يُحيلنا تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل إلى بُعدين رئيسيين: البعد الأوّل ويخصّ الوظيفة الاجتماعية للاتحاد وتتمثّل في دفاعه عن الطبقة الشغيلة وكذلك مساهماته بوصفه طرفًا أساسيًّا في التنمية. أمّا البعد الثاني فهو بعد وطني يسهم من خلاله الاتحاد في تحقيق الاستقرار السياسي من خلال دفاعه عن الحريّات والديمقراطية وإذا حاولنا الآن أن نربط بين لحظة التأسيس واللحظة الرّاهنة فإنّ الاتحاد سيجد نفسه في سياق الانتقال الثوري الديمقراطي مطالبًا بالتمسّك بالبعدين السياسي والاجتماعي وذلك نظرا إلى حجم التحدّيات التي تواجه البلاد في هذه المرحلة الدقيقة حيث أنّه لا يمكن تحقيق الاستقرار الاجتماعي إلاّ متى لعب الاتحاد دورًا محوريا في تأمين حقوق منظوريه وربط هذه الحقوق بالامكانيات الفعلية المتوفّرة وفي ضوء حماية استقلالية القرار الوطني ما يعني أنّ الاتحاد يجب أن يتعامل بمسؤولية تجاه خصوصيّة المرحلة الانتقالية التي تتسّم بعدم الاستقرار على غرار ما جاء في عديد الثورات ودون أن يتخلّى عن الحدّ الأدنى من ثوابت العمل النقابي والثوابت التي تأسّست عليها المنظمة. كذلك للاتحاد دور في تأمين منسوب الحريّات الأساسية إذ بدون هذه الحريّات تصبح كلّ المعادلة التي يجب أن تُبنى عليها المرحلة مهدّدة نظرا إلى التلازم الجوهري بين التنمية والديمقراطية. ولن يتجسّد هذا التّمشّي الاّ من خلال التزام الاتحاد بتفعيل العقد الاجتماعي الذي تمّ امضاؤه وثانيا بإعادة احياء وتنشيط مبادرة الحوار الوطني التي أطلقها وبقيت دون نتائج وبضرورة الارتقاء بالعلاقات مع مكوّنات المجتمع إلى مستوى الشراكة الفاعلة والاستراتيجية. شوقي الطبيب: المحامون والاتحاد من بورقيبة وحشاد إلى الاطاحة بالدكتاتورية لاشكّ في أنّ العلاقة بين الاتحاد العام التونسي للشغل وسلك المحامين متجذرة في التاريخ منذ بدايات الحركة الوطنية (بورڤيبة وحشاد) ثمّ استمرّت هذه العلاقة بأكثر فاعليّة عندما اصطفت أعداد كبيرة من المحامين الشرفاء والأحرار للدفاع عن المرحوم الحبيب عاشور والقيادات النقابية الشرعيّة في كلّ المحن التي مرّ بها الاتحاد لتتواصل هذه العلاقة وطيدة في كلّ المحطّات النضالية وخاصّة منها تلك المتعلقة بالحريّات والديمقراطية وحقوق الانسان. وقد تكون هذه العلاقة وصلت أوجها عندما التقت هياكل الاتحاد وقياداته بمنخرطي عمادة المحامين أثناء المسيرات والاحتجاجات والاضرابات التي أسّست لرحيل الدكتاتورية واسقاط نظام بن علي وقد كانت مقرّات الاتحاد ومقرّات المحامين والمحاكم منطلق إعلان ثورة الحريّة والكرامة ليكتمل المشهد بعد فرار الرئيس المخلوع وتلاقي الاتحاد العام التونسي للشغل وعمادة المحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وبعض الأحزاب السياسية في مقر الاتحاد النقابي لعمّال المغرب العربي في اجتماعات دوريّة أفرزت المجلس الأعلى لحماية الثورة ودفعت باتجاه إصدار العديد من المراسيم المنظمة للحياة السياسية بالبلاد وتمّت انتخابات 23 أكتوبر وتأسّس المجلس الوطني التأسيسي وبقي الاتحاد والعمادة ومكوّنات المجتمع المدني والسياسي مراقبًا لعمليّة الانتقال الديمقراطي بالبلاد من أجل حماية الحقوق والقانون والمؤسسات وربّما تجسّد ذلك في المبادرة التي أطلقها الاتحاد للحوار الوطني مسنودًا بصورة خاصّة من عمادة المحامين والرابطة وبعض الأحزاب التي نعتقد أنّها ستواصل عملها مجتمعة من أجل تنمية اجتماعية عادلة ومساواة حقيقيّة. أحلام بالحاج (النساء الديمقراطيات): الاتحاد مطالب بتفعيل دور النساء في المجتمع الاتحاد العام التونسي للشغل منظمة عتيدة وعريقة واحتضنت كلّ النضالات التي مرّت بها تونس طيلة العقود الأخيرة من مكافحة الاستعمار إلى بناء الدولة المستقلّة. ثمّ احتضن الثّورة التونسية، الكلّ يعلم في كلّ المدن والقرى التونسيّة BkI مقرّات الاتحاد كانت منطلق المسيرات والاحتجاجات وأنّ النقابيين قاموا بدورهم في تأطير الاضرابات واحتضان المجتمع المدني. والاتحاد ناضل من أجل الحريّات والديمقراطية وحقوق الانسان (الاعتداء على الرابطة)، الاعتداءات على مناضلي حقوق الانسان وكان دوما الحامي والمدافع لكن باعتبارنا جمعية نسوية ديمقراطية نسعى إلى تحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين ونناضل من أجل الحريّات والديمقراطية ونناضل أيضا ضدّ تأنيث الفقر وإقصاء النساء من مواقع القرار فإنّنا نلتقي مع الاتحاد في عديد المطالب لكن في عديد المناسبات توجّهنا إليه بمقترحات وتصوّرات لتفعيل دور المرأة النقابية بالنظر إلى دورها المهمّ وكثافة حضورها داخل القواعد 04 ٪ لكن مستوى مشاركتها على مستوى الهيكلة الوسطى أو العليا بقي ضعيفا ونظرًا إلى قناعاتنا بدور الاتحاد في تفعيل حقوق الانسان ودور المرأة في مواقع القرار فإنّنا مازلنا نناضل مع عديد الهياكل النقابية المؤمنة بدور النساء في تحقيق هذا المفهوم وهو ما يشكّل لدى جمعيّة النساء الديمقراطيات هاجسًا يوميًّا يتمّ العمل عليه طبق المواثيق والمعايير الدولية خاصّة في ظلّ حراك فكري ايديولوجي يتجّه نحو تقزيم دور النساء ويحدّ من المكاسب التي حققتها النساء منذ سنة 1965 عامًا. علمًا أنّ الجمعية كوّنت في المدّة الأخيرة مرصدًا يُعنى بتكافؤ الفرص ويتوجّه للنساء العاملات واللائي يعشن هشاشة اجتماعية وفقرًا ويتعرّضن لأشكال عديدة من العنف الاقتصادي والجنسي والنفسي والجسدي وهنا الجمعية تعتبر الاتحاد شريكًا فاعلاً في تحقيق التكافؤ بين الجنسين.