تمرُ هذه السنة ستون سنة عن الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي يوافق يوم 10 ديسمبر من كل سنة، ورغم ان البند 19 من هذا الاعلان العالمي ينص على ان »لكل شخص الحق في التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الاراء دون مضايقة، وفي التماس الانباء والافكار وتلقيها ونقلها الى الاخرين بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود«. ورغم مرور ستين سنة عن اقرار هذا البند الا ان حجم التضييق على الاعلاميين يتضخم بشكل لافت للانتباه وخاصة في الدول المتخلفة وبشكل أفظع فيما يسمى بمناطق التوتر. فحقل الحريات عموما والحرية الاعلامية بشكل أدق هو الحقل الاكثر إرباكا لهناء الانظمة وديمومتها، حتى تلك التي ترفع شعار الديمقراطية والحرية... وهي لا تعلم أنها ترفع أوزارها وأثقالها كلما ضيقت الخناق على جهازها الاعلامي وحاولت توجيهه وتسييره بما يخدم أغراضها لا بما يخدم الاعلام في ذاته... من زاوية الحريات الاعلامية وفي عمقها يندرج كتاب المدرس والباحث في علوم الاعلام والاتصال بالجامعة التونسية الدكتور عبد الكريم الحيزاوي الموسوم ب : » للاعلاميين« الصادر ضمن منشورات المعهد العربي لحقوق الانسان الذي يديره الاستاذ الطيب البكوش وهو الذي تكفل بتقديم هذا المنجز التطبيقي والتعليمي. ويهدف هذا الدليل الى تحقيق هدفين، الأول معرفي يتمثل في استعراض المعايير الدولية للحريات الاعلامية ولحقوق الاعلاميين وتقديم اهم التشريعات والنصوص التوجيهية والتوصيات المحددة لمعالجة قضايا حقوق الانسان اعلاميا. والثاني عملي يتجه الى تنمية المهارات المهنية للعاملين في قطاع الاعلام في مجال معالجة الموضوعات ذات الصلة بحقوق الانسان وخاصة منها تلك المتعلقة بانتهاكات هذه الحقوق. دليل الدكتور عبد الكريم الحيزاوي يشتمل على ابواب اربعة، الأول يفتح كوّة على المعايير الدولية للحريات الاعلامية، والثاني يتطرق الى الصحفي وعلاقته بحقوق الانسان من جهة احترامها وحماية الصحفيين عربيا ودوليا، والثالث يسلط الضوء على التناول الاعلامي لمواضيع حقوق الانسان من حيث مكانتها وعناصر تناولها لقضايا حقوق الانسان والتناول الاعلامي لقضايا حقوق المرأة والطفل وكذلك الانترنات وحماية حقوق الانسان، اما الباب الرابع والاخير فهو يتناول مصادر المعلومات حول حقوق الانسان وهذا الباب يوفر لمن يطلع على الدليل مواقع الواب التي تعرض اهم المنظمات الدولية وغير الدولية المعنية بحقوق الانسان كما يوفر جملة من الملاحق التي تتضمن بعض الوثائق المرجعية في مجال التناول الاعلامي لقضايا حقوق الانسان وهي في اغلبها توصيات للعديد من الندوات والورشات التدريبية التأمت بعدة عواصم عربية مثل القاهرة وصنعاء كما تقدم هذه الملاحق قانون الصحافة العربي الموحد. ربما هذا الدليل لا يستمد قيمته من ذاته بقدر ما يستمد قيمته الحقيقية والعملية من مدى تمثل الاعلاميين لِمَ اجتهد الدكتور عبد الكريم الحيزاوي، من مدى اصرارهم على معرفة أولا حقوقهم وثانيا الايمان بأنها حقوق مكتسبة مات لأجلها الكثيرون وليست هبة او منّة من اية جهة كانت... هذا الدليل يمثل مصباحا حقيقيا لكل اعلامي يستنير به في دربه الطويل، درب تحصيل المعلومة ودرب ايصاله، الدرب المحفوف بترصدات مركزة ومدروسة من قبل الانظمة والمؤسسات التي لم تستوعب الى الان ان البشرية جمعاء قد صادقت على الاعلان العالمي لحقوق الانسان رغم خلفيته البرجوازية ورغم تعثر تطبيقه في اكثر من منطقة.