خرجت بسيّارتي مساء الأربعاء 15 أوت، وكنت أسير بحذر، كما تعوّدت منذ أن حجزت منّي رخصة السياقة، لأنّي سقت بسرعة 70 كلم في الساعة في طريق حدّدت فيها السرعة ب50 وكنت وقتها أظنّ أنّ ذلك جائزا إذا كان الطريق واسعا وخاليا. وبعد أن تحملت العقوبة التي يعرف تبعاتها كل من تعوّد على استعمال السيّارة ثمّ حرم منها فجأة، عزمت على أن ألتزم بالقانون وحين خرجت عشيّة الأربعاء كنت عازمة على أن لا أرتكب أيّ مخالفة. كنت أسير بسرعة منخفضة في الطريق الموازي لمنطقة الشرطة بالمنستير،وكانت أمامي علامة توقّف. وظهر في المرآة العاكسة شرطي شاب على درّاجة ناريّة (احتفظ برقمها) كان شابا أسمر وسيما، مرّ بجانبي ومضى دون أن يتوقّف وانعطف يمينا. أمّا أنا فتوقّفت، وكانت هناك سيّارتان قادمتان في الطريق الرئيسي انتظرتهما ثمّ انطلقت نحو اليسار.سرت حتّى المفترق الموالي،وفجأة ظهر الشرطي على درّاجته وأمرني بالوقوف،وأخذ الأوراق استفسرت فقال إنّني لم أتوقّف عند العلامة. وعند إلحاحي بأنّ هذا لم يحصل ساق درّاجته قائلا:»الحق عليّ توّ نقلّك وين توقّف».عدت قرب العلامة فلم أجده، ثمّ وجدته قرب منطقة الشرطة، ووجدت أنّه حرّر محضر. التمست منه أن يراجع نفسه ولا يرتكب هذا الخطأ في حقّي وأنّني لا يمكن أن أسكت على هذا الظلم فقال:»المحضر ماعادش يتنحّى وكان عندك اشكون برّه اتّصل.» وكان أمام المنطقة أحد رجال الشرطة أكبر منه سنّا على دراّجة نارية رأيته يكلّمه، فالتحقت به، وألححت عليه أن يستمع إليّ، رفض وقال لي» شوف مع إلّي لداخل» دخلت المركز كان الوقت حوالي السادسة مساء وجدت رجل شرطة في المكتب استمع إليّ وقال» ميش مشكل إيجى في الصباح تو تلقى حل مع عرفو» وطبعا صدّقته ولكن عندما عدت قيل لي بكلّ صرامة رجال الشرطة :المحضر تعدى وإلي باش تقولو قولو في المحكمة .أسقط في يدي لأنّه في المحكمة لا يستوي كلامي مع كلام الشرطي فهو محلّف، ولا وزن لكلامي مهما قلت . كتبت مطلبا وقدّمته لرئيس المصلحة وطلبت منه أن ينصفني وقلت له لا بدّ أن في الشرطة من ينظر في مثل هذه التجاوزات، ولا أظنّ أنّ الشاب يقصد الإساءة إليّ ولكنه لم يتثبّت من الأمر. وإذا كان هو محلّف فإنّ لي من السنّ ومن المركز الاجتماعي والعلمي ما يمنعني أنا أيضا من الادّعاء أو الكذب. أخذ نسخة من المطلب وقال سأبلغ رؤسائي وقال لي عودي يوم الاثنين. وعدت يوم الاثنين، كانت قاعة الانتظار فسيحة حسنة الإضاءة، وكانت محلاة بأطر كتب في أحدها واجبات رجل الأمن كانت سبعة وكانت تعد بكل خير، وقد لفت نظري خاصة الواجب الرابع:حكّم العقل وتجنّب الظلم وتحاشى تجاوز السلطة. ملأ هذا نفسي تفاؤلا ،وقد زادني تفاؤلا إطار آخر كتب فيه:يعيش الأمن ليعمّ السلام فيسعد الشعب والرئيس المقدام ويضيء نجم تونس بعد الظلام كنت غارقة في تفاؤلي عندما أعلمني عون أنّ المحضر قد أحيل إلى المحكمة، وأنّ رئيس المصلحة مشغول وإن أردت مقابلته عليّ أن أرجع غد!؟ فهمت أن لا فائدة من الانتظار إلى الغد، فحملت مطلبي وذهبت إلي مدير الإقليم،استقبلني بكل لطف، وهاتف أعوانه ثم أعلمني أن لا إمكانية للتراجع لأنّني اتّصلت به بعد فوات الأوان.بدأت أعيد النظر في كلّ ما جرى، وكيف أضعت الوقت المناسب. سيادة الوزير: إن ثقتي في العدل ، هي التي أضاعت عليّ الوقت المناسب ماذا أفعل؟ أنا متأكّدة من نفسي، وقد توقّفت المدّة الكافية لمرور سيّارتين وفي المكان المناسب. كما أنّ العون لم يوقفني على عين المكان، ولو فعل لأمكن لأصحاب السيّارة التي كانت خلفي أن يشهدوا معي. إنّني أطلب الإنصاف وأرجو أن تدلّوني علي الطريق الصحيح لحلّ مشكلتي ولكم جزيل الشكر.
------------------------------------------------------------------------ الاسم: رفيقة البحوري المهنة: أستاذة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة