعده عن الاستمرار في الحراك النضالي. تحيّة إكبار ووفاء وتقدير وإجلال لهؤلاء المناضلين الأوفياء البررة الذين قدّموا خدمات جليلة وتضحيات جسيمة لفائدة العباد والبلاد. رحمهم اللّه وتقبّلهم بقبول حسن وجزاهم خير جزاء. إنّا للّه وإنّا إليه راجعون.