المطلع على تاريخ الحركة الصهيونية وعصاباتها الاجرامية لا يفوته الإنتباه الى أنها لم تتورع يوما عن ارتكاب الجرائم والاغتيالات التي تؤدي بحلفاء الصهاينة بل وباليهود أحيانا لتحقيق أهدافها في دفع المشروع الصهيوني الى الأمام. فعصابات اشفيرن و أرغون وغيرهما من العصابات الصهيونية كثيرا ما فجرت مقرات بعضها البعض، كما أن حادثة اغتيال الكونت البريطاني برنادوت الشهيرة واغتيال ضباط ألمان تعاملوا مع الحركة الصهيونية لاتزال ماثلة للاذهان فضلا عن تفجير أماكن يهودية في القارتين الأوربية والأمريكية خاصة لتغذية أسطورة العداء للسامية المشبوهة!. ولم يحد أحفاد هذه العصابات في الموساد عن هذا المسار الإجرامي الخبيث ذلك أن الموساد يقف وراء جميع الاغتيالات التي يشهدها لبنان بما في ذلك اغتيال رفيق الحريري وبير الجميّل بمساعدة عملاء محليين أبرزهم «القوات اللبنانية» التي يقودها حاليا سمير جعجع والتي كانت شاركت مباشرة في مجازر «صبرا وشاتيلا» الى جانب اغتيال قيادات لبنانية سنية ومسيحية قبل اغتيال الحريري. كما أن الموساد فجر مكانا يهوديا في أمريكا اللاتينية الأرجنتين لاتهام إيران، ومؤخرا اغتيال الجاسوس الروسي السابق الكسندر لتفينينكو في لندن واتهم روسيا. واذا كان اغتيال رفيق الحريري، من حيث طريقة الاغتيال، تذكرنا بطريقة اغتيال الشهيد غسان كنفاني أوائل سبعينات القرن الماضي بتفجيرسيارته عن بعد، واغتيال بيير الجميل تذكرنا بطريقة اغتيال الشهيد كمال عدوان وكمال ناصر وابي يوسف النجار في منطقة فروان وسط بيروت، فان اغتيال لتفينينكو بالسمّ تذكرنا بطريقة اغتيال الشهيد يا سر عرفات في رام الله. لكن اغتيال الجاسوس الروسي في لندن واتهام روسيا، وما أحيطت به هذه الجريمة من اتهامات فورية للرئيس «بوتن» تذكرنا فورا بالاتهامات الفورية لسوريا كلما اغتالت الأيدي الصهيونية الآثمة شخصية لبنانية دون أن يعني ذلك عدا كضحايا اللبنانيين على علاقة ما مع المعتدين لاسرائيل كما هو حال لتفينينكو الذي تعامل مع المخابرات الاسرائيلية قبل اغتياله. إلا أن اللافت للإنتباه هو اختيار الموساد في عمليات الاغتيال التي ينفذها لشخصيات تجهر بخلافها مع سوريا ليصبح اتهام سوريا قابلا للتسويق، مثلما اختار الجاسوس المنشق عن المخابرات الروسية في عملية اغتيال يمكن إلباسها عنوة بقوة التسويق الاعلامي للمخابرات الروسية !. وكما هو معلوم فقد اغتالت اسرائيل ياسر عرفات وقادة من الجهاد ومن «حزب الله» في لبنان، لكن هذه الجرائم سرعان ما طويت لأن الضحايا هنا كانوا مستهدفين لذواتهم ولابطال دورهم المباشر في مقاومة الاحتلال والمشروع الصهيوني ومخطط الشرق الأوسط الجديد لكن الضجيج الاعلامي والدبلوماسي لم يتوقف منذ اغتيال الحريري وما تلاه من ضحايا قوى 14اذار لأن الهدف الحقيقي ليس أبطال حياتهم بل الهدف هو اتهام سوريا بدمهم الذي هدره الموساد لمحاصرة سوريا وأبطال دورها الممانع والمعترض والمقاوم بقوة للمشروع الصهيوني الأمريكي الذي يعبرون عنه بمشروع الشرق الأوسط الجديد أوتصدير الديمقراطية أوالتغيير الدبلوماسي أو الفوضى الخلاقة.. الخ. ولأن ما يجمع سوريا وروسيا ليس فقط حروف اسميها، بل تحالفهما الموضوعي الى جانب إيران وفنزويلا وكوبا والصين ودول أخرى من مواجهة سياسة القطب الواحد التي تلفظ أنفاسها الأخيرة في المستنقع العراقي. لذلك فإن الموساد الذي ينشط بقوة أيضا في العراق بغية دفعه الى حرب أهلية، يمثل هذا التحالف المناهض للسياسة الصهيونية أمريكية والعالم ويسعى مدعوما من واشنطنولندن لتسييس هذه الجرائم واستخدامها ضد القيادات الوطنية العالمية الرافضة للهيمنة الأمريكية على منابع النفط والغاز لحماية اسرائيل على حساب الحقوق العربية، وبالتالي حشر جورج دبليو بوش في زاوية خانقة. إن هذه المعطيات والحقائق الدامغة تتطلب من جبهة المواجهة العالمية للهيمنة الأمريكية من روسيا الى فنزويلا مرورا بإيرانوروسيا والمقاومات الوطنية في العراق وفلسطين ولبنان المزيد من التنسيق ورص الصفوف والتكامل لفضح هذه الجرائم الصهيوأمريكية التي يقوم بها الموساد وإحباط أهدافها الشرّيرة.