الأخ بوعلي المباركي عضو المكتب التنفيذي الوطني ردّة الفعل الشعبية العفوية على الوفد الرسمي تعكس حالة اليأس والإحباط حضوري اليوم في سيدي بوزيد يأتي أولا بصفتي مواطنا تونسيا وابن هذه الجهة تحديدا وثانيا بوصفي ممثلا للاتحاد العام التونسي للشغل صحبة الأخوين أنور بن قدّور وعلي الزارعي ومجموعة من المناضلين النقابيين، جئنا للمشاركة في إحياء الذكرى الثانية للثورة بمدينة الثورة، ولكنني وللأسف لم ألحظ نتائج هذه الثورة في المنطقة، لم يتغيّر شيء بل أن الوضع ازداد سوء عمّا كان عليه. وكل ما أتمناه من المواطنين التونسيين وكلّ مكونات المجتمع حكومة ومعارضة وكل المجتمع المدني والجمعيات والمنظمات الدوليّة أن يبادروا إلى تكوين صندوق خاص (رغم كرهنا لكلمة الصناديق) لتنمية مدينة الثورة، لأننا بدأنا نلمس يأس الأهالي من الثورة، وما ردّة الفعل الطبيعية والعفويّة التي شهدناها اليوم في من الأهالي وجه الوفد الرسمي سوى انعكاس لحالة الإحباط واليأس، بعد أن شهد هذا الشارع ولادة الأمل وتفتح أبواب المستقبل الذي حلم به شباب الجهة وكل الجهات الداخليّة المحرومة الذين هبّوا في وجه الدكتاتوريّة والتهميش والبطالة وطالبوا بالحرية والكرامة والتنمية والتشغيل والعيش الكريم. لكن ما نراه اليوم يجري عكس أحلامهم سواء في سيدي بوزيد أوفي غيرها من المناطق. الثورة لم تحقق بعد أهدافها، وبدأت تبتعد عن مسارها وتفقد ثقة شبابها وخوفي اليوم أن تبلغ شدّة اليأس بهم أن يعلنوا ندمهم على الثورة التي فجروها بعزيمتهم وإصرارهم وهو ما يمثل انتكاسة خطيرة على الجهة وعلى تونس. عبد الرحمان بالصغير الكرمي (مواطن من سوق الجديد) ننتظر الانتخابات بفارغ الصبر علّها تأتينا بحكومة قادرة على تحقيق مطالبنا بعد سنتين من الثورة الأمور تتجه إلى الأسوأ وأصبحنا نشعر بالإحباط إذا ما نظرنا إلى الواقع الموجود وحالة الانحطاط التي يعيشها على جميع المستويات التعليم والتنمية والتشغيل وكثرة الوعود الكاذبة. وهو ما جعل المواطن يشعر بالاشمئزاز عندما يسمع باجتماع أو احتفال ولم يعد يصدّق المسؤولين عندما يتكلمون. نحن اليوم نشعر باليأس وننتظر الانتخابات بفارغ الصبر علّها تأتينا بحكومة قادرة على تحقيق مطالبنا، الانفجار اليوم الذي وقع في وجه رئيس الجمهورية ورئيس المجلس التأسيسي والوزراء كان منتظرا وردّة فعل من الشعب على الوعود الزائفة، خاصة إذا كان المسؤول لا يستطيع انتقاء كلماته لمخاطبة أهل الجهة والوصول إلى حدّ استبلاههم وهو ما يجعل الثقة مفقودة بين السلطة والشعب. لقد اصبحنا نشعر أن البلاد صارت عبارة عن غنيمة حرب يقتسمها الساسة بينهم وراء ظهر الشعب. الشاعر علي زمّور «اتقوا اللّه في هذا الشعب» فالأسعار التهبت والبطالة تفاقمت والناس جاعت أغلب الوجوه التي جاءت اليوم بصفة رسميّة للاحتفال بالثورة لم نراها سابقا بل إن بعضهم تورطوا سابقا مع التجمع ويكفي لكل واحد اليوم أن يلبس لحية أو يركبها ليصبح قيادة ثوريّة، ردّة الفعل المتشنجة اليوم التي واجه بها أهالي سيدي بوزيد الوفد الحكومي ورئيسي الدولة والمجلس التأسيسي تعود إلى أن الحكومة لم يقدم لهم شيئا. الناس ثاروا على الفقر والتهميش والبطالة فووجهوا بالمعالجة الأمنية التي أصبحت الفيصل بين الشعب والحكومة من سجن وإيقاف تحفظي واعتداءات وتعذيب والمراقبة البوليسية التي عادت مؤخرا بقوّة، والرشّ الذي التي الاعتداء به على أهالي سليانة من الممكن أن يتحوّل إلى منطقة سيدي بوزيد وقد حضرت مواجهات سليانة ورأيت إرهاب الدولة المقنن. الناس التي احتجت اليوم على الزيارة هم من الأهالي وأنزه الجبهة عن اتهامها بما وقع لأن ملتزمون سياسيا وشعاراتنا رفعناها بكل وضوح ولعلنا نجحنا في إقناع الأهالي بالمقاطعة الايجابية النشيطة لهذه الاحتفالية المزيفة. وارى ان السبب الرئيسي للاحتجاج تاريخ السيد مصطفى بن جعفر للثورة بيوم 14 جانفي عوضا عن التاريخ الذي حفر في صدور المناضلين في تونس وخاصة أهالي سيدي بوزيد 17 ديسمبر، وهو ما يفيد ان الحكومة تحاول تكريس تاريخ محدد لا يلزمنا ونعتبره تاريخ الالتفاف على الثورة. وأوجه نداء من سيدي بوزيد للحكومة وأقول لها «اتقوا اللّه في هذا الشعب» فالأسعار التهبت والبطالة تفاقمت والناس جاعت فكم يكفي من المال لمواطن عادي؟ فوزي الفالحي (مواطن من الرقاب) بعد عامين من الثورة لم أر شيئا تغيّر في وضعي الاجتماعي، أنا مواطن أحمل بطاقة اعاقة اسكن في منطقة ريفية بالرقاب في بيت يعيش فيه تسعة افراد في كفالة أخ، بعد عامين من الثورة لم أر شيئا تغيّر في وضعي الاجتماعي، بل زاد الوضع سوء تصوّر أنني أعاني من كسر منذ 15 يوما ورغم تمتعي بالعلاج المجاني فإنني غير قادر على اقتناء الدواء. الثورة والحكومة لم تقدم لي شيئا رغم كل الاتصالات بالمسئولين الجهويين المعتمد والوالي وتحولي للوزارة ولكن لم يسمعني أحد. رقم ملفي معروف في الوزارة 11067 ولم أتلقى ردا رغم عديد الوعود. لأجد نفسي مضطرا للعيش على الإعانات. كما أنني أستغرب من رئيس المجلس التأسيسي الحديث عن ثورة 14 جانفي في مهد الثورة سيدي بوزيد، هذا تزييف للتاريخ وحرمان للمنطقة من شرف تفجير ثورة 17 ديسمبر بعد أن حرمونا من التنمية والشغل. أنا لا أتبع أي حزب ولا أعترف إلا بحزب تونس رغم أنها لم تقدم لي شيئا لكنها تبقى غالية على قلوب كل سكان سيدي بوزيد. كريم بحيري (مصمم غرافيك) لم ننتصر بعد ولا تزال الثورة متواصلة أشرفت على رسوم المهرجان وصممت اللوحة الكبرى للشهيد محمد البوعزيزي بطول 10متر وعرض 8 متر وأثثت معرضا يخلد صورا للثورة بواسطة فنانين عالميين وهو عبارة عن 10 لوحات عالمية، وأغلفة لمجموعة من الكتب لكتاب عالميين حول الشهيد محمد البوعزيزي ووثقناها في شكل عشرة أبراج وتركنا مساحات فارغة لفناني الغرافيك والفنون التشكيليّة ليتموا توثيق الحدث بلوحات أخرى. بعد سنتين على الثورة لم يتغيّر شيء في سيدي بوزيد لأن المخاض الذي نعيشه عسير جدا وهو ما جعلني أضع شعارا لهذه الاحتفالية بعنوان «ثورة حتى النصر» وهو تعبير على أننا لم ننتصر بعد ولا تزال الثورة متواصلة. شوقي الحيدوري (مواطن من بوزيان) رغم تغيّر الأسماء والوجوه في السلطة لا تزال دار لقمان على حالها في تقديري لم يتغير شيء اليوم في سيدي بوزيد لأنّنا كنّا نعتقد عند انطلاق انتفاضة 17 ديسمبر انها ثورة لكنها للأسف الشديد لم ترتقي إلى مستوى الثورة في الواقع، وإنما كانت بمثابة الهبّة الشعبيّة بدليل أننا اليوم وللعام الثاني من انطلاقتها لم تتغير المنظومة رغم تغيّر الأسماء والوجوه في السلطة ولا تزال دار لقمان على حالها ان لم تكن أسوأ حالا، الى اليوم نحن لا نشعر بوجود ثورة في البلاد بل إننا نشهد التفاف على تاريخ هذه الثورة عن قصد من خلال تغييب تاريخ 17 ديسمبر في ذهن المواطن وفي الذاكرة الوطنيّة وفي التاريخ الرسمي، ولكننا ماضون في استكمال مسارنا الثوري لتحقيق أهداف ثورتنا ولن ينجحوا في الالتفاف عليها لا من خلال المجلس التأسيسي ولا من خلال الشرعيّة والشعارات الواهية، فالمواطن اليوم أصبح يعرف معنى الثورة ويدرك أنها لم تنته بعد ولا يمكن اختزالها في احتفالية رسمية وهميّة. عماد حيدوري (عضو سابق بالهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والانتقال الديمقراطي) 17 ديسمبر يعتبر تاريخ الثورة الحقيقي فالثورات يؤرخ لها ببداياتها لا بنهاياتها دخلت الهيئة العليا في إطار تفجيرها مع حوالي 23 عضو قاتلنا من أجل منع الالتفاف على الثورة، بعد سنتين لا تغيّر في الوضع رغم نجاح السياسيين في الالتفاف على الثورة سياسيا ولكنهم فشلوا على المستوى الاجتماعي، علينا اليوم التصدي لمحاولة إخراس الأصوات المحتجّة وأدعو الشباب الثوري وكل القوى والمنظمات التقدميّة إلى التوحّد وصياغة برنامج تنفتح به على القاعدة الشعبيّة وتقدم مشروعا وخاصة على المستوى الثقافي للنهوض بالوعي الشعبي والارتقاء به. ما رأيته اليوم من احتجاج على رئيس الجمهورية ورئيس المجلس التأسيسي والوفد الحكومي أمر طبيعي وردّة فعل متوقعة، فلم يكن من المفترض أن يكون إحياء الذكرى تحت عنوان احتفال رسمي وأن توجه الدعوة إليه لأبناء المنطقة من خلال استدعاء رسمي، وإنّما كان الأولى أن يكون مهرجانا لاستكمال الثورة والتذكير بأهدافها التي لم تحقق بعد والدعوة إلى استكمالها. كما أن الالتفاف تم كذلك من خلال تهميش حدث 17 ديسمبر الذي يعتبر تاريخ الثورة الحقيقي فالثورات يؤرخ لها ببداياتها لا بنهاياتها، لكننا نلاحظ أن الثورة لم تنتف والمخلوع فرّ ولكنّ نظامه لا يزال يحكم إلى اليوم وسيستمر إلى سنة 2014 فالدستور لم يرفع بعد والمراسيم التي نعمل بها هي مراسيم بن علي وهو ما يجب أن يعلمه الشعب التونسي وادعوه إلى المطالبة باسترجاع المخلوع لأنه لا يزال يتحمّل صفة رئيس جمهوريّة. بل إنّ بعض الوزراء صرّح بأن الانتخابات ستتم في 2014 تاريخ انتهاء حكم بن علي ونلاحظ المجلس التأسيسي تحول من صفته التأسيسية إلى الصفة البرلمانيّة. رضا بالحاج (رئيس حزب التحرير) الثورة أكبر من هذه المنظومات السياسيّة الموجودة اليوم والمتهافتة والظرفيّة في تقديرنا السياسي فإنّ 17 ديسمبر 2010 أعطى قادحا للناس التي أصبحت متهافتة على الأخبار وشعرت بأن هنالك منعرج سيحدث وقد أتى، وهو ما يجعل لهذا التاريخ رمزيته وكان أهلنا في سيدي بوزيد سباقين في ذلك سواء بشهدائهم أو بجرحاهم أو بالذين قدموا ولم يلحقهم أذى مم اخترقوا منظومة الجبن. وهو ما يدفعنا للقول بان الثورة أكبر من هذه المنظومات السياسيّة الموجودة اليوم والمتهافتة والظرفيّة، فنحن أمّة إسلامية وهذا البلد جزء من هذه الأمة التي تعيش مسارا كاملا خاصة وقد أكرمنا اللّه بعد تونس ببلدان أخرى مما بيّن أن المسألة تهم منطقة ومرحلة ومنطقة وليست مسألة جهة أو مطالب يمكن إشباعها. علينا أولا أن نحسم هل هي ثورة أم لا، فالجميع ركبها وتبنى عنوانها في حين أنها تتطلب قدرا من التضحية فقد كان من الممكن لهذه الثورة أن تنتهي في الجبال بعيدا عن قصور الرئاسة. التهافت على الجوانب المطلبية من الناس معقول في حدّه المعاشي، لكن أن يجعل السياسيون الثورة محصورة في هذه المطالب فقط ويزايدون بها وهم يعرفون الوضع الذي تمرّ به البلاد فهذا يعتبر مغالطة سياسيّة. مغالطة من الحكومة التي وعدت وقصرت ومغالطة من النخبة السياسيّة التي تهافتت على المطلبيّة منذ الأسابيع الأولى وهي وان كانت معقولة فهي ليست في وقتها. ولكن هذا لا ينفي أن على العديد من الشرائح الاجتماعيّة المحتاجة أن تواصل مطالبها، فلو تغيرت الأولويات ولو بالإمكانيات المحدودة للدولة سنستجيب للعديد من المطالب ومنها فتح ملفات الفساد المالي ونغير ملفات الاستثمارات والارتباط مع الأجنبي التي ترزح على قلوبنا نستطيع أن نحقق بعض الكفايات الممكنة في هذا الإطار الضيّق فما بالك لو اعددنا الناس لمسار ثوري طويل يمكنهم مما يورثون به أبناءهم وأحفادهم الخير الكبير. نعيش وضعيّة اعتمال نريده أن يكون ايجابي بعد أن ننزع منه التدخل الأجنبي وحالة الفوضى التي يريدها البعض وهي عمل مخابراتي بامتياز ونترك الناس تتحاور دون مكائد سياسيّة وهو ما يجعلنا نسير نحو الخير والبدائل السياسيّة الصحيحة التي نحبها وهي الإسلام. ناجح العبيدي (كاتب عام المكتب الفيدرالي بالمعهد الأعلى للفنون والحرف بسيدي بوزيد) لقد أصبحنا فئران تجارب بالنسبة للحكومات المتتالية شاركنا في إحياء ذكرى 17 ديسمبر من خلال تظاهرة طلابيّة ضدّ العولمة وضد الصهيونيّة أثثناها بورشات فنيّة وحفلات موسيقيّة لفرق تونسية وأجنبية نظمها الاتحاد العام لطلبة تونس، وقاطعنا الاحتفالات الرسميّة. لا شيء تغيّر بعد سنتين على الثورة في مدينة سيدي بوزيد فالوجوه نفس الوجوه ولكن الدكاكين السياسيّة كثرت يصطفون أمامها كثر، بعض الوجوه كانت مناضلة ولكن جرفها السيل (هزّها الواد). لنعد إلى البداية فما وقع في تونس من 17 ديسمبر إلى 14 جانفي 2010 ليس بثورة ولا هو بالانتفاضة بل هو حراك اجتماعي كان من الممكن أن يتوّج بإسقاط نظام بكل خارطته السياسيّة والاقتصادية والاجتماعية والثقافيّة، لكن ما وقع أن يوم 14 جانفي تمكنت القوى الأجنبيّة من الالتفاف على هذا الحراك بتواطؤ من الأحزاب والنخب السياسيّة التونسية التي بقيت تنظّر في المقاهي وتركت الشباب وحده في الشارع مع القوى الثورية الراديكاليّة والجماهير الشعبيّة في المناطق الداخلية مثل القصرينوسليانةوسيدي بوزيد. ما تغيّر أن 7 نوفمبر كانوا يحتفلون بها ليوم واحد أمّا اليوم فذكرى 17 ديسمبر صاروا يحتفلون بها على امتداد أيّام 15 و16 و17 و18 ديسمبر في ظلّ غياب أيّ مقومات للتنمية في سيدي بوزيد وغياب المشاريع، حتى معمل الحليب الذي بشرونا به تبيّن أنّه مجرد مجمّع يعمل لصالح شركة ديليس. بالنسبة لنا كطلبة في سيدي بوزيد خضنا عديد الإضرابات منذ بداية السنة الدراسيّة للمطالبة بالترفيع في النسبة المخصصة للبحث العلمي في تونس التي لا تتجاوز الواحد بالمائة، وتساءلنا هل تستطيع هذه النسبة تخريج كوادر للبلاد ؟ وماهو نصيب سيدي بوزيد من هذه النسبة ؟ يبدو أن السلطة تتعامل مع الطلبة كأرقام بل كمصدر للتمعش من المنظمات الدوليّة. في حين أن الطالب التونسي يتحمل قرابة 60 بالمائة من تكلفة التعليم ويتحدثون عن مجانية التعليم في الوقت الذي لا يتمتع فيه بالسكن وبالمنحة الكافية التي تحرمه منها على هزالها الشروط المجحفة التي تضعها الوزارة باشتراط الدخل السنوي للأب. لقد أصبحنا فئران تجارب بالنسبة للحكومات المتتالية. في الأخير نقول طالما لم يتم محاكمة قتلة الشهداء وعزل رموز الفساد ورجال الأعمال الفاسدين الذين امتصوا ثروات الدولة والذين تم التفريط لها في آلاف الهكتارات من الأراضي الفلاحيّة، في ظلّ غياب دور الدولة الكلّي في تحمل مسؤوليتها على مستوى الصحة والتعليم والتشغيل والتنمية الجهويّة، فإن الجماهير ستبقى تنتفض وتردّ الفعل على الحكومة كما وقع اليوم في بوزيد. الفنّان الملتزم لزهر الضاوي ثورتنا مختطفة ونحن نسعى إلى استرجاعها جئت إلى سيدي بوزيد لإحياء هذه الذكرى المجيدة ومشاركة أهالي سيدي بوزيد وكل من يؤمن بالثورة في الاحتفال بهذه الذكرى العزيزة علينا بمهد الثورة وفي هذا التاريخ الذي له دلالاته، جئت محملا بالكثير ولكنني لم أستطع أن أنجز إلاّ القليل وخاصة وان رحلتي طويلة مع الفنّ الملتزم الذي يقدّم رسالة للناس تدعوهم الى النضال ضد الظلم والفقر والجهل من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة والتقدم والفنّ الجميل، لمست تفاعل الجماهير مع أغاني رغم أنني لا ازال بعد الثورة أعيش التهميش والإقصاء من الإذاعات والفضائيات ولم يتم تمريري سوى مرة واحدة في التلفزة الوطنيّة بعد 23 سنة حضيت خلالها بربع ساعة. ويبدو أنه يحبذون الاحتفال بالثورة بفناني العهد السابق خاصة وان الشقّ الآخر الذي يتمترس مع الشعب لم يقف بعد على قدميه للإحاطة بالفنانين من أمثالي ليكونوا ناطقين بالكتلة الشعبية الضخمة التي تناضل منذ سنين وسنين لتحقق العدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطيّة، وهي أهدافنا التي حملناها بين ضلوعنا منذ أيّام الجامعة وانتفاضات العمال في الداموس وفي شركة النقل والتي كتبت فيها الشيء الكثير ولكنني إلى اليوم لا أعلم متى سيتمّ الإفراج عن كل ذلك واكتفي ببعض الفرص التي تتاح لي مثل هذه لإخراج ما يختلج في صدري ولكن العمر يجري وأخشى ما أخشاه أن لا أنجح في التعريف بهذا التراث التي ألفته منذ الحركة الطلابيّة وأصبح مجهول ينسب لغيري ولتراث الحركة الطلابيّة وهو من إنتاجي الشخصي. ثورتنا مختطفة ونحن نسعى إلى استرجاعها من قاع البئر وهي ليست بالمهمة السهلة بل هي شاقة جدا ويجب على كل القوى التقدميّة أن تستعيدها. رسالة موجهة إلى الشباب ويجب أن نترك لهم أمانة سالمة ليأخذوا عنّا المشعل لبناء تونس التي حلمنا بها، تونس الحرّة والديمقراطيّة والتقدميّة.