نظم الاتحاد الجهوي للشغل ببن عروس ايام 28/29 و30 مارس 2008 بالتنسيق مع قسم التشريع والنزاعات ندوة تكوينية موضوعها الخوصصة: آلياتها، ابعادها وانعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية بحضور 32 مشاركا من مختلف المنشآت والدواوين وافتتحت الندوة من قبل الكاتب العام الاخ محمد المسلمي الذي بيّن أنّ الخوصصة اليوم طالت بعض القطاعات الحيوية وبذلك تصبح انعكاساتها افدح نظرا لانها تمس القطاعات الحيوية والاستراتيجية التي تعهدت الدولة بعدم المساس بها ثم احال الكلمة الى الاخ محمد سعد الامين العام المساعد المسؤول عن المالية الذي ناب عن الاخ حسين العباسي. فتحدث بإفاضة عن الاطار العام الذي وقعت فيه خوصصة الموسسات في تونس في مرحلة الثمانينيات بعد اقرارالاصلاح الهيكلي للاقتصاد سنة 1986 كما تحدث عن مراحل هذه الخوصصة وانعكاساتها الخطيرة على عموم الشغالين كما تناول موقف الاتحاد العام من هذه القضية وقد تلت هذه المداخلة شهادات حية لثلاثة نقابيين من جهة بن عروس واكبوا خوصصة مؤسساتهم وهي الشركة التونسية للف المعدني وشركة سوجيتاكس والمغازة العامة وقد اجمعت هذه الشهادات على ان هذه المؤسسات كلها قد وقع التفويت فيها رغم انه لم يكن هناك داع للخوصصة إذ كانت رابحة (؟!) كما تحدثوا عن المضار التي لحقت العمال بهذه المؤسسات نتيجة التفويت وعن النضالات التي خاضوها بمعية نقاباتهم من اجل التصدي لهذا التفويت كما اشاروا لى مخلفات هذا التفويت على العمل النقابي: فالنقابيون هم اول المستهدفين بالطرد والتصفية وخاصة بعد انتقال المؤسسة الى المستثمر في القطاع الخاص وهم اول من يدفع الضريبة اذ لم يعد لهم اي دور يذكر في وضعهم الجديد. وفي الحصة الموالية، استمع الحاضرون لمحاضرة قدمها الاستاذ الهادي الشمنقي عن: الاطار التشريعي للخوصصة في جلسة ترأسها الاخ حسين العباسي الذي التحق بالندوة، فتحدث عن الفصول القانونية المتعلقة بهذه المسألة مبينا التأثيرات السلبية للخوصصة. ففي التفويت مساس بالعنصر الاقتصادي الذي هو مكون من مكونات السيادة الوطنية وهوتبديد للمؤسسة العمومية وتفكيك نشاطها عبر آليات الافراق والمناولة. كما فيه ارهاق لميزانية الدولة نظرا إلى ان التشريعات الموجودة حاليا تعطي امتيازات رهيبة للخواص وسيصبح الامر اكثر خطورة انطلاقا من هذه السنة 2008 اذ سيقع التفويت الكامل في الفلاحة والخدمات بمقتضى اتفاق الشراكة. وعقب الاخ حسين العباسي على هذه المداخلة مبينا ان الخوصصة تستهدف اليد العاملة حيث يفقد الاف العمال مواطن شغلهم ويضرب الحق النقابي في العمق كما يقع التفريط في مؤسسات عمومية هي ملك للمجموعة الوطنية وقد بنيت بعرق العمال ودمائهم وتضحياتهم وعليه يتوجب الفعل النضالي من اجل الدفاع عن مصالح الشغالين. وفي اليوم الثاني استمع المشاركون الى محاضرتين الاولى عن الخوصصة: الياتها، ابعادها قدمها الاستاذ رشادالمبروك والثانية عن: الخوصصة انعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية من تقديم الاستاذ حسين الديماسي. وقد تمحور الحديث والنقاش عن الخوصصة كآلية مفروضة على الشعوب من قبل المؤسسات المالية العالمية وانها اتبعت مراحل منها في البداية بيع المؤسسات الخاسرة وفي مرحلة ثانية بيع المؤسسة الرابحة والاستراتيجية فقد تم الى حد الان خوصصة 205 مؤسسات عمومية منها 100 منشأة عمومية تمت خوصصتها بالكامل و39 منشأة تمت خوصصتها جزئيا و40 منشأة وقعت تصفيتها... وكان لذلك انعكاسات خطيرة على عموم الشغالين وعلى المجتمع ككل اما على المستوى الاجتماعي فقد تفشت أنماط التشغيل الهشة وتراجع التشغيل والانتداب وخاصة لخريجي التعليم العالي الذي كانت تقوم به المؤسسات العمومية وتفاقمت بذلك البطالة، كذلك انعكست هذه الخوصصة على اختلال الموازنات المالية للصناديق الاجتماعية اضافة الى استفحال الجريمة والتوجه الى الهجرة السرية كحل للبطالة... وقد كان اليوم الاخير للتقييم وتقديم التوصيات واكد الحاضرون أهمية هذا الموضوع وعلى استفادتهم الكبيرة من هذه الندوة التي كشفت عن خطورة الوضع الراهن في ظلّ تفاقم الخوصصة والتفويت في المؤسسات العمومية وحتى الرابحة منها والتوجه اليوم الى خوصصة المؤسسات الاستراتيجية كالطاقة. والمواصلات والماء. كما اكدوا ضرورة تفعيل التضامن النقابي في ظل هذا الوضع المزري وخلصوا الى دور الاتحاد والنقابيين في التصدي لهذه الظاهرة فعليه فرض وجوده في مواقع القرار للمحافظة على الممتلكات العمومية التي هي ملك المجموعة الوطنية وملك الاجيال القادمة كما اشاروا في هذا الصدد الى ضرورة القيام بتقييم لمسار الاتحاد في المسألة لنبلور معا سياسة نقابية وخطة للمواجهة والفعل النقابي وفي هذا الصدد يجب التمسك بالحق النقابي وحماية المسؤول النقابي لان النقابيين والعمل النقابي هم اول المستهدفين في الخوصصة التي تضرب العمل النقابي في العمق. ومن المقترحات المهمة التي طرحت ضرورة احداث لجان متابعة تؤطر من قبل مختصين تنجز دراسات جدية وتتابع مسار الخوصصة (لانقاذ ما يمكن انقاذه) مع ضرورة المواكبة الاعلامية وختموا بالاشارة الى ضرورة التنسيق مع مكونات المجتمع المدني لان المسألة لم تعد تعني النقابات وحدها وليست قادرة على مواجهة غول العولمة والتصدي للبرالية المتوحشة. يوم الارض على هامش الندوة احيا المشاركون في الندوة ذكرى يوم الارض من خلال إقامة حلقة نقاش حول الصراع العربي الصهيوني وقد كان نقاشا عميقا تميز بالصراحة والوضوح في دعم نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني.