سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ما دام هناك فقر وحيف اجتماعي.. فإن الهجرة ستتواصل بأشكال وتوجهات جديدة 3 اسئلة للاخ محمد الطرابلسي :..
تجنيد قوى الديمقراطية والحرية والمجتمع المدني في الضفتين لإيجاد حلول تتجاوز المقاربة الامنية
على هامش اشغال الندوة، وجهنا الى الأخ محمد الطرابلسي الاسئلة التالية فتفضل بالاجابة عنها: 1 لماذا هذا الشعار بالذات لندوتكم، فهل ثمة فعلا اتجاهات جديدة للهجرة وماهي؟ 1 نعم هناك توجهات جديدة للهجرة بمنطقة البحر المتوسط بدأت معالمها تظهر منذ نهاية السبعينيات، هذه التوجهات الجديدة نجمت عن تضافر عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية عديدة غيرت الشكل النمطي المألوف للهجرة والمتمثل في تحول اعداد مهمة من العمال المهاجرين المغاربيين الى أوروبا للعمل برغبة من الاوروبيين وتحت ضغط حاجيات الاقتصاد الاوروبي لليد العاملة في فترة اعادة البناء اثر الحرب العالمية الثانية ثم في فترة الطفرة الصناعية حتى اواسط السبعينيات، بعد ذلك جاءت «حرب البترول» وبداية تراجع النمو في اوروبا اثر ارتفاع اسعار النفط والمواد الاولية تلا ذلك ما نجم عنه الثورة العالمية والتقنية والاستعمال المكثف للآلة المتعددة الوظائف والروبوتيزم من تقلص حاجة البلدان الصناعية للمهاجرين التقليديين. وقد رافق كل هذه المتغيرات تشدد متزايد على تنقل الاشخاص من الجنوب الى الشمال وفرض التأشيرة الموحدة (شنغان) وسن القوانين المقيدة للتجميع العائلي ولمنح الجنسية وللتسجيل بالمؤسسات التربوية ولحرية غير الأوروبيين في التنقل والبحث عن عمل داخل الاتحاد الاوروبي. ولم تزد الازمات السياسية بالمنطقة المتوسطية وبخاصة استمرار مأساة الشعب الفلسطيني وغزو العراق الاوضاع السائدة سوى تعقيد. حيث تنامت في نفس الوقت وبصفة متوازية نزعتا العنصرية ومعاداة الاجانب من جهة والارهاب من جهة اخرى وهو ما حدا ببعض الساسة ودعاة التطرف ومناصري الحروب الى تحويل القضية عن جذورها السياسية والاجتماعية والاقتصادية الى مسار ديني وثقافي فنادوا بصراع الثقافات وعودة حروب الاديان في خلط متعمد بين الارهاب والهجرة والاسلام وقد اعتمدت هذه الجماعات سياسة التخويف من الاجنبي وما رست اشكالا من الضغط من اجل تشديد القوانين والاجراءات الامنية الخاصة بالمهاجرين حتى تحولت الهجرة الى قضية اساسية ومحددة في الصراع السياسي بين مختلف الاحزاب والتيارات السياسية باوروبا التي صارت تزايد على بعضها البعض لكسب اصوات «الخائفين» على حساب الحلول العادلة والموضوعية لقضايا الهجرة. ويشعر المواطن في الجنوب بالتناقض المفضوح بين الخطاب والممارسة في خطاب الشمال فمن جهة يقود الشمال المتقدم المصنع قطار العولمة بما تعنيه من فتح للحدود أمام السلع والرساميل والافكار ومن الجهة الاخرى ينغلق هذا الشمال على نفسه شيئا فشيئا ويبحث عن توسيع حدوده الامنية في وجه المهاجرين الى أبعد نقطة ممكنة من اوروبا وامريكا الشمالية. هذه العوامل لم توقف عملية الهجرة ولن توقفها لان الهجرة هي نتاج للواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي المعيش، وطالما ان هناك فقرا وبطالة وحيفا اجتماعيا وخرقا للحريات واضطرابات سياسية وحروبا فإن الهجرة ستتواصل باشكال وضمن توجهات جديدة وهو ما يحدث اليوم من خلال تنامي الهجرة السرية او اللاقانونية وتفاقم ظاهرة قوارب الموت العابرة للبحر المتوسط. وتكاثر العصابات الاجرامية التي تشتغل في عملية تنظيم الهجرة السرية ومن ينجح في العبور للضفة الشمالية فإنه لن يفلت من امرين اما العمل في السوق السوداء دون حقوق وفي ظروف قاسية واما السقوط في مستنقع الجريمة والمحظور وبالطبع فان ذلك لن يزيد مشاعر العداء للاجانب والعنصرية الا تأجّحا وانتشارا. ومن المظاهر الجديدة للهجرة بمنطقتنا ما اصبح يمثله المغرب العربي من منطقة عبور اساسية للمهاجرين القادمين من جنوب الصحراء الافريقية وهو ما يضيف الى منطقتنا وظيفة مهجرية جديدة حيث لم تعد منطقة تصدير للعمالة فقط بل اصبحت منطقة عبور وبالتالي استقطاب للمهاجرين الافارقة. هؤلاء يعبرون الصحراء في قوافل موت ليصلوا الى الشمال الافريقي كمحطة اولى قبل امتطاء قوارب الموت. وغالبيتهم يأتون دون موارد لانهم ينتمون للطبقات الفقيرة المعدمة، وهم مجبرون على القبول باي عمل شرعي وغير شرعي لتوفير المال لتمويل محطتهم الثانية. فلا قوانين تنظم وجودهم او تحمي حقوقهم بما يعرضهم اما للاستغلال الفاحش او الايقاف والطرد من البلاد التي يوجدون بها. ان غياب اي إطار قانوني للتعامل مع هؤلاء «القادمين» يضعنا كنقابات امام وضع صعب جدا، فلا هم عمال مهاجرون ولا هم لاجئون. ولذلك تتعامل معهم السلط في هذه البلدان كعابرين للحدود دون ترخيص وهو ما يجعل من تدخل النقابات امرا صعبا لفائدتهم. هذه اذن بعض المعطيات التي تؤكد اننا نواجه مشاكل مختلفة عن المشاكل التي كنا نعالجها في السابق في مسألة الهجرة وهي نتاج لهذه التوجهات الهجرية الجديدة لمنطقتنا والتي علينا فهمها ومناقشتها في اطار نقابي من اجل مقاربة مشتركة بين النقابات المعنية مغاربيا واوروبيا وافريقيا، وهذا ما دفعنا الى تنظيم هذه الندوة بحضور هذه الاطراف الثلاثة اضافة الى ممثلي جمعيات الهجرة باوروبا. 2 تعقدون الندوة في وقت لا يوجد فيه مهاجرون بتونس حتى يشاركوا في اثرائها مثلما جرت العادة من قبل لماذا؟ كنا حريصين هذه السنة على تجميع نقابيي الشمال والجنوب المعنية وممثلي المهاجرين باوروبا وقد تطلب ذلك اختيار الظرف الذي يناسب الجميع ويسمح بمشاركة اكبر عدد ممكن من المتدخلين في هذه القضية، في السنوات الماضية كنا نتناول قضايا المهاجرين التونسيين ودور النقابات في اوروبا ودور الاتحاد العام التونسي للشغل لمساعدتهم والعناية باوضاعهم ، هذه السنة اخترنا موضوعا يتجاوز الاطار الوطني ليتناول قضية الهجرة في ابعاد جديدة دولية واقليمية ومن خلال حوار يجمع نقابيين من تونس والجزائر والمغرب ولبنان واسبانيا وفرنسا والبرتغال وايطاليا وتشاد والنيجر ومالي اضافة الى ممثلين عن جمعيات الهجرة باوروبا وعن الاتحاد النقابي لعمال المغرب العربي والاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب والمنتدى النقابي الاورومتوسطي ومنظمة الوحدة النقابية الافريقية والمنظمة الجهوية الافريقية. 3 هل تستطيع النقابات مواجهة القبضة الحديدية التي تعامل بها السلط هنا وهناك افواج المهاجرين؟ بالامكان مواجهة هذا الوضع اذا ما تطور الحوار بين النقابيين من مختلف المناطق المعنية وتوصلنا الى مقاربة مشتركرة تنسجم ومبادئ العمل النقابي واهدافه التي ترفض العنصرية والتمييز وتبتعد عن الحسابات الوطنية الضيقة. كما علينا ايضا تنظيم حوار ثلاثي مع اصحاب العمل والحكومات حتى نتوصل الى مواقف تحترم الحد الادنى من حقوق المهاجرين وحتى تصبح الهجرة جسر حوار وتلاق بين مختلف الثقافات والحضارات. اننا لسنا الوحيدين الذين يتبَنّوْن قضايا المهاجرين بل بامكاننا تجنيد قوى الديمقراطية والحرية من المجتمع المدني ببلداننا وباوروبا من اجل حلول تتجاوز النظرة الامنية التي تقود الحكومات في معالجة هذه الظاهرة وطرح المسألة من زاوية تنموية مشتركة تعالج اسباب الهجرة الحقيقية وهي اسباب اقتصادية وسياسية واجتماعية بالاساس.