في حياة الشعوب والامم لحظات فاصلة، لحظات يصبح فيها التردد لعنة والمراعاة غباء، والخوف كمهرب هو أيسر الطرق نحو الموت في أبشع طرقه واشكاله. في هذه اللحظات ليس ثمة من خيار لانه بين الحياة والموت خطّ فاصل ودقيق واجتياز الهوة العميقة الفاصلة بين طرفي النقيض يفترض شجاعة خارقة، شجاعة لا تتطلب غير علامات مضيئة، نجوم مضيئة تقود كالنجم القطبي الذي كان دليلا للتائهين في البرّ والبحر نحو برّ الامان من هذه اللحظات الفاصلة ما عرفه العمل النقابي في تونس على أياد أمينة مؤسسة للنضال النقابي العمالي الاجتماعي التحرري والتحريري على غرار : الحامي، الناوي، التليلي، عاشور واخصّ بالذكر منهم الشهيد الخالد حشاد، هذا الذي جسد التضحية بكل ابعادها لبناء هذا الصرح الشامخ حيث جعل الشهيد حشاد من الاتحاد العام التونسي للشغل قوة دافعة للرقي الاجتماعي، ومدرسة تمرّست فيها الجماهير العريضة عل مفهوم التضحية والفداء والكرامة والحرية والديمقراطية كما كشف وبرهن على قدرة العمال والنقابيين على حسن التفكير والتدبير لتفجير طاقاتهم النيرة لخير الطبقة الشغيلة وازدهار الوطن... واتحادنا ليس مثلما يفهم البعض على أنه انعكاس لواقع الطبقة الشغيلة فحسب وليس عبارة عن هيكل تنظيمي معترف به وطنيا وعالميا بل هو الاتحاد الذي يجمع في حياته اليومية منذ نشأته النضال الدؤوب لتحقيق برامجه العملية للرقي بالانسان والوطن في كفاح متواصل. ديدن هياكله ومنخرطيه التضامن فيما بينهم وتضحيات رجاله الاوفياء وبعد نظرهم في بناء استراتيجية كفاحية رغم عديد النكسات والمظالم التي تعرض لها الا انها كلها باءت بالفشل وزادته قوة وصلابة وجماهيرية مكنته عبر مسيرته النضالية من تحقيق ما آمن به الرواد على غرار الخالد حشاد الذي قال «إن الحركة النقابية الحرة قد وضحّت لنا سبيل الاخوة فلنسلكها من غير التواء فتونس المستقلة ستكون ارض التسامح والسخاء فنريد لبلادنا ان تنمو فيها عواطف الصداقة وحفظ عهد الانسان» وهذا ما ناضل ويناضل من اجله الزعماء الاحفاد وبدأ يتحقق ولو ببطء... ورغم ما ينقص العمال من مكاسب محقّة لهم وما يتعرّضون له من اجحاف وظلم من بعض الاعراف وكذلك لتداعيات العولمة فان الاحفاد وعلى رأسهم المكتب التنفيذي الوطني لن يحيدوا عن درب النضال حتى تتحقق الآمال... وآخر الكلام أقول بكل خجل ان ما قيل وما يقال عبر الايام وفي كل مناسبة لم ولن يستوفي حق هذا الهرم الشامخ عظيم النضال الاجتماعي التحرري والتحريري... ذي البعد الاممي... الا انني اقول: رحل فرحات الشهيد جسدا وبقي حشاد فكرا حيا ينبض في عقول الجماهير دربا مضيئا للنقابيين الصادقين ورمزا للانسان..، للعمّال..، للازدهار الاجتماعي... لعشق الوطن.... ووثيقة نضالية تاريخية توشح صدور الاحفاد عبر الازمان.