خطير/ منحرفون يثيرون الرعب ويهشمون سيارات المواطنين.. ما القصة..؟!    عاجل/ تعزيزات أمنية في حي النور بصفاقس بعد استيلاء مهاجرين أفارقة على أحد المباني..    منوبة: تقدّم ّأشغال بناء المدرسة الإعدادية ببرج التومي بالبطان    الحماية المدنية: 17 قتيلا و295 مصابا في ال 24 ساعة الماضية    فتح تحقيق في وفاة مسترابة للطبيب المتوفّى بسجن بنزرت..محامي يوضح    %9 حصّة السياحة البديلة.. اختراق ناعم للسوق    وزير الخارجية الأميركي يصل للسعودية اليوم    نقطة ساخنة لاستقبال المهاجرين في تونس ؟ : إيطاليا توضح    الخارجية الإيرانية تعلّق على الاحتجاجات المناصرة لغزة في الجامعات الأمريكية    كأس الكونفدرالية الافريقية : نهضة بركان المغربي يستمر في استفزازاته واتحاد الجزائر ينسحب    الدوري المصري: "معتز زدام" يرفع عداده .. ويقود فريقه إلى الوصافة    مدنين : مواطن يحاول الإستيلاء على مبلغ مالي و السبب ؟    نشرة متابعة: أمطار رعدية وغزيرة يوم الثلاثاء    تعرّض سائق تاكسي الى براكاج في سوسة أدى إلى بتر إصبعيه    17 قتيلا و295 مصابا في ال 24 ساعة الماضية    سليانة: 4 إصابات في اصطدام بين سيارتين    قيس الشيخ نجيب ينعي والدته بكلمات مؤثرة    ما حقيقة انتشار "الاسهال" في تونس..؟    تصل إلى 2000 ملّيم: زيادة في أسعار هذه الادوية    تونس : ديون الصيدلية المركزية تبلغ 700 مليار    هام/ بشرى سارة للراغبين في السفر..    كأس الكاف: حمزة المثلوثي يقود الزمالك المصري للدور النهائي    عاجل/ ستشمل هذه المناطق: تقلبات جوية منتظرة..وهذا موعدها..    الرابطة الأولى: برنامج مباريات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    بعد مظلمة فرنكفورت العنصرية: سمّامة يحتفي بالروائية الفسطينية عدنية شبلي    التونسيون يتساءلون ...هل تصل أَضحية العيد ل'' زوز ملايين'' هذه السنة ؟    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب هذه المنطقة..    أخيرا: الطفل ''أحمد'' يعود إلى منزل والديه    يوميا : التونسيون يهدرون 100 مليار سنويا    زيارة ماسك تُعزز آمال طرح سيارات تسلا ذاتية القيادة في الصين    دكتور مختصّ: ربع التونسيين يُعانون من ''السمنة''    عاجل/ تفكيك شبكة مُختصة في الإتجار بالبشر واصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن في حق أعضائها    غوارديولا : سيتي لا يزال أمامه الكثير في سباق اللقب    معز السوسي: "تونس ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد الدولي.."    تونس / السعودية: توقيع اتفاقية اطارية جديدة مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة    خط جديد يربط تونس البحرية بمطار تونس قرطاج    قرار جديد من العاهل السعودي يخص زي الموظفين الحكوميين    ثمن نهائي بطولة مدريد : أنس جابر تلعب اليوم ...مع من و متى ؟    بطولة ايطاليا : رأسية أبراهام تمنح روما التعادل 2-2 مع نابولي    طقس الاثنين: تقلبات جوية خلال الساعات القادمة    حزب الله يرد على القصف الإسرائيلي ويطلق 35 صاروخا تجاه المستوطنات..#خبر_عاجل    السعودية: انحراف طائرة عن المدرج الرئيسي ولا وجود لإصابات    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    أسير الفلسطيني يفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    50 % نسبة مساهمة زيت الزيتون بالصادرات الغذائية وهذه مرتبة تونس عالميا    وزير السياحة: عودة للسياحة البحرية وبرمجة 80 رحلة نحو تونس    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاخ فتحي التليلي: المساعدة على التنمية ضرورة ملحة
كلمة إتحاد العمال المهاجرين التونسيين بباريس:
نشر في الشعب يوم 17 - 11 - 2007

إن هذه الكلمة لا تدعي التحليل العلمي الاكاديمي لظاهرة من أهم الظواهر البشرية التي عاصرناها والتي لا بد انها ستأخذ حظها في الدراسة والبحث من اخصائيي العلوم الانسانية وانما نطرحها لاثارة الانتباه الى بعض الحقائق، والوقائع التي نعيشها كمهاجرين وكمتابعين لقضايا الهجرة اضافة الى الاسئلة التي نرى من المفيد التذكير بها في سياقاتها حيث ان الاشكالات التي تطرحها علينا موجات الهجرة الجديدة تأخذ ابعادا مختلفة بشكل هام عما عرفته المنطقة المتوسطية في الفترات السابقة حيث ان الارتفاع الكبير والمتواصل في الفارق بين مستوى عيش كل من سكان جنوب المتوسط وشماله يجعل من هذه الظاهرة أي الهجرة التي عرفتها البشرية منذ عهود مسألة حتمية لن يزيدها الوقت في ظل الدلائل الحالية الا اتساعا خاصة مع التغييرات التي يعيشها العالم نتيجة لظاهرة العولمة ان اولى الملاحظات التي يجب ان نسوقها في هذا الاطار هي ان السياسات التي تنتهجها بلدان شمال المتوسط تجاه الهجرة من خلال معالجة امنية بحتة للقضية، لم تنجح في الحيلولة دون ارتفاع وتيرة هذه الظاهرة وما ارتفاع عدد المهاجرين الذين يلجؤون الى قوارب الموت سوى تأكيد على فشل هذه السياسات.
فهذه السياسات لا تأخذ بعين الاعتبار عددا من الحقائق المهمة التي لا بأس من التذكير بها، اولها هو ان نسبة البطالة الكبيرة في بلدان الجنوب تجعل منها فائضا هاما لليد العاملة لا تقدر على استيعابها وليس لديها من حلول سوى تصديرها حفاظا على السلم الاجتماعية اضافة الى ان بلدان الضفة الجنوبية للمتوسط أصبحت منذ مدة معبرا للمهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء الافريقية التي تعرف اوضاعا اقتصادية اكثر سوءا.
فهذه السياسات لا تعير اهتماما لواقع البطالة التي تصبح رديفا طبيعيا ومباشرا للفقر والخصاصة، مما يجعل من الهجرة الحل الوحيد امام قارة يمثل الشباب اغلبية سكانها ويطمحون لنموذج عيش افضل على الاقل كما لا تفتأ تقدمه لهم الصور التي تصلهم من الغرب بشكل عام ومن شمال المتوسط بشكل خاص.
وما محاولات دول الشمال الانفتاح على المهاجرين ذوي التأهيل العالي الا تكريس للمارسات القائمة، ولن تزيد إلا في حدة الازمة، ففتح الباب امام هجرةالعقول لن يكون له من نتيجة سوى اضعاف دول الجنوب التي سيسافر شبابها ذؤُو التأهيلات العالية الى الدول الغربية مما سيحرم البلدان الاصلية من طاقات من شأنها ان تساهم في التنمية وليس من شأن غيابها وهجرتها سوى مزيد التدهور في الحالة الاقتصادية وتكريس تبعية الجنوب للشمال اقتصاديا.
ففي حين تجمع كل الدراسات على ان الطريق الوحيد للحد من ظاهرة الهجرة في حوض البحر الابيض المتوسط مستقبليا هو المساعدة على التنمية في القارة الافريقية، تطالعنا الدول الاوروبية خصوصا بسياسات مشابهة «لسياسة الهجرة المختارة في فرنسا» التي من شأنها ان تحرم بلدان القارة السوداء من اهم عامل من عوامل التنمية الا وهو العامل البشري خاصة ان العقول المهاجرة هي في الاساس استثمار وطني في مسيرة التنمية لبلد ما.
جانب آخر مهم في الظواهر الجديدة للهجرة هو التشديد المتواصل من طرف الشمال في قوانين الهجرة، والذي وصل الى درجة يستحيل معها احترام حقوق المهاجرين الانسانية قبل الاقتصادية والاجتماعية و هو التناقض الذي تحاول دول الشمال إيجاد حل له من خلال الضغط على دول الجنوب لتبني قوانين هجرة زجرية، فقانون دول الجنوب التي اصبحت تحرم مساعدة المهاجرين مثلها مثل قوانين دول الشمال، فالقانون التونسي مثلا يعاقب بالسجن مدة اربع سنوات من يقدم مساعدة لاجنبي مقيم بطريقة غير نظامية اضافة الى خطية مالية قدرها 000 . 10 دينار، دون ان يفرق بين المساعدة الانسانية وعملية تهريب المهاجرين بغاية الربح وهو أمر لا يقتصر على دول جنوب البحر الابيض المتوسط فقط وانما يمس حتى دول الشمال من جهة تجريم تقديم المساعدة للمهاجرين بطرق غير نظامية ولنا على ذلك مثال التتبعات القضائية التي خضع لها في الفترة الاخيرة نشيطون من المجتمع المدني الفرنسي بتهمة ايواء وتقديم العون لمهاجرين في وضعية غير نظامية مما اثار حفيظة عدد كبير من المنظمات المعنية بحقوق الانسان.
وما نموذج البحارة التونسيين الذين تعرضوا لملاحقة قضائية في إيطاليا، الا مثال على ذلك رغم ان هؤلاء لم يرتكبوا اي عقوبة سوى القيام بإنقاذ مهاجرين بشكل لا نظامي بعد غرق مراكبهم في عرض البحر الابيض المتوسط، فالقبض عليهم من طرف قوات الفرونتكس frontex ومسلسل متابعتهم القضائية ليس سوى دليل على ان مكافحة الهجرة غير النظامية، بدأ يطغى على قيم الدفاع عن حقوق الانسان المؤسسة للديمقراطيات الاوروبية.
ومن بين الجوانب الاخرى التي تشهدها التوجهات الجديدة مع موجات الهجرة المتعاقبة والتي لا بد ان نشير اليها هو ان التعاطف الذي كان يحظى به العمال المهاجرون من طرف النقابات في تراجع مستمر تحت ضغط الوضع الاقتصادي والاجتماعي لبلدان شمال المتوسط التي تعاني بدورها من ضعف مستوى تنافسية، يدها العاملة ومن رحيل مواطن الشغل الى بلدان اكثر تنافسية وسياسة اعلامية لليمين المتطرف، وحتى أحيانا اليمين المحافظ تحاول كسب الاصوات من خلال تأليب الناخبين ضد المهاجرين وتصويرهم كمسؤولين عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي وارتفاع نسب البطالة.
فمن بين أهم التحديات التي نعيشها نحن كجمعية تعمل في قطاع الهجرة هو الصورة السلبية التي لا تنفك في رسمها وسائل الاعلام عن المهاجرين مما يخلق جوا ملائما لنمو اكثر الطروحات تطرفا، تزداد فيه الممارسات العنصرية والاعتداءات ضد الاجانب حيث ارتفعت في اوروبا في السنوات الاخيرة الاعتداءات ضد الاجانب كما أن التأثيرات الاجتماعية للعولمة لعبت دورا مهما في تطوير ردود فعل داخل بلدان الاستقبال لم يكن لها وجود من قبل بهذا الحجم على الاقل.
كما ان تراجع دول الشمال عن تقديم الخدمات الصحية والاجتماعية للمهاجرين ادى الى ظهور انواع جديدة من العبودية والرق حيث لا يجد هؤلاء المهاجرون أو طالبو اللجوء من حل سوى الشبكات التي تستغلهم الى اقصى حد، في غياب اي اعتراف من الدولة بهم وعدم قبولها تقديم اي خدمات اجتماعية وصحية لهم وهو الامر الذي يعاني منه بالخصوص طالبو اللجوء الذين يتم رفض طلباتهم. فهم من جهة لا يستطيعيون العودة إلى بلدانهم ومن جهة اخرى لا يتمتعون باي خدمة من طرف الدولة خاصة فيما يخص مجالات حيوية مثل السكن والصحة والتعليم، مما يجعلهم فريسة لهذه الشبكات.
وهو الواقع الذي يعبر عنه بشكل خاص، النمو الكبير الذي تعرفه شبكات استغلال النساء في الدعارة مثلا، الذي هو نتيجة لنمو ظاهرة النساء، حيث يجمع المراقبون على الارتفاع الكبير لنسبة النساء بين المهاجرين واذا ما كانت النساء يهاجرن سابقا في أطر قانونية اهمها هو إطار تجميع العائلات، فانهن اصبحن مثل جزء من ظاهرة الهجرة السرية كأفراد لا كجزء من العائلة، غير ان اصطدامهن بواقع العيش دون وثائق قانونية يلقي بهن الى واقع التعرض الى انتهاك حقوقهن والى اعتداءات بدنية وجنسية لا يستطعن امامها الا الصمت حيث ان الوضعية غير نظامية لاغلبهن لا تسمح لهن بالتظلم لدى السلطات دون التعرض لخطر الطرد والتسليم لبلد المنشأ.
ان هذه الصورة السوداوية نوعا ما يجب ان لا تمنعنا من العمل جماعيا على التفكير في طرق من اجل تغيير الاتجاهات الحالية وإيجاد بدائل يكون الانسان هو القيمة الاساسية فيها، على أساس احترام القيم الانسانية الكونية والعمل على تغيير الواقع الحالي الذي يسمح بحرية تنقل رؤوس الاموال في حين يحول دون تنقل الاشخاص من جهة اخرى.
إن هذا يبدأ اساسا من خلال الضغط على الحكومات حتى توقع وتصادق على الاتفاقات الدولية الضامنة لحقوق المهاجرين، مثل الاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين، اضافة الى ان مثل هذه الندوة التي بادر بالدعوة اليها قسم العلاقات الخارجية بالاتحاد العام التونسي للشغل مشكورا، من شأنها ان تسمح لنا ببناء شبكات تضامن وعمل من اجل بناء فضاء متوسطي على قيم العدل الاجتماعي واحترام حقوق الانسان التي من بينها حق العمل وحق التنقل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.