شاهدت بعين الأسف برنامج «من سيربح المليون؟» الجديد لمقدم البرامج الشهير جورج قرداحي والذي سماه «القوة العاشرة»، وقد صدمني ما شاهدته من تغيير في نوعية الأسئلة المطروحة على المتسابقين، إذ يبدو أن الاعلام العربي أصبح لا يرنو سوى الى الربح المادي السهل فقط وذلك من خلال برامج لا تحمل أي صفة ولا يمكن أن نعيبها بأي شيء لأنها ليست برامج بالأساس فهذا الشكل من المواضيع الغريبة لم يوجد له تعريف في القاموس الإعلامي أو حتى الترفيهي. سيربح شخص المليون أو العشرة مليون ولكن بعد أن يكون قد خسر في المقابل ملايين الناس مبالغ طائلة عصية عن الحصر والتقدير من خلال فاتورة الهاتف وهم يحاولون الاتصال من أجل المشاركة بالبرنامج الذي تطور مؤخرا ليصبح عشرة مليون، أما من سيستفيد فهي شركات الاتصالات وإدارة شركة «أم بي سي»، ونحن لسنا ضد ربحهم، خاصة أنهم لا يضربون احدا على يديه من أجل المشاركة في هذه البرامج أو غيرها من البرامج المختلفة، ولكن أليس من حقنا كمشاهدين أن نعترض عندما يتحول برنامج غني بالفائدة والزاد المعرفي والمعلومات الى برنامج فارغ لا يحمل أي مستوى من المعرفة أو حتى الترفيه. أحب أن أنوه هنا أننا لسنا بصدد مهاجمة الأستاذ جورج قرداحي. والجميل بالبرنامج القديم انه ترفيهي علمي، وفي نفس الوقت الذي يقوم به بالترفيه يمرر رسالة ذات قيمة اكبر واهم من القيمة المادية التي قيمت بها، وطريقة الإجابة كانت تسمح للمتلقي «الجمهور» أن يشارك فيها وهو في منزله فبعد طرح السؤال يبدء النشاط الدماغي لمعرفة الاجابة فان لم يعرف تراه يترقب الخيارات من اجل ان يقوم باختيار الأنسب حسب رأيه ثم تأتي المرحلة الأخيرة وهي الايجابية ودائما تأتي الإضافة من عند الأستاذ جورج، هذا إضافة للفائدة المادية التي تعود على المتسابق الذي يفوز، ولكن في نفس الوقت هناك الملايين من المشاهدين العرب حول العالم الذين يتابعون شاشة «ام بي سي» حققوا مكاسب علمية معرفية اكبر من الشخص الفائز فالعلم لا يقدر بثمن إلا عند الجاهل... ولكن كون البرنامج يتطلب نوعا من الأشخاص الذين يتسمون بذكاء وذاكرة قوية على الحفظ أو من هم يتسمون بالحظ القوي، الأمر الذي يسمح بالفوز بالغنيمة المادية التي هي مطمح المشاركين بالمسابقة، هذا الأمر حدد بشكل غير مقصود نوعية الأشخاص المشاركين بالبرنامج، وهم من يتصفون بالمعرفة العامة أو المغامرون، ولكن هذا الأمر لم يساعد إدارة «ام بي سي « وشركات الاتصالات التي تريد الاستحواذ على اكبر عدد ممكن من مختلف فئات الشعب فتعمد الى قلب كيان البرنامج من الذكاء الى الغباء حتى تستطيع كل فئات المجتمعات العربية المشاركة بمن سيربح العشرة مليون. من المؤسف مشاهدة «البرنامج» بحلته الجديدة والذي يعتمد على تقدير النسب لكل سؤال، ومن شدة استيائي أن بعد مشاهدتي لثلاثة أسئلة لم أستطع الاستمرار بالمشاهدة، لم نألف من جورج قرداحي مثل هذا النوع من البرامج فهل معرفة نسبة الرجال الذين هم مستعدين لحلق شواربهم تلبية لرغبات زوجاتهم في الوطن العربي قضية مهمة تستحق الذكر يا أستاذ جورج ؟!.. ما الهدف ؟ وما الفائدة ؟ ... وما حققت من إضافة بمثل هذا النوع من الأسئلة ؟