عاجل/ الهيئة الوطنية للمحامين تعلن عن قرارات تصعيدية..    من هو وزير الدفاع الجديد المقرب من فلاديمير بوتين؟    الدعوة الى إلغاء القيود على المبادلات التجارية البينية العربية لإرساء فضاء اقتصادي متكامل    الكرم: القبض على افريقي من جنوب الصحراء يدعو إلى اعتناق المسيحية..وهذه التفاصيل..    عاجل : الكشف عن وفاق اجرامي يساعد الأجانب دخول البلاد بطرق غير قانونية    36 مليون دينار على ذمة الشركات الاهلية.. نموذج تنموي جديد    مصر تسعى لخفض الدين العمومي الى أقل من 80% من الناتج المحلي    5 جامعات تونسية تقتحم تصنيفا عالميا    مسؤولة بالستاغ : فاتورة الكهرباء مدعمة بنسبة 60 بالمئة    الجامعة الوطنية للبلديات التونسية تطلق شبكة الرقمنة لفائدة 25 بلدية    عاجل/ قوات الاحتلال تنفذ حملة مداهمات واعتقالات في عدة مناطق بالضفة الغربية..    إيران تعلن عن مفاوضات لتحسين العلاقات مع مصر    ليلة ثالثة من الأضواء القطبية مع استمرار عاصفة شمسية تاريخية    الرابطة الثانية (ج 9 إيابا)    الترجي الرياضي النجم الساحلي (3 2) الترجي يُوقف النزيف والنجم يحتج على التحكيم    تصفيات أبطال إفريقيا لكرة السلة: الإتحاد المنستيري يتأهل الى المرحلة النهائية    عاجل : جمعية القضاة تدين التمشي المتصاعد في استهداف حرية التعبير والاعتقالات التعسفية    تمديد الاحتفاظ ببرهان بسيس ومراد الزغيدي    تالة: الاحتفاظ بعنصر تكفيري من أجل ترويج المخدرات    صفاقس: فتح تحقيق اثر وفاة مسترابة لشاب بطينة    تفاصيل جديدة بخصوص الكشف عن شكبة إجرامية دولية للاتجار بالمخدرات..#خبر_عاجل    مغني الراب سنفارا يكشف الستار : ما وراء تراجع الراب التونسي عالميا    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    وفاة أول متلقٍ لكلية خنزير بعد شهرين من الجراحة    بطولة ايطاليا: تعادل جوفنتوس مع ساليرنيتانا وخسارة روما أمام أتلانتا    رئيسة لجنة الشباب و الرياضة : ''لم تحترم الوزارة اللآجال التي حددتها وكالة مكافحة المنشطات ''    راس الجدير: ضبط 8 أفارقة بصدد التسلل إلى تونس بمساعدة شخص ليبي..    نائبة بالبرلمان : '' سيقع قريبا الكشف عن الذراع الإعلامي الضالع في ملف التآمر..''    كاس تونس لكرة القدم : برنامج مباريات الدور ثمن النهائي    الهند ستحقق نمواً اقتصادياً قوياً على الرغم من التحديات الهيكلية    عاجل/ بعد الاحتفاظ به: هذا ما كشفه محامي الاعلامي مراد الزغيدي..    دربي العاصمة 1 جوان : كل ما تريد أن تعريفه عن التذاكر    بداية من الغد: درجات الحرارة تتجاوز المعدلات العادية لشهر ماي    أرسنال يستعيد صدارة البطولة الإنقليزية بفوزه على مانشستر يونايتد    نتنياهو: نناقش "نفي قادة حماس.."    بين الإلغاء والتأجيل ... هذه الأسباب الحقيقة وراء عدم تنظيم «24 ساعة مسرح دون انقطاع»    المالوف التونسي في قلب باريس    مصر: انهيار عقار مأهول بالسكان في الإسكندرية وإنقاذ 9 أشخاص    بعد اجرائها في مارس.. وفاة المريض الذي خضع لأول عملية زرع كلية خنزير    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    دراسة تربط الوزن الزائد لدى الأطفال بالهاتف والتلفزيون..كيف؟    مئات الحرائق بغابات كندا.. وإجلاء آلاف السكان    وفاة أول مريض يخضع لزراعة كلية خنزير معدلة وراثيا    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    القيروان: غرق ثلاثة شبان في صنطاج ماء بالعين البيضاء    افتتاح نقطة بيع من المنتج إلى المستهلك وسط العاصمة لعرض منتوجات فلاحية بأسعار الجملة وسط إقبال كبير من المواطنين    وزارة التجارة: تواصل المنحى التنازلي لأسعار الخضر والغلال    شركة "ستاغ" تشرع في تركيز العدّادات الذكية "سمارت قريد" في غضون شهر جوان القادم    مدنين: نشيد الارض احميني ولا تؤذيني تظاهرة بيئية تحسيسية جمعت بين متعة الفرجة وبلاغة الرسالة    سيدي بوزيد: تظاهرات متنوعة في إطار الدورة 32 من الأيام الوطنية للمطالعة والمعلومات    سيدي بوزيد.. اختتام الدورة الثالثة لمهرجان الابداعات التلمذية والتراث بالوسط المدرسي    صفاقس تتحول من 15 الى 19 ماي الى مدار دولي اقتصادي وغذائي بمناسبة الدورة 14 لصالون الفلاحة والصناعات الغذائية    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    الدورة 33 لشهر التراث: تنظيم ندوة علمية بعنوان "تجارب إدارة التراث الثقافي وتثمينه في البلدان العربيّة"    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    نحو 6000 عملية في جراحة السمنة يتم اجراؤها سنويا في تونس..    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل انقلبت النهضة على «الشرعية» المؤقتة»؟
المرحلة لم تحقق أحدا من مهامها
نشر في الشعب يوم 02 - 03 - 2013

لم يشكك أحد المختلفين السياسيين في شرعية ما أفرزته صناديق الاقتراع في 23 أكتوبر 2011، لم يشكك أحد من التونسيين في حق المنتخبين في الريادة وفي خوض شرف السلطة، وحكم البلاد في هذه المرحلة «المؤقتة» والخروج بها من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية، وعبر صياغة دستور جديد ووضع أسس نظام سياسي يتماشى وطموحات الشعب للحرية والكرامة، والانتقال بتونس الى مرحلة التنافس على البرامج والديمقراطية والنقل السلمي للسلطة عبر الانتخابات.
ولكن أن يمر عام ونصف على انطلاق عمل الترويكا، عام ونصف على حكومة شرعية مؤقتة (لغياب الدستور)دون أن تحقق هذه السلطة إحدى المهام المنوطة بعُهدتها، ويمر عام ونصف على تحالف النهضة مع عدد من القوى السياسية من موقع السلطة والبلاد تشتد فيها الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، والأوضاع تنبِىء بكوارث إن استمرّ الأمر على ما هو عليه الآن، فإن ذلك يعيدنا إلى طرح الأسئلة التالية : إلى متى يتواصل الوضع المؤقت للبلاد؟ ومتى تنتهي الشرعية؟ وما الجدوى من هذه الشرعية إذا ما أدخلت البلاد في مطبات خطيرة؟
فالمرور إلى مرحلة «الشرعية» كان المقصود به بداية، أن تتوفر أجهزة شرعية، تؤسس لتونس ما بعد الثورة، تعمل على تحقيق أهداف الثورة من حرية وكرامة وتنمية جهوية وانتقال ديمقراطي، وعلى صياغة دستور يمهد لعمل سلط شرعية دستورية، ويضمن دولة القانون ببعث مؤسسات وصياغة مجلات قانونية تكفل حرية الاعلام واستقلال القضاء.
والمقصود قانونا بالسلطة الشرعية الوقتية، التي أفرزتها انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، هي شرعية الانتخابات اللاّدستورية، فقد أتت هذه الشرعية في غياب دستور بالبلاد، وبالتالي هي سلطة مؤقتة إلى أن تتم صياغة دستور للبلاد يتفق حوله ويتم إجراء انتخابات تسلم بعدها مقاليد البلاد لسلطة شرعية دستورية.
أزمة خطيرة في ظل الشرعية
لا يختلف اثنان في أن البلاد تعيش أزمة في مختلف الأصعدة، فاقتصاديا، سجلت البلاد أرفع مستويات التضخم حيث بلغ ال6 بالمائة، وشهدت ارتفاعا هائلا لأسعار المواد الأساسية، وكل المؤشرات تؤكد أنها ستزيد في الارتفاع، كما يشهد الاستثمار ركودا غير مسبوق ويواصل قطاع السياحة تدهورا متواصلا مما هدد القطاع وهدد معه مليون موطن شغل يوفره.
أما اجتماعيا، فإن الاحتقان الاجتماعي متواصل من أيام الثورة الى اليوم (وهذا شرعي) احتجاجا على التهميش والفقر وضيق الأفق وقد كان لتأثير انخفاض قدرة المواطن الشرائية وتواصل ارتفاع معدلات البطالة الأثر الكبير في ذلك، وتسبب انعدام الأمن الى بروز حركات ومجموعات متعصبة وراديكالية تهدد أمن المواطنين وتبغي فرض ثقافة دخيلة على التونسيين إضافة إلى ذلك ينتشر السلاح في البلاد بكميات كبيرة.
أما سياسيا، فإن البلاد تعيش أزمة حادة، بلغ فيها الأمر حد الاغتيال السياسي، وهو ما حصل لشهيد الوطن شكري بلعيد، وتتواصل أزمة الحكم ومحاولة تقسيم البلاد إلى شِقّين، ومازال الوضع السياسي متعكرا لغياب أفق واضح ومواعيد دقيقة للاستحقاقات الانتخابية القادمة.
ليست استحقاقا
يطل علينا كل يوم قيادي في حركة النهضة ليؤكد أن مؤامرات تحاك ضد الشرعية، وتجيّش الترويكا على مدار عام ونصف جزء من الشارع للدفاع عن الشرعية، ويتهم المختلفون مع السلطة بالوقوف ضد الشرعية وبمحاولة الانقلاب على الشرعية، وكأنّ هذه الشرعية حتمية مستمرة في الزمن منذ انطلاقها، وُثوقية قدسية لا يمكن بحال من الأحوال حتّى نقدها.
وتتعامل النهضة وشركاؤها مع الشرعية وكأنها استحقاق وتفويض أبدي، وإن كان ذلك عن حسن نية فانه يؤكد تمسك النهضة وشركائها بالسلطة دون أخذ الاعتبار بأن هذه الشرعية مؤقتة يجب أن لا يطول مداها كثيرا تغليبا لمصالح البلاد، وإن كان ذلك عن سوء نية فإنه انقلاب على الشرعية.
ولأن الشرعية مسؤولية ومهام على عاتق السلطة الحالية، ولأن الشرعية مقترنة بصياغة دستور ووضع نظام سياسي وتسيير شؤون البلاد والخروج بها إلى برّ الأمان، فإنّ عدم إتمام أي من هذه المهام إلى اليوم يُعَدُّ انقلابا على الشرعية.
من جانب آخر، فإن الشرعية في ظل تواصل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية على حالها الصعب والدقيق، الذي يؤكد الخبراء أن استمراره قد يؤدي إلى ما لا تُحمد عقباه، وفي ظل تواصل محاولات النهضة الامتداد في مفاصل الدولة عبر التعيينات العشوائية والموالتية، فان هذه الشرعية المؤقتة تفقد «شرعيتها» ، ويجب أن يحدّد لها آجال انتهاء صلوحية.
متى تقف الشرعيّة
لم يعد التحضير لانتخابات قادمة، أحد المهام الرئيسية التي فوضت للشرعية للقيام بها، ويبدو أن مسألة إقامة الانتخابات مسألة ثانوية، ولم تعد الهدف بل أصبحت آخر ما يعمل على إتمامها المجلس التأسيسي والطاقم الحكومي بقيادة النهضة.
وإن تحديد موعد نهائي وواضح للانتخابات هو الذي يخفف من الأزمة السياسية الخانقة التي تعيشها البلاد ومن حدّة التوتر بين الفاعلين السياسيين وهو ما قد يؤثر بدوره على المعطيين الاقتصادي والاجتماعي، وإن العمل على ضمان مؤسسات قضائية وإعلامية مستقلة هو الضمانة لإقامة انتخابات شفافة ومستقلة.
ولكنّ العكسَ هو ما يحصل في الواقع، ففي ظل غياب مواعيد واضحة لإقامة الانتخابات القادمة التي تضمن شرعية دستورية وتفوض السلطة الجديدة لتسيير شؤون البلد تعمل حركة النهضة وشركاؤها على التحكم في مصير البلاد، وإدخالها في مطبّات من المديونية الخانقة، وعقد اتفاقات مفروضة من صندوق النقد الدولي، وتغيير سياساتها الخارجية دون حصول وِفاق حول هذه الاجراءات جميعها.
واليوم مع انطلاق عمل حكومة جديدة بقيادة علي العريض، وزير الداخلية السابق في ظل حكومة حمادي الجبالي، فإن تواصل العمل على «المحاصصة الحزبية» في اقتسام الحقائب الوزارية، وعدم تقديم خريطة طريق واضحة تنعش الاقتصاد وتوفر الأمن للمواطنين وتعطي مواعيد قصوى للاستحقاقات الانتخابية المنتظرة، فإن البلاد ستدخل مرحلة أخرى من الشرعية «المؤقتة» ..ولكنّ «الانقلاب» على الشّرعية هو عنوانها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.