عرفت الندوة التحسيسية الجهوية التي عقدت تحت اشراف الاتحاد الجهوي للشغل بسوسة بالتنسيق مع قسم التغطية الاجتماعية حول «واقع ومستقبل الصناديق الاجتماعية واخر تطورات التأمين على المرض»... والتي احتضنها مقر الاتحاد المحلي بالنفيضة وقدم لها ووضعها في اطارها الأخ محمد الجدي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بسوسة نجاحا منقطع النظير ترجمه الحضور الكبير من النقابيين الذين غصت بهم القاعة وجاؤوا للاطلاع على جديد الصناديق واخر تطورات التأمين على المرض باعتبارهما من الملفات الهامة والحساسة التي لها انعكاسات مباشرة على حياة المواطن . وقد نجح ضيف الندوة الأخ رضا بوزريبة الأمين العام المساعد المسؤول عن التغطية الاجتماعية والصحة والسلامة المهنية والأخ فتحي العياري منسق القسم في ابراز أهميتها خصوصا في هذا الظرف بالذات باعتبار ان محور هذه الندوة اضافة الى اهمية يستمد خصوصيته من ارتباطه المباشر بالحياة اليومية للعمال وحقهم الطبيعي في حماية صحية واجتماعية ما انفكوا يناظلون من أجلها بدعم مسؤول ومباشر من الاتحاد العام التونسي للشغل. * جديد الاصلاح في مستهل مداخلته نبه الأخ رضا بوزريبة الحضور الى اللبس الذي ما انفك يحيط بملف التأمين على المرض مبرزا في المقابل مختلف تطورات التفاوض التي شهدها اصلاح هذا الملف منذ سنة 1994 الى غاية امضاء محضر الاتفاق سنة 2004 بين الاتحاد العام التونسي للشغل ووزارة الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج. وقد أكد الأخ بوزريبة في اطار شرحه لأبعاد هذا الاصلاح ان الاتحاد العام التونسي للشغل وضع نصب عينيه منذ بداية التفاوض على هذا الاصلاح مصلحة مختلف القطاعات وشرائح المضمونين الاجتماعيين فوق كل اعتبار. ورفض تبعا لذلك أن تكون نتائج المفاوضات تحت أي ظرف على حساب حقوق ومكاسب العمال الذين يجب أن يتمتعوا بحقهم كاملا في التداوي والعلاج في ظروف مريحة وفي اطار خارطة صحية تتسم بالعدالة ولا شيء غير العدالة ، قبل أن ينهي بابراز الصورة القاتمة لموقف الوزارة وطريقة تعاملها مع هذا الملف ، فهي من ناحية تقر صراحة بالنقائص التي يركز عليها الاتحاد العام التونسي للشغل ويبرزها بالبنط العريض في المفاوضات ومن بينها الاقامة غير المريحة في المستشفيات وتردي نوعية الاستقبال ونقص التجهيزات في مراكز الرعاية الصحية والمستوصفات اضافة الى نقص آخر هذه المرة في الاطار الطبي . ومن ناحية اخرى نجدها أي الوزارة غير متحمسة لتطبيق الاتفاقية كما هي وذلك بايجاد حلول عملية لهذه المعضلات وغيرها! * مبدأ التضامن والتكافل في المداخلة الثانية التي القيت على هامش الندوة وقدمها الأخ فتحي العياري كان الاهتمام مركزا فيها على تفكيك البنية الاصطلاحية لمفهوم التضامن الاجتماعي وقد أبدع فتحي العياري حين استطاع بتفكيكه هذا ان يحضر في اذهان المتلقين من النقابيين مفهوما سهل الاستيعاب للضمان الاجتماعي في اطار واقع ومستقبل الصناديق الاجتماعية. ومن أهم ما جاء في هذه المداخلة التأكيد على ان الضمان الاجتماعي في تونس هو من الأنظمة القلائل في العالم التي تعتمد فقط على الاشتراكات الاجتماعية. وكيف ان النظام الاجتماعي في تونس يقوم اساسا على مبدأ التوزيع اي على التضامن والتكافل بين جميع اصناف الاجراء . اكثر من ذلك توقف الأخ فتحي العياري ليشرح بعمق المعطيات والمطبات التي وقعت فيها الصناديق الاجتماعية في تونس التي توفر بالمناسبة 16 من ميزانية الدولة في تونس والتي جعلتها تعرف عجزا ماديا في السنوات الأخيرة من ذلك ان نظام الجرايات في تونس سجل سنة 2005 عجزا ب 162 مليون دينار الأمر الذي جعلنا نعيش وضعية صعبة نجم عنها الشروع في استغلال الاحتياطي الفني الذي لا يجب أن يمسّ! وقبل أن ينهي مداخلته القيمة دعا الأخ فتحي العياري الحضور الى ضرورة الانكباب على فهم كل كبيرة وصغيرة تتعلق بالصناديق الاجتماعية حتى يتيسر بعدها لهذا الحضور التعامل مع هذه الصناديق والاستفادة منها كما يجب. * نقاشات ساخنة وحده النقاش الذي أعقب هذه الندوة كفيل بالتأكيد على نجاحها الذي جعل الحضور لا يملّ الانصات الى المداخلات اكثر من 4 ساعات حيث أصرّ الأخ محمد الجدي على تمكين الراغبين في النقاش من أخذ الكلمة حتى تحصل الاستفادة في حين كانت ردود الاخوين رضا بوزريبة وفتحي العياري اكثر من مقنعة وشافية وبسطت الاجابات اكثر ما يمكن حتى يفهمها الجميع في القاعة دون استثناء. * تدخل لافت تدخلات الاستاذ محمد فريجة وهو واحد من المتدخلين الذين اثروا الحوار نزل تدخله العفوي والتلقائي في اطار حديثه عن التضامن بين الاخوة النقابيين بردا وسلاما على العمال البسطاء في مدينة النفيضة المناضلة الذين قال بشأنهم الاستاذ فريجة «لولا هؤلاء العمال البسطاء ولولا تضامنهم معي ونضالهم الاحتجاجي من اجل استراداد حقوق بدعم مباشر من الأخ محمد الجدي واعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بسوسة لما امكنني استرداد كل حقوقي المسلوبة». هذا الموقف الصادق يؤكد مرة أخرى ان المعدن النقابي من الذهب الخالص لعمال النفيضة البسطاء وهو بالتأكيد لم يكون الأخير اذ كلما عجز قلم المثقفين عن ايجاد الحلول نطق هؤلاء العمال البسطاء بالحكمة واعادوا لغيرهم الاعتبار. فمن قال ان الساعد لا يفكر؟!