سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ما يحدث في التجهيز والإسكان معركة وطنيّة حقيقيّة لإنقاذ المرفق العام من التوظيف الحزبي في حوار مع الأخ حسن المسلمي الكاتب العام للنقابة الأساسية لأعوان التجهيز والإسكان بصفاقس:
بعد قرار وزير النقل والتجهيز الصادر يوم 21 ماي 2013 القاضي بإيقاف خمسة أعوان بالإدارة الجهويّة للتجهيز والإسكان عن العمل اتخذت الأزمة في الإدارة الجهويّة للتجهيز والإسكان بصفاقس منعرجا خطيرا فاقم من تداعياتها التي تجاوزت وزارة التجهيز لتكشف ما خفي من ملابسات تطبيق الفصل 833 المتعلّق بالمتمتعين بالعفو العام والذي شهد تجاذبات حول مقاييس تطبيقه والغاية من ورائه وما يتسبب فيه من مخاطر على حياد الإدارة والمؤسسات الحكوميّة. ولمعرفة ما وقع في صفاقس وكيف وصلت الأمور إلى هذه الدرجة من الاحتقان التقينا الأخ حسن المسلمي الكاتب العام للنقابة الأساسيّة للتجهيز الذي أفادنا بالأسباب الكامنة وراء التوتر الذي عرفته الإدارة الجهويّة للتجهيز والإسكان، والأسباب التي دفعته وزملاءه نقابيين وأعوانًا إلى التصدي لهذه التعيينات. لو تحدثنا عن أسباب الأزمة ؟ انطلقت الأزمة مع صدور الأمر 833 المتعلّق بما سمي بالمتمتعين بالعفو العام في 2012 والذي اعتبرناه كهياكل نقابيّة واعتمادا على بيان المكتب التنفيذي الموسّع الصادر في 4 أفريل 2013 والذي طالب المجلس الوطني التأسيسي والحكومة بالتراجع عن هذا الأمر، يحمل نزعة اقصائيّة حزبيّة الهدف منها توسيع الهجوم والاختراق للمرفق العمومي وتحزيب الإدارة. وفي نفس الاتجاه تسعى بعض الجهات المشبوهة إلى اعتماد هذا القرار مدخلا لا لحل معضلة البطالة وإنصاف بعض المظلومين حقيقة بل إلى تمكين «روابط حماية النهضة» من اختراق الإدارات وتحويلهم إلى مخلب لضرب العمل النقابي وتغيير النسيج الاجتماعي للحركة النقابيّة لتعبيد الطريق «لجبهة تفجير المسار النقابي» وهو الأمر الذي تجسّد فعليا وعلى أرض الواقع اثر الهجوم الذي استهدف الاتحاد يوم 4 ديسمبر 2012. وفي هذا الإطار أصدرت وزارة التجهيز والإسكان قرارا بانتداب 17 من المتمتعين بالعفو العام تتراوح أعمارهم بين 43 و57 سنة، سبعة منهم لهم مشاريع خاصة كنّا قد قدمنا وثائق تفيد بذلك ومنهم من صرّح بذلك في شريط مصوّر يؤكد أنّه يملك محلّ جزارة. هذا مع العلم أنهم لا يتمتعون بأي مؤهلات مهنيّة وليس لديهم اختصاصات. وهو قرار غير قانوني. كيف تعتبرون القرار غير قانوني وهو يستند إلى القرار 833 ؟ نعم هو قرار غير قانوني لأنه لم يحترم القانون المنظم لهذا الانتداب الذي يؤكد على إن المتمتعين بالعفو العام وجرحى الثورة وشهدائها لهم 30 بالمائة من حصّة الانتدابات المباشرة وهو ما لم تتم مراعاته من الوزارة التي تسيطر عليها وتوجهها حركة النهضة في سعي محموم لزرع عناصرها في المرفق العمومي وقد نجحت في إصدار قرارات بانتداب قرابة 300 عون بوزارة التجهيز فقط فما بالك بالوزارت الأخرى. وكيف كانت ردة فعل النقابة وأعوان التجهيز بصفاقس على هذه الانتدابات المتحزبة وغير القانونيّة ؟ دخلنا نقابيين وأعوان منذ 2 أفريل 2013 في سلسلة من التحركات تمثلت في الاجتماعات والوقفات الاحتجاجيّة أمام الإدارة الجهويّة للتصدي لهذه الانتدابات المشبوهة والمتحزبة وغير القانونيّة وساندنا في ذلك أغلبيّة الأعوان. غير أنّه وفي ثلاثة مناسبات 2، 3 و8 ماي 2013 حاولت هذه العناصر المزروعة مدعومة من ميليشيات حركة النهضة اقتحام الإدارة وقاموا بتكسير الباب الرئيسي وقد تم معاينة ذلك من طرف عدل منفذ، ولكن الأعوان والنقابيين وقوى المجتمع المدني تصدّت لهم ومنعتهم من اقتحام الإدارة، لكن الغريب في الأمر أن هذه المحاولات تمّت بالتنسيق وبتواطؤ من المدير الجهوي والوالي النهضاوي الذي أصبح يشرف بنفسه على زرع هذه العناصر في المرفق العمومي. أمام هذا التصعيد الخطير ماهي الخطوات التي اتخذتها النقابة الأساسية والاتحاد الجهوي؟ الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس والجامعة العامة والنقابة الأساسية كانوا يتابعون الأزمة وتحملوا مسؤولياتهم في الدفاع عن استقلاليّة الإدارة ورفض تحزيبها واختراقها وكان التنسيق بينهم في كل التحركات، وفي هذا الإطار انعقدت جلسة عمل يوم 7 ماي 2013 بحضور ممثلي الإدارة الجهويّة وسلطة الإشراف والاتحاد الجهوي للشغل والنقابة الأساسية وتم خلال هذه الجلسة إبرام اتفاق بين الأطراف ينصّ صراحة على إحالة ملف المنتدبين على الوزارة الأولى، بالإضافة إلى الاتفاق على صرف مستحقات الأعوان لشهر أفريل والمتمثلة في منحتي التنقّل والساعات الإضافيّة. ولكن بعد يوم واحد من الاتفاق الذي جعلنا نتنفس الصعداء نكث المدير بوعده وتراجع في تعهداته وحاول أن يحوّل هذا الاتفاق إلى مقايضة مع الأعوان قصد ابتزازهم وترهيبهم للسكوت على هذه الانتدابات المشبوهة. لكن الأعوان رفضوا هذه المقايضة وتصدّوا لهذا الابتزاز بكل شرف ومسؤوليّة بل إنهم صعّدوا من تحركاتهم ونوّعوا أشكال الاحتجاج ليصلوا إلى رفع ديقاج في وجه المدير الجهوي الذي أصبح يمثّل جزءا من الأزمة ومصدر توتّر داخل المؤسسة. وهل نجحت وحدة الأعوان وصلابة الموقف النقابي في دفع المدير الجهوي لتطبيق الاتفاق؟ الردّ كان هذه المرّة من وزير التجهيز والإسكان الذي ضرب عرض الحائط بكل الاتفاقات المبرمة واتخذ قرار تصعيديا بإيقاف خمسة أعوان كاتب عام وعضو النقابة الأساسيّة وثلاثة من العملة بمن فيهم أخت نقابية وهي على أبواب التقاعد، وهو ما يؤكد ما سبق وذكرناه من عدم حياديّة المدير الجهوي المرتبط مباشرة بوزير التجهيز النهضاوي. وأمام هذا التصعيد الخطير اجتمعنا بالأخ الأمين العام حسين العباسي مرفوقين بأعضاء الاتحاد الجهوي بصفاقس والجامعة العامة يوم الجمعة 24 ماي 2013 وتدارسنا الأزمة من كل جوانبها ووضعناه أمام حقيقة ما حدث منذ 2 أفريل إلى اليوم وارتباط ذلك بمواقف الاتحاد الثابتة والمبدئيّة الداعية إلى تحييد الإدارة والمساواة في العمل بين أبناء الوطن بقطع النظر عن انتماءاتهم السياسية والحزبيّة، وقد أكّد لنا الأخ الأمين العام تضامنه المطلق مع نضالنا في ظلّ تحوّل هذا القانون من قرار لرفع المظالم المسلطة من النظام السابق إلى أداة لتكريس اللامساواة بين أبناء الشعب الواحد في التشغيل وطالب بمراجعة تطبيق هذا القانون وإخراجه من نزعة التوظيف الحزبي والمحسوبيّة السياسيّة التي قطعت معها ثورة الحرية والكرامة. وماهي الخطوات العمليّة المستقبليّة التي تنوون القيام بها خاصة بعد استهدافكم بالإيقاف عن العمل؟ فيما يتعلّق بإيقافي مع زملائي الأربعة فاعتقد أنّه جزء من الضريبة التي ندفعها نتيجة تعلقنا بمبادئنا التي آمنا بها وتربينا عليها في قلعة النضال النقابية الاتحاد العام التونسي للشغل، وإنّه ليحزّ في نفسي خاصة استهداف زملائي العملة وخاصة الأخت الفاضلة فاطمة وهي على أبواب التقاعد وهو قرار لا إنساني ممعنا في التشفي، ولكن ثقتي في زملائي ومنظمتي وشعبي كبيرة. أما بخصوص الخطوات العمليّة فقرارنا النهائي ألا تراجع عن تطبيق ما توصلنا إليه في الاتفاق الممضى في 7 ماي 2013 وهو الحل الوحيد والأمثل لإنهاء الأزمة، وأمام تراجع المدير الجهوي عن تطبيق الاتفاق ومحاولته بكل الطرق تعكير الوضع العام واستهدافه الممنهج للنقابيين والعمل النقابي من خلال إصداره قرارًا تعسفيا بإيقاف 5 أعوان فقد أعلنّا عن تجندنا للدفاع عن مطالبنا المذكورة أعلاه وخاصة العمل النقابي بكلّ الطرق المشروعة بما في ذلك الدخول في إضراب أيام 10، 11، 12، 13 و14 بمقرات العمل التابعة للإدارة الجهويّة للتجهيز بصفاقس. بماذا تفسرون التعاطف الكبير معكم من منظمات المجتمع المدني في صفاقس؟ هذا التعاطف مردّه اقتناع الجميع بمشروعيّة تحركاتنا التي تعتبر في جوهرها دفاعا عن مؤسسات الدولة وانتصار لمبدأ الفصل بين الدولة والحزب بتحييد المرفق العام عن كل توظيف وهي في عمقها إنجاح للمسار الديمقراطي الوطني وقطع مع أساليب المحاباة والمحسوبيّة التي زرعها النظام السابق. أن هذه المعركة التي تجري بصمت في العديد من المؤسسات وبصوت عال في إدارة التجهيز والإسكان بصفاقس معركة وطنيّة في صميمها وعمقها فلا ديمقراطيّة حقيقيّة دون تحييد جدي وحقيقي لمرافق الدولة عن كل اختراق حزبي حتّى لا تتحوّل الإدارة والمؤسسات التونسيّة إلى حلبة صراع سياسي. وفي هذا الإطار تكونت تنسيقيّة بجهة صفاقس سميت باللجنة الجهويّة للدفاع عن حياد الإدارة والمرفق العمومي بصفاقس تحت إشراف فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وضمت العديد من المنظمات والجمعيات بالجهة، وكانت قد عقدت ندوة صحفيّة يوم السبت 25 ماي 2013 أكدت خلالها على نفس مطالبنا كما قررت توسيع دائرة نشاطها لتتحول إلى رافعة وطنيّة في كل جهات الجمهوريّة.