يضم الفن الإسلامي حقولا عديدة ويتفرع إلى وحدات وعناصر تتشكل في جميعها وعبر تطورها وتنوعها وحدته كفن إنساني بالدرجة الأولى. ونذكر هنا أهم حقول هذا الفن التي منها : التصوير الإسلامي - التصوير الجداري تصوير المخطوطات التحف المعدنية الحفر الحفر على العاج والعظام الحفر على الخشب الفخار والخزف النسيج - الزجاج والبلور. ولكل منها طابعه وأساليب عمله وخصوصيات التناول مما يجعل التخصص فيه متاحا بهدف تطويره وتوظيفه ضمن تطور الحياة الحاصل في العالم. ولكننا للأسف الشديد اقتصرنا على اللهاث وراء ما ينتجه الغرب وأهملنا خامات حضارتنا فهل ننتبه إلى ذلك؟ في هذا السياق، أقام خطاطان إيرانيان برواق يحيى - البالماريوم بالعاصمة التونسية معرضا لجانب من أعمالهما الخطية والزخرفية تحت عنوان «القرآن في مرآة الفن» وذلك في الفترة من 18 إلى 28 أكتوبر 2006 والخطاطان هما : أولا: محمد نائيج الذي شارك بثلاثين عملا خطيا تستند إلى أساس الزخرفة وتتخذ من فن التذهيب أحد أهدافها. ومحمد نائيج مولود في 1963 بمدينة آمل واحترف فن التذهيب لدى الأستاذ محمد طريقي. وقد قام بتذهيب بعض المصاحف وله أعمال فنية عديدة وشارك في معارض عديدة بإيران وأيضا خارجها منها طاجاكستان وقطر. ثانيا : الخطاط سيد جليل محيط ساعاتي وهو أستاذ في رسم الخط العربي وهو هنا الخط القرآني فقد ولد لعائلة دينية بطهران سنة 1944 وتعلم فن الرسم عل يدي المرحوم الأستاذ سيد محمد رضايكاته استرآبادي في مدينة بغداد. كما تعلم فن رسم الخط في مدرسنة المرحوم هاشم محمد البغدادي ببغداد، والشيخ محمد جواد الخطاط بمدينة كربلاء. وقد قام برسم الآيات القرآنية وله مهارات في الصناعات التقليدية والرسم على الخشب والجلد. عاد سنة 1962 إلى إيران ليباشر الإبداع والابتكار مستفيدا من أصالة الفنون الإيرانية، ومضفيا على أعماله طابعا متميزا لجماليته الفائقة. شارك في معرض الفنون الجميلة ببغداد سنة 1966 وفي المعرض الثاني لتصدير النتاجات الثقافية الذي نظم خلال معرض طهران الدولي 2001. حاصل على شهادات تقدير عديدة وعرض بكل من باكستان والصين وسوريا. ساهم في هذا المعرض بخمسة وثلاثين عملا. وسواء كانت الأعمال خطا عربيا أو خطا قرآنيا فالمعنى واحد لأن القرآن نزل باللغة العربية ولا جدال في ذلك، ذلك أن الإنجيل مثلا لا يعرف أحد بأية لغة نزل حيث ترجم إلى اللغات ومنها العربية. وقد برع قديما كثير من المبدعين في تجويد الخط العربي خاصة في العراق وسورية. ومن أهم أنواعه الكوفي الذي نسب إلى مدينة الكوفة وقد استعمل خاصة في كتابة القرآن. وتطور منذ نهاية القرن الثامن فزينت نهايات حروفه بزخارف نباتية ويُعدُّ طغيان استعمال الخط الكوفي ظاهرة بارزة حتى القرن الحادي عشر حيث حل محله الخط النسخي، وهو خط ليِّن ذو حروف مدورة، استعمل منذ القرن السابع في المكاتبات المختلفة وأعمال التدوين العادية. ومن أنواع الخط اللين الأخرى الثلث والرقعة والريحاني والديواني والطومار، وهو خط غليظ من خط النسخ استعمل في العصر المملوكي، والخط المغربي الذي يمتاز باستدارة حروفه استدارة كبيرة واستعمل في شمال إفريقيا والأندلس. وخطّ التعليق الذي تميل حروفه من اليمين إلى اليسار في اتجاهها من أعلى إلى الأسفل واستعمل في إيران خلال القرن 13. والنستعليق الذي يعتبر من أكثر الخطوط اللينة رشاقة، وقد ازدهر في إيران في القرن الخامس عشر. وفي العصر العثماني زادت العناية بتركيب الجمل والأسماء على شكل الطغراء. والخط العربي يعتبر من العناصر الزخرفية الإسلامية المميزة، إذ بمعرفة أسلوب الخط وزخارفه يمكن تأريخ الأثر الفني والإقليم الذي أنجز فيه. وقد تنوعت الكتابة العربية تنوعا كبيرا واستعملت استعمالا زخرفيا وانتشر استعمالها في مختلف الأعمال الفنية الإسلامية. وتأتي هذه البادرة بالتعاون بين سفارة إيران وبلدية العاصمة لتسهم في جهود التواصل والتحاور بين مختلف الفئات الثقافية المكونة لوحدة الوعي الإسلامي الهادفة إلى الخروج من حالة الركون والتواكل والخنوع التي تخيم على مساحات كبيرة من الخارطة الإسلامية. فانطلاقا من القرآن العربي يتجه الجميع إلى المصير المشترك وتعريف الكون بأن الروح الإسلامية إنسانية بالدرجة الأولى في كل ممارسات أهلها وخاصة الفنية.