الدكتور شكري مبخوت (رئيس جامعة تونسمنوبة) فشل سقف الوعود العالي سيكون هناك تداعيات خاصة في المجال السياسي مباشرة على الأزمة الحكومية، كذلك ستكون تداعيات على الجانب السياحي، فاغتيال شكري بلعيد كان ناتجاُ عن غياب الأمن، والأمن هو قضية مطروحة قبل الاغتيال، وتخاذل الدولة إزاء العنف هو من أسباب ما وصلنا إليه، كذلك الاحتجاجات الاجتماعية التي ما زالت قائمة ستتكاثف أكثر أمام فشل سقف الوعود العالي الذي قدمته حكومة الترويكا، دون أن ننسى أن شكري بلعيد اتهم بالاسم في العديد من الأماكن داخل الجمهورية كسيدي بوزيد وخاصة سليانة. أعتقد أنه سيكون هناك سيناريوهات عدة منها، أن نغرق في الفعل ورد الفعل، المزيد من التشتت، أو أن يقع تجاوز هذا كله رغم أن ذلك يبدو صعباً، لأن الجرح سيبقى غائراً يذكر باستمرار، ثم ليس هناك اقتناع لدى المثقفين بأن يكون الإسلاميون ديمقراطيين ويقبلون التعددية. صلاح الدين الجورشي (محلل سياسي وناشط حقوقي) إعادة إحياء الروح الوطنية تداعيات هذا الاغتيال عديدة، أولها رسالة خطيرة تبين أن هناك في الساحة التونسية من يتمتع بالاستعداد لخرق الخطوط الحمراء واستعمال العنف لحسم الخلافات السياسية، ولا أدري إن كان هذا الطرف هو تونسي من حيث التخطيط والخلفية أو أنه تونسي يتلقى أوامره من جهات أخرى، لكن اليد التي نفذت هي يد تونسية. التداعي الثاني: هو الخوف من أن يؤدي هذا الاغتيال إلى تعميق الشرخ بين الأطراف السياسية ويزيد من حالة الإقصاء المتبادل، وهذه الحالة في نهاية الأمر أدت إلى توفير الفرص والمناخ الذي تم استغلالها لتصفية المرحوم شكري بلعيد. ثالثاً: في اعتقادي أن هناك ناحية ايجابية تتمثل في هذه الصدمة التي تلقاها الجميع والتي ترجمت يوم الجنازة بحضور مكثف لجماهير واسعة ليست بالضرورة على اتفاق سياسي مع شكري بلعيد، لكنها تجمعت وصبرت لمدة ساعات من أجل القول لا للعنف ولا لإدخال تونس في دوامة المجهول، وفي تقديري هذا الوعي ارتقى إلى درجة إعادة إحياء الروح الوطنية التي عشناها في محطات عديدة من تاريخنا كان آخرها يوم 14 جانفي وما بعده، كذلك وأخيراً يفترض الآن بأن يقع البحث جدياً في كيفية تحويل هذا الاغتيال إلى محطة جديدة لاستشراف المستقبل ووضع حد لمن يريد أن يجعل من اغتيال الشهيد شكري بلعيد بداية المسلسل على الطريقة اللبنانية، ويكفي أن أشير على أن المبادرة التي أعلن عنها رئيس الحكومة كانت محاولة منه للقول بأن ما بعد الاغتيال أي ما بعد 6 فيفري سيصبح مختلفاً عما كان قبله. آمال قرامي (جامعية) تعميق أزمة الثقة أعتقد أنّ حادثة اغتيال الشهيد شكري بلعيد مفصلية في تاريخ تونس باعتبار أنّنا لم نشهد حسم النزاعات السياسية الأيديولوجية بطريقة دموية. وقد ترتب على ذلك اتّساع دائرة الخوف لدى عموم التونسيين لاسيما بعد اشتداد الأزمة السياسية وعسر حدوث توافق بين الفرقاء وتراشق الفاعلين السياسيين الاتهامات والسباب وهو ما يعمق أزمة الثقة في أداء السياسيين ومدى قدرتهم على تجاوز خلافاتهم وتغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية واضحة للعيان. وأعتقد أنّه آن الأوان لإفساح المجال لفاعلين جدد على الساحة السياسية علّهم يطرحون تصوّرات جديدة لإدارة المرحلة الثانية من مسار التحوّل الديمقراطي ومن حقّ التونسيين أن يكتشفوا قدرات عتّم عليها الإعلام الذي لم يبذل جهدا واضحا في تشريك وجوه سياسية وثقافية وفنية قادرة على إثراء الجدل وإضفاء معاني على الممارسة السياسية واكتفى في المقابل بدعوة نفس الوجوه التي أفلس خطاب معظمها وما عاد يضطلع بمهمّة بناء المستقبل. بشرى بلحاج حميدة (محامية وحقوقية) صفحة لن نعرف كيف سنطويها يمكن أن تكون هناك تداعيات ايجابية إذا اتحد الجميع في موقف واضح، والمهم هو كشف الحقيقة ومن قام بالجريمة ومن وراءها عملياً، لكن مع الأسف إلى الآن لا يوجد أي إشارة على أن الأمر يؤخذ جدياً، الاغتيال ليس حادثة عابرة أو حدث منفرد، لا بد أن نأخذ العبرة بأنه لا يمكن المواصلة هكذا، لا بد من المجابهة الداخلية والخارجية. ما جرى هو صفحة لن نعرف كيف سنطويها، هناك انهيار تام حتى عند الناس الذين لم يهتموا من قبل بالسياسة، أولئك الذين خرجوا جماعات في الجنازة، ليست الفاجعة في حد ذاتها المصيبة لكن أن تتوجه بلادنا توجهاً كاملاً إلى أرض إرهاب فذلك يتجاوز المنطق التي تعودت عليه تونس، كنت في الماضي عندما يقولون حولي «لسنا مثل الجزائر» كنت أجيب بطريقة عفوية « ليس بعد» كنت متخوفة أن تذهب تونس نحو المجهول، كنت متخوفة لكنني لم أتصور أن ذلك ممكنا فتونس وشعبها لم يكن لهم يوماً تاريخاً دموياً، حتى الاستعمار خرج بأقل ما يمكن من الدماء، لكن اليوم صورة جديدة ترتسم، لا أدري من أين أتت؟ يمكن أن ننقذ تونس إذا نظرنا نحو مستقبل تونس، وإلا ستكون حلقة مغلقة لا ندري أين نهايتها، عندي انهيار أو يأس عندما أسمع أن هناك أطراف رسمية كانت على علم بما جرى ولم تحرك ساكنة، ذلك لا يترك مجال لأمل كبير. ناجي جلول (أستاذ جامعي وسياسي) في انتظار يقظة صوت العقل مثل المسيح الذي مات لينقذ الإنسانية استشهد شكري بلعيد لينقذنا من خلافاتنا وتطهر روحه الصورة السياسية في تونس، لينتصر داخل النهضة صوت العقل، الفاجعة أعطت لعقلاء النهضة دفقة ليقظة صوت العقل، اليوم المعارضة الديمقراطية تساند الجبالي وتقر بانتصار الروح الوطنية على التحزب الضيق والأنانية السياسية. ستحظى حكومة التيكنوقراط على الأغلبية فمعارضيها ضعفاء، وأعتقد أن الموافقة ستكون حتى داخل المجلس التأسيسي وهكذا يمكن المحافظة على الشرعية من جهة ومن جهة أخرى يمكن الحد من توظيف هياكل الدولة من قبل حزب معين. ثم أن استشهاد شكري بلعيد وموقف حمادي الجبالي سيرسمان مشهد سياسي واضح كذلك بدأت حركة النهضة في التحول نحو حزب مدني حقيقي نتيجة انهزام الصقور داخلها، وفي اعتقادي أن هذه المبادرة ستقضي على التكتل والمؤتمر، حركات سياسية ليس لها قوة كافية على الساحة السياسية، استمدت أهميتها من مشاركتها في الحكم وخروجهم من الحكم سينهيهم نهائياً. اعتقادي أيضاً أن انهزام صقور النهضة سيعطي دفعة سياسية واضحة للجبهة الشعبية، كذلك التكتل الجديد حول نداء تونس والجمهوري والمسار، سوف ينتج عنه في الأيام القادمة مشهد سياسي واضح يتكون من الجبهة الشعبية وتحالف الجمهوري والمسار ونداء تونس ثم النهضة بثوبها الجديد. منصف الوهايبي (شاعر وأستاذ جامعي) مرحلة الفرز الحاسم أولاً ما يجب أن نقوم به في تونس هو كشف الجناة، من هم القتلة، وهذا ينبغي أن ينهض به القضاء التونسي قبل كل شيء حتى لا تضطر عائلته ورفاقه وكل نشطاء المجتمع المدني إلى إحالة القضية إلى محكمة الجنايات الدولية، هذا هو المطلب الملح الآن، لكن إذا انتقلنا إلى التداعيات فلا يمكن أن تتوقف عند حدود هذه المرحلة، لكن لا بد أن تتعداها إلى ما هو أهم بكثير، ومن التداعيات أنه سيقع فرز بين شقين في المعارضة وأعني بذلك الجبهة الشعبية التي تبدو الآن أنها تحظى بشعبية كبيرة رغم أن مئات بل آلاف من التونسيين الذين شيعوا جنازة الشهيد شكري بلعيد، أو الذين تأثروا للحدث لا ينتمون إلى الجبهة، ولكنهم يقدمون استفتاء شعبياً ألخصه في هذه العبارة: «هم يقولون للماسكين بزمام الحكم، لا للقتل لا للجريمة السياسية، بل يقولون أكثر من ذلك، نحن نرفضكم» وإذا توفرت الإمكانيات المادية خاصة لدى مناضلي الجبهة فان تأثيرها سيكون كبيراً في الانتخابات القادمة، وأما الشق الثاني من المعارضة والذي سيكون له شأن كبير أيضاً فهو الاتحاد من أجل تونس، وهذين الطرفين يمكن لهما أن «يستثمرا» ايجابياً حادثة الاغتيال لدعم التقارب بينهما لأن التحالف قد يكون بعيداً لأسباب إيديولوجية في الأعم الأغلب. وأما الناحية الثانية التي تسترعي الانتباه فهي كما يدل على ذلك الحراك الشعبي الكبير، تتمثل في أن ما حاولته النهضة تحديداً من تقسيم التونسيين إلى مسلمين وعلمانيين قد باء بالفشل، وفي جملة واحدة فإن الشهيد شكري بلعيد يعبد استشهاده تاريخ الثورة التونسية.