عُثِرَ عليه بالصدفة.. تطورات جديدة في قضية الرجل المفقود منذ حوالي 30 سنة بالجزائر    السلطات الاسبانية ترفض رسوّ سفينة تحمل أسلحة إلى الكيان الصهيوني    عاجل: لأول مرة: تونس تصل المرتبة الثانية ضمن التصنيف الدولي للبيزبول    الديبلوماسي عبد الله العبيدي يعلق على تحفظ تونس خلال القمة العربية    في ملتقى روسي بصالون الفلاحة بصفاقس ...عرض للقدرات الروسية في مجال الصناعات والمعدات الفلاحية    يوميات المقاومة .. هجمات مكثفة كبّدت الاحتلال خسائر فادحة ...عمليات بطولية للمقاومة    فتحت ضدّه 3 أبحاث تحقيقية .. إيداع المحامي المهدي زقروبة... السجن    المنستير .. المؤبّد لقاتلة صديقها السابق خنقا    ارتفاع عجز الميزان الطاقي    رفض وجود جمعيات مرتهنة لقوى خارجية ...قيس سعيّد : سيادة تونس خط أحمر    دخول مجاني للمتاحف والمواقع الأثرية    دغفوس: متحوّر "فليرت" لا يمثل خطورة    وزارة الفلاحة توجه نداء هام الفلاحين..    العدل الدولية تنظر في إجراءات إضافية ضد إسرائيل بطلب من جنوب أفريقيا    تعزيز نسيج الشركات الصغرى والمتوسطة في مجال الطاقات المتجددة يساهم في تسريع تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي قبل موفى 2030    كاس تونس - تعيينات حكام مباريات الدور ثمن النهائي    الترفيع في عدد الجماهير المسموح لها بحضور مباراة الترجي والاهلي الى 34 الف مشجعا    جلسة بين وزير الرياضة ورئيس الهيئة التسييرية للنادي الإفريقي    فيفا يدرس السماح بإقامة مباريات البطولات المحلية في الخارج    إمضاء اتّفاقية تعبئة قرض مجمع بالعملة لدى 16 مؤسسة بنكية محلية    وكالة (وات) في عرض "المتوسط" مع الحرس .. الموج هادر .. المهاجرون بالمئات .. و"الوضع تحت السيطرة" (ريبورتاج)    طقس الليلة    سوسة: الحكم بسجن 50 مهاجرا غير نظامي من افريقيا جنوب الصحراء مدة 8 اشهر نافذة    القيروان: إنقاذ طفل إثر سقوطه في بئر عمقها حوالي 18 مترا    تأمين الامتحانات الوطنية محور جلسة عمل بين وزارتي الداخليّة والتربية    كلمة وزير الخارجية التونسي نبيل عمار أمام القمة العربية    باجة: باحثون في التراث يؤكدون ان التشريعات وحدها لا تكفي للمحافظة علي الموروث الاثري للجهة    توزر: تظاهرة احتفالية تستعرض إبداعات أطفال الكتاتيب في مختتم السنة التربوية للكتاتيب بالجهة    وزارة الثقافة تنعى المطربة سلمى سعادة    صفاقس تستعدّ للدورة 44 لمهرجانها الصيفي    صفاقس: هدوء يسود معتمدية العامرة البارحة بعد إشتباكات بين مهاجرين غير نظاميين من دول جنوب الصحراء    جندوبة: وزير الفلاحة يُدشن مشروع تعلية سد بوهرتمة    "فيفا" يقترح فرض عقوبات إلزامية ضد العنصرية تشمل خسارة مباريات    هل سيقاطعون التونسيون أضحية العيد هذه السنة ؟    عاجل: "قمة البحرين" تُطالب بنشر قوات حفظ السلام في فلسطين..    106 أيام توريد..مخزون تونس من العملة الصعبة    اليوم : انطلاق الاختبارات التطبيقية للدورة الرئيسية لتلاميذ الباكالوريا    ناجي الجويني يكشف عن التركيبة الجديدة للإدارة الوطنية للتحكيم    سوسة: الإطاحة بوفاق إجرامي تعمّد التهجّم على مقهى بغاية السلب باستعمال أسلحة بيضاء    قيس سعيد يُؤكّد القبض على محام بتهمة المشاركة في وفاق إرهابي وتبييض أموال    المعهد الوطني للإحصاء: انخفاض نسبة البطالة إلى حدود 16,2 بالمائة    سيدي بوزيد: انطلاق الدورة 19 من مهرجان السياحة الثقافية والفنون التراثية ببئر الحفي    رئيس الجمهورية يبحث مع رئيس الحكومة سير العمل الحكومي    عاجل: متحوّر كورونا جديد يهدّد العالم وهؤلاء المستهدفون    ظهورالمتحور الجديد لكورونا ''فيلرت '' ما القصة ؟    محمد بوحوش يكتب...أدب الاعتراف؟    الأيام الرومانية بالجم . .ورشات وفنون تشكيلة وندوات فكرية    الخُطوط التُونسية في ليبيا تتكبد خسائر وتوقف رحلاتها.    زلزال بقوة 5.2 درجات يضرب هذه المنطقة..    بطولة اسبانيا : أتليتيكو يهزم خيتافي ويحسم التأهل لرابطة الأبطال الاوروبية    إصدارات.. الإلحاد في الفكر العربي الإسلامي: نبش في تاريخية التكفير    استشهاد 3 فلسطينيين بنيران جيش الاحتلال في الضفة الغربية    أمراض القلب والجلطات الدماغية من ابرز أسباب الوفاة في تونس سنة 2021    أكثر من 3 آلاف رخصة لترويج الأدوية الجنيسة في تونس    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذه أسباب توتر العلاقة بين السلطة والمحامين
العميد السابق للمحامين الاستاذ منصور الشفي «للشعب»: اجرى الحوار الحبيب الشابي
نشر في الشعب يوم 23 - 06 - 2007

لا شك ان تجربة العميد منصور الشفي داخل هياكل المهنة وخاصة على صعيد العمادة التي تحمل مسؤولياتها على مدار أربع نيابات، قد تركت اثارا عميقة في تاريخها المعاصر، بحيث غدا الرجل أحد مراجع المحاماة تسييرا ودارة ومواقف كما ارتبطت مسيرته المهنية بدفاعه عن قضايا الرأي والحريات التي اتت في مقدمتها الازمات النقابية وما تبعها من محاكمات ولان أزمة المحاماة لا تزال تلقي بظلالها عبر الفترات الاخيرة فقد قرر العميد الترشح مرة أخرى لمنصب العمادة.
الشعب التقته في حوار مثير حول تشخيص حالة الأزمة وتقديم التصورات البديلة فكان هذا الحوار.
الأكيد أن من دوافع ترشحكم مجددا لعمادة المحامين، اطلاعكم الواسع على راهن المهنة فكيف تشخصونه؟
إن المحاماة منذ تسع سنوات، بدأت تمر بأزمة تتفاقم يوما بعد يوم وتتمثل في المظهر التالي:
إن المحامين لا يتمتعون بتغطية اجتماعية كافية، فإنه إن كان للمحامين صندوق تقاعد إلا أن هذا الصندوق قد أصبح مهددا في موارده المتأتية من معلوم تانبر المحاماة.
وقد يصبح في يوم من الايام لا يفي بالحاجة حيث أن دخل هذا التانبر حسب معدلات السنوات الاخيرة لم يتجاوز المليارين بحيث أن هذا المقدار يكفي فقط عدد المتقاعدين الآن وأرامل المحامين.
أما بالنسبة لمن يرغب في التقاعد، فإن هذا الصندوق لا يلبي إلا مطالب قليلة قد لا تتجاوز عدد أصابع اليدين.
فلو أن عدد المتقاعدين قد زاد نوعا مافان هذا الصندوق لن يلبي هذه الرغبة وهذا قد يخلق شيئا من الخوف لدى المتقاعدين من انهم مهددون في استمرارية منحة للمتقاعدين والمقبلين على التقاعد يجدون شبه صدّ من الهيئات التي تحاول تأخير تقديم مطالبهم للتقاعد.
ولذلك أصبح التفكير متجها إما لتنمية موارد هذا الصندوق أو الانخراط في صندوق الضمان الاجتماعي.
ومنذ تسع سنوات بدأت المفاوضات في عمادة الاستاذ بوراوي والاستاذ الصيد والاستاذين بن موسى مع صندوق الضمان الاجتماعي لايجاد صيغة لانخراط المحامين بالصندوق وكانت السلطة تميل الى هذا الحل بينما نجد بعض المحامامين يرون في الابقاء على صندوقهم الخاص ضمانة لاستقلاليتهم ولا شك أن هذه الحجة غير مقبولة لان الانخراط في صندوق الضمان الاجتماعي مثلما حصل بالنسبة للاطباء والصيادلة ولكن المشكلة تبقى هي الحلّ الافضل.
وحسب المفاوضات كان موقف الصندوق واضحا «أنه لا يستطيع أن يقبل إلا انخراط المحامين المباشرين الذين لم يبلغ سنهم 55 سنة، أما الفئة التي تفوق هذا السن فئة المتقاعدين وفئة الأرامل، فإن الصندوق رأى أنه من الناحية القانونية الصرف لا يمكن قبولهم نظرا لان القانون لا يمكن المنخرط من منحة إلا إذا ما مرت على فترة انخراطه عشر سنوات وقال الصندوق أنه لو افترضنا ان المحامين يتقاعدون في سن 65 وأحتسبنا 10 سنوات قبلها، فإن السن الأقصى لقبول المحامين هو 55 سنة.
وهنا ظهرت صعوبة الانخراط بالصندوق، إذا استثنينا الفئات الثلاث المذكورة، فإنه لا يمكن لأي هيئة كانت أن تقبل هؤلاء في منحة تقاعد تؤمن لهم حياة كريمة ولا تعرضهم للجوع والخصاصة.
هذه المسألة أوليتها أهمية قصوى في برنامجي الانتخابي، وعندما انتقلت الى المدن الكبرى وتونس لعرض هذا البرنامج شرحت لزملائي وجهة نظري المتمثلة فيما يلي:
أن الحل الآن هو بيد السلطة فهي التي يمكن لها وحدها أن تمكنا من الانخراط بالصندوق ولو لمن فات سنه 55 سنة أو لأرملة أو لمتقاعد. وطالبت بأن يقع استثناء هذه الفئة وتتدخل السلطة لمنحها جراية التقاعد، وهذا الاستثناء قد وقع سابقا إذ تدخل السيد الرئيس منذ سنوات وعمّم منحة التقاعد على الكتّاب والفنانين والمبدعين مهما كانت سنهم. فلا شيء يمنع من تعميم هذا الامر على الفئات سالفة الذكر من المحامين خاصة أنه تبين من المفاوضات التي جرت مع الصندوق ان المحامين سالفي الذكر لهم امكانية أن تشتري لهم هيئة المحامين عدة سنوات للتقاعد وكذلك الأمر بالنسبة للمتقاعدين والأرامل، ولكن تكلفة ذلك تتراوح بين 80 مليارا و150 مليارا وهو أمر تعجز عنه هيئة المحامين بينما لو تدخلت السلطة فإن هذا الاشكال سوف يزول لان الصندوق لا يكون مطالبا بدفع 150مليارا بل يكون مطالبا بدفع جريات النوات الاولى التي لا تتجاوز 3 مليارات في السنة.
واذا قبلت السلطة ذلك فإن الذين سينخرطون بالصندوق وعددهم الآن 5 آلاف محامي سيدفعون انخراطهم السنوي (ربما باستثناء المتمرنين ) أي أن مقدار 3 مليارات التي سيدفعها الصندوق هي التي سيدفعها المحامون في السنة الاولى.
وأرى أن هذا الحل هو الأمثل وهو بيد السلطة، وإذا ما وقع انتخابي فإني سأعمل علي تنفيذ ذلك، لان مصلحة المحامين تمكن في الانخراط بالصندوق اما اذا لم تتوفر هذه الصيغة وأصبح المحامون عاجزين عن الانخراط فإنه لم يبق لنا غير حل واحد وهو صندوق تقاعد المحامين رغم ضعف موارده ولا بد من توفير موارد أخرى مثل فرض معلوم سنوي أو الترفيع في معلوم التانبر بحيث تقع مراجعته أو بارجاع معلوم المرافعة الذي رفع بحجة ان القضاء في تونس هو قضاء مجاني . لكن في الواقع، فان القضاء في العالم لا يمكن ان يكون مجانيا 100 وهو ما يدل عليه الحال في تونس .
هذا الموضوع استغرق مني جانبا في عرض البرنامج ، لانه الموضوع الحيوي الذي يتعلق به المحامون وثانيا لان بقاءهم بدون حل خلال السنوات الاخيرة، قد ساهم في تعميق الأزمة داخل المحاماة وربما في تأزيم العلاقة بين المحاماة والسلطة.
وأعتقد ان الفترة المقبلة هي محورية إذا لم نجد حلاّ لهذه المشاغل وان يتم السعي الى إرساء هذه الحلول بواسطة الحوار الذي تخلص فيه النوايا سواء من طرف المحامين المنتمين للسلطة أو من قبل المحامين الذين لا ينتمون اليها وبكل صدق عند عرض هذا البرنامج وجدت تفهما كاملا من قبل المحامين.
لحل هذه الأمة الدائمة فالدولة يمكن أن تفي بها.
واني استغل تصريحي بجريدتكم لوضع هذه المشاكل في مستوى عرض على الرأي العام، لنقول ان المحامين ليسوا في حاجة الى إبقاء هذه المشاكل قائمة ولا يمكن ان تكون مصدر تعفن بين السلطة والمحاماة خاصة وانا شخصيا عند ما نقدمت للترشح، فذلك ايمانا مني (وهذا أقمت عليه الدليل في المرات السابقة التي كنت فيها عميدا) لا بد من تصحيح الوضع، لأن المحامين هم أكثر الفئات تسيسا، وهم ايضا قاعدة الفكر السياسي في العالم أجمع سواء بالنسبة للأفراد التي وصلت الى السلطة أو للافراد في المعارضة، ولا أدل على ذلك مؤخرا وصول ساركوزي المحامي الى السلطة وقبله بيل كلينتون الى الرئاسة في أمريكا.
* وكيف تنظرون في تأثير العامل السياسي في العامل المهني داخل قطاع المحاماة؟
أنا أعتقد أن العمل السياسي بالنسبة للمحامي هو حق من حقوقه ، اما بالنسبة لمجلس الهيئة، فإن قناعتي يجب ان تبقى مستقلة عن جميع التيارات السياسية وليتعامل معها بنفس المعايير لكي لايطغى تيار سياسي على آخر وحتى لا يصبح مجلس الهيئة نهبا للتيار السياسي الذي يريد أن يسيطر عليه.
وهذا ما تحقق في الواقع في العالم المتحضر مثل فرنسا أو ايطاليا أذ ليس هناك مجالس هيئات مسيسة ، بل هي هيئات مهنية خالصة مثل الصيادلة والاطباء المعتمدين ودورها هو مراعاة مصلحة المهنة وتحقيق مكاسب لها.
* لكن ألا ترون أن هذا الأمر ينسحب على واقع الهيئات والعمادات والنقابات في العالم العربي بأسره؟
اريد أن اتحدث حديث الصراحة عند ما كنت عميدا سابقا وزرت فيها المغرب كنت أدهش لشيء وهو ان هيئات المحامين مقسمة بين أحزاب كبرى تتعاظم فيها قيادات الاحزاب قبل تفاهم المحامين، فإذا كان الحزب قد حصل على نقابة دار البيضاء، فإن حزب الاستقلال تكون له قيادة هيئة الرباط وخلال السنوات الأخيرة أصبحت كل الهيئات مستقلة عن كل الاحزاب أعطتها قوة خدمت بها مصلحة المحاماة والعناية بمصالح منخرطيها لا مصلحة الاحزاب والاطراف السياسية .
* ألا تعتقدون ان مفهوم الاستقلالية بدوره قد اصبح مفهوما مخاتلا وماكرا؟
بالنسبة لتونس أصبح في السنوات الاخيرة هذا المفهوم ضبابيا لان هناك فكرة خاطئة قد تسربت مفادها ان المحامي المستقبل هو من كان مستقلا عن السلطة أما غيره من المنتمين للاحزاب فيعتبر مستقلا لكن انتماءه الحزبي قد يجعله متعصبا لحزبه ويسعى لان تصبح المحاماة في تياره السياسي وهو ما نأت عليه تونس في الماضي.
فالعميد الشاذلي الخلادي هذا المنتمي حزبيا بل كان من قيادة الحزب القديم لكن لما اصبح عميدا كان عميدا مستقلا بعدها فرضت الدولة على المحاماة الاستاذ عبد الرحمان عبد النبى منصبا، وبالتالي اعتبر المحاماة يجب أن يباشرها إلا من كان وطنيا وفي نظره فأن الوطنية تتجسد في الحزب الجديد.
وهذا ما خلق جفوة بينه وبين المحامين واضطرت الدولة الى عزله عن المحامين وانتخاب البحري قيقة الذي كان يتمتع بالكثير من الاستقلالية خاصة انه كان يؤمن بأن عمل الهيئة هو مهني قبل كل شيء.
* بهذه المعايير، هل ان المراحل السابقة قد برهنت على استقلالية العمداء؟
كل العمداء الذين وصلول الى هيئة المحامين، كانوا متشبثين بهذه الأفكار لكن هذا التصور لم يبق هو المسيطر خلال المدة الاخيرة وأنا لست بصدد تقويم أداء زملائي لان ذلك من خصائص الجلسات العامة، لكن النتيجة الملموسة كذلك ان شرخا بين المحامين قد حصل في جلساتهم العامة مبعثة الخلاف السياسي فقط ورأينا جلسات عامة يصل فيها المدى الى استعمال العنف بين المحامين.
ولذلك، في نظري وجب السعي الى ان يوجد خطاب تجميعي موحد لا يمكن ان يكون إلا على اساس مهني فقط وجود التضامن بين أهل المهنة، وان هذا الخطاب الذي يجمع بين القواسم المشتركة بين المحامين، هو وحده الذي يمكن ان يحلّ ازمة المحاماة وعلى هذا الاساس تقدمت الى العمادة على أن يسود التعقل بين الأطراف المختلفة للمحامين المسيسين حتى ننظر فقط الى المصلحة العليا للمحاماة.
* لكن شعور المحامين «بالغبن» في ظل غياب صيغة للتغطية الاجتماعية لا تقل عن شعورهم بالخوف من مستقبل التقاعد في قطاعهم ؟
المحامون يشعرون بانعدام تغطية اجتماعية ثانية ، فهم لا يتمتعون بتأمين علي المرض، فقد جربنا سابقا عدة عقود مع شركات التأمين والتي لم يكتب لها الاستمرار والآن، فقد عرضت أن الحل يكمن بالانخراط في الصندوق الوطني للتأمين على المرض لكن بالنسبة للمحامين لا ليمكن الحصول عليه ماديا وموضوعيا لانه مرتبط بوجوب تغيير نصوص قانونية ، لان التأمين بالصندوق الوطني (C N A M) لا يمكن إلا بالنسبة للمضمونين إجتماعيا،وبما أن المحامين غير منخرطين فبالتالي غير مضمونين إجتماعيا ولا يمكن لهم الانخراط بالصندوق. لكن يمكن في حالتين :
1) أن يصدر تنص خاص عن السلطة يمكن المحامين من الانخراط بالصندوق الوطني للتأمين على المرض.
2) أن يصبح المحامون منخرطون بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعية وبالتالي يصبحون آليا مضمونين اجتماعيا.
وهذا المطلب ملح، لان بعض الزملاء الذين تعرضو الى حالات مرضية عويصة ومزمنة وجدوا أنفسهم أمام صدقات، وهو أمر لا يليق بمن تعرض الى هذا النوع من الأمراض.
واعتقد أن هذا لأمر لن يكلف السلطة أمرا شاقا أو تكلفة مالية كبيرة ، بل الموضوع يتعلق باتخاذ قرار تشريعي فقط.
* من أسباب الخلاف القائم بين وزارة العدل والهيئة الوطنية للمحامين مسألة المعهد الأعلى للمحاماة، كيف تنظرون الى هذا المشروع ؟
انه الموضوع الثاني العام فهو سبب من أسباب الخلاف الواقع بين الهيئة الحالية ووزارة العدل ويتعلق ببعث المعهد الأعلى للمحاماة.
وأمام ضغط المقبلين على مهنة المحاماة والذي أصبح في ظرف سنوات وجيزة يعد بالآلاف ، كانت النتيجة الحتمية لذلك هو اغراق المحاماة وبالتالي تدني المستوى المادي للمحامين، ولذلك كان التفكير واجبا في الحد من هذه الظاهرة ومنذ سنوات طويلة طالب المحامون بما اسموه بتوحيد المدخل، أي أن تصبح شهادة الكفاءة هي المدخل الوحيد للانتماء الى المهنة وشهادة الكفاءة يُعين فيها سنويا عدد الذين يمكن لهم اجتياز مناظرة الدخول الى المحاماة، لكن حصل أمر أحسن من ذلك وهو ان هيئة المحامين بقيادة الاستاذ بوراوي وبعث المعهد الأعلى للمحاماة هي طريقة تتم بها مراقبة عدد الوافدين آي ما يمكن استيعابهم فقط سنويا في المهنة، والى جانب ذلك تكون مهمة هذا المعهد تكوين المقبلين لمدة سنتين كاملتين بعد الحصول على الإجازة أو شهادة التعمق، هو ما من شأنه أن يحقق نوعية من المحامين تستطيع ان تتكيف مع الظروف الدولية الجديدة وتشابك المصالح الدولية التي يجب أن يكون للمحامي مكانة خاصة في عهد الشراكة التونسية الاوروبية وهذا المعهد مع وجود الارادة الصادقة يستطيع أن يكوّن محامين يستجيبون لهذه المواصفات ويقدرون على المنافسة عالميا.
كذلك، في اعتقادي كان على المحامين أن يعتبروا حصول هذا الأمر بمثابة مكسب من المكاسب التي وقعت فيها الاستجابة لطلب استمر عدة سنوات، لكن انا شخصيا فوجئت باندلاع خلاف بين الهيئة الوطنية ووزارة العدل حول صنف المعهد.
* السيد العميد، على ما اعلم أن وجه الخلاف تعلق بطرق التسيير بنسبة التمثيلية وليس برفض المشروع من أساسه؟
فيما يتعلق بالتسيير فالهيئة الوطنية طالبت بأن يكون لها هذا الجانب، واستمر هذا الامر طويلا الى أن صدر الامر التشريعي ببعث هذا المعهد وذلك في شهر ماي 2006 وتبين منه أن التسيير هو في واقع الامر لن يكون لوزارة العدل أو لوزارة التعليم العالي ، بل أن هذا التسيير للمجلس العلمي للمعهد.
ثم اضاف وزير العدل في احد تصريحاته بأنه يلتزم بأن يكون المدير العام للمعهد هو محام مرسم لدى التعقيب وهذا يعني ان ذلك سيتم بالتفاهم بين الهيئة الوطنية بين وزارة العدل وانا عند ما عرضت برنامجي، اعتبرت ذلك كافيا لتصبح التمثيلية داخل هذا المجلس العلمي للمحامين فالنص القانوني الذي اسس المعهد اقتضى ان المجلس العلمي يتركب من ثلاثة أطراف 4 من محامين و4 من الاساتذة ، 4 من القضاة واضاف النص بالنسبة للمحامين، اثنان منهم يتم تعيينهما من قبل مجلس الهيئة الوطنية للمحامين، وانا اقترحت مؤخرا انه لضمان مستوى تمثيلي أكبر للمحامين ان يقع تعيين ممثلي الهيئة في المجلس هما العميد السابق للمحامين والعميد المباشر أما بالنسبة للأثنين الآخرين، فان النص القانوني قد اقتضى بأن يتم انتخابهما من بين هيئة التدريس التي تعينها هيئة المحامين اذ أنه إذا كان الامر كما هو معمول به الآن بالمجلس الأعلى للقضاء فإن المدرسين لا يقل عددهم عن 60 مدرسا.
وإذ كانت هيئة المحامين ستعين 4 منهم فإن المدرسين الآن بكليات الحقوق الخمس (تونس I وII وسوسة صفاقس وجندوبة) هو اغلبهم من المحامين وهذا يعني ان ممثلي المدرسين سيكونون من المحامين يعني ان عدد المحامين بالمجلس العلمي للمعهد سيكون في حدود ثمانية وهو ما يؤكد الاغلبية للمحامين داخل تركيبة هذا المجلس.
وبالطبع بالنسبة للقضاة، فاني اتمنى ان يقع تعيينهم من ذوي الكفاءات العالية حتى يصبح معهد المحامين مثله مثل المعهد الاعلى القضاء الذي اقول بكل فخر سيكون مفخرة من مفاخر تونس اذ لا وجود لمثيل له في العالم العربي لانه سيمكن تونس من الحصول على مستوى رفيع.هذا المجلس هو الذي يقرر عدد الذين يمكن قبولهم عن طريق المناظرة وهو الذي يقرر سواء التدريس أو عدد المدرسين بحيث لا جدال في ان التسيير سيكون لهذا المجلس لا للإدارة وهو مجلس يجمع بين التركيبة الثلاثية تتخذ فيه القرارات بالاغلبية ولذلك انا اساير من يرى ان هذا المعهد سيمس استقلالية المهنة.
وقد أوليت هذا الموضوع اهمية كبرى لان الازمة القائمة بين الهيئة ووزارة العدل كان من أسبابها هذا الموضوع.
وكان بالتفاهم الوصول الى حل خاصة بعد ان سلم السيد وزير العدل بان المدير العام سيكون من ضمن المحامين المرسمين بالتعقيب.
* كنتم ضمن اللجنة التي اعدت مشروع القانون الاساسي للمحاماة والذي لم يتم التصويت عليه فما هي وجهة نظركم في مضمون هذا المشروع؟
التحوير الذي يجب ان يدخل على قانون المحاماة لان القانون الحالي يعود الي سنة 1989وقد وضع لادارة المحاماة عندما كان العدد في حدود 1200 والان يكاد يبلغ العدد 6 آلاف.
ولذلك بينت انني سأتقدم الى السلطة بطلب تنقيحات كاملة في حدود اكتوبر ونوفمبر المقبل وذلك بوضع آليات تتعلق ببعث فروع لمحاكم الاستئناف والبالغ عددها 12 وذلك لتقريب الخدمات للمحامين اما الاصلاح الثاني، فإنّ الهيئة الوطنية تتركب من العميد و7 أعضاء وهذا العدد قد يكون كافيا سنة 1989 اما الان فيجب الترفيع فيه على ما لا يقل عن الضعف.
* هذه المقترحات او الاصلاحات ترتبط اشد الارتباط بالمدى المتوسط، لكن ماذا تطرحون على الصعيد الاستراتيجي؟
على مستوى المدى البعيد، فإنه لابد من اعادة التفكير في صلاحيات رئيس الفرع وصلاحيات بقية اعضاء الفرع لأنه حاليا لا وجود الا لرئيس الفرع وهو ما ادى احيانا الى شيء من التعسف وبعيدا عن التسيير الديمقراطي.
واعادة التفكير في صلاحيات التأديب و الاحالة والذي هو من خصائص رئيس الفرع لانه ادى بدوره الى كثير من التعسف.
فإن مقترحي ان يكون لرئيس الفرع الحق فيالاحالة وتجتمع هيئة الفرع لتقرر هل هناك مبررات لذلك.
كما ان موضوع الاحالة على عدم المباشرة لا يمكن ان يكون من صلاحيات مجلس الفرع لان مجلس الهيئة هو الذي يقرر ذلك.
* هناك قضية هامة تشد اهتمام المحامين تتعلق بالحصانة فماهي مقاربتكم لهذ المبدإ؟
هذا الموضوع (الحصانة) فإن صياغة الفصل 46 من القانون الاساسي للمحاماة يجب ان يتغير.
وان لم تحدث مشاكل طيلة السنوات الماضية ولم تحدث الا مع الاستذ فوزي بن مراد وما حصل له يجعلنا مجبرين على اعادة النظر في هذا النص.
لان الاستاذ بن مراد صرح بعبارة لا تدخل في الجرائم التي عددها الفصل 46 ورغم ذلك فانه اوقف حالا وترك من منتصف النهار الى الرابعة بعد الظهر لتستقدم زوجته ليعلمها بان زوجها بحالة إيقاف ثم ليودع بعد ذلك السجن دون ان يعلم عميد المحامين ودون ان تتوفر للمحامي اي ضمانات والمؤسف ان الفصل 46 على حالته الان يسمح بمثل هذه الاجراءات فلابد ان تعاد صياغة هذا الفصل بان المحامي الذي يرتكب جريمة مجلسية لا يوقف ؟؟؟ وانما يحال امره وهو بحالة سراح على التحقيق ويشعر عميد المحامين بذلك وتوفّر له الضمانات الكافية ولا يصبح إدخاله للسجن ممكنا الا عندما يصبح الحكم نهائيا في حقه اي بعد استفراغ كل وسائل الطعن.
وأنا لا اقول ان المحامي فوق القانون ولكن وهو رجل الدفاع يجب ان تتوفر له كل الضمانات حتى لا تعاد مثل قضية الاستاذ بن مراد.
* وهل تنوي الاستئنس بالافكار والمشاريع السابقة في قطاع المحاماة خاصة وان البرامج الانتخابية متعددة ومتنوعة!!
لن ابني على فراغ وسوف اخذ بكل ما تم من دراسات ومطالبات من الهيئات السابقة لنتبيّن منها ماهو صالح للتطبق وماهو في مصلحة المهنة لنبني عليه.
* كنا نتوقع ان يتم التصويت على مشروع القانون الداخلي للمحاماة والذي شاركت مع العديد من المحامين والعمداء في صياغته لكن حصل العكس فكيف تقاربون هذه العملية؟
القانون الداخلي للمحاماة منذ 1961 لم يصدر قانون داخلي لان ذلك القانون قد تجاوزه الزمن ولان الحاجة ملحة لاصداره، كنا نتوقع ان يتم التصويت عليه بعد ان اعده العميد بن موسى واللجان التي بعثها اعدادا جيدا، لكن عدم التصويت عليه بتعلة ان هذا القانون قد لا يكون ملائما في هذه الفترة.
واذا ما تم انتخابي فاني سأعيد طرحه على مناقشة والتصويت واعتقد ان مثل هذا البرنامج لمهني يمكن ان يصبح من شأن المحاماة ويعيد بها اشعاعها واحترامها ومكانتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.