مسكينة غزة ومسكين شعبها، وحدها قاتلت وتقاتل بالصمود فتجبر العدو الصهيوني على وقف اطلاق النار من جانب واحد بعد ان فشل في تحقيق اي هدف من اهدافه المعلنة منذ بداية الغزو بشهادة حزب الليكود الصهيوني والمحللين والخبراء العسكريين والصحافيين الصهاينة انفسهم، فلم ينجح الا في قتل الاطفال والنساء والمدنيين وتحطيم البنية التحتية بالكامل لتسطر المقاومة اروع صور الصمود وتكتب بدماء ابطالها احسن قصائد الانتصار...هذا الدم الطاهر الزكي الذي غدا سلعة يناقش في القمة العربية الاقتصادية بالكويت كما تناقش اسعار العملات وتحصى كمياته كما تحصى ثروات اصحاب السمو والجلالة والفخامة وكيفية المحافظة عليها بالحسابات السرية بالبنوك الاوروبية... عفوا غزة المقاتلة كم يلزمك من دماء لملء بطون هؤلاء وكم يحتاج هؤلاء من دمك لغسل ذنوبهم ومحو خطاياهم؟ لك يا غزة في القلوب والافئدة منازل للحكام العرب ومنازل لرهط من الشعب العربي... وهؤلاء قصة اخرى! فإذا دعوت احدهم للتظاهر من اجل صد العدوان عنك ورفع الحصار المفروض عليك وفتح المعابر المغلقة بقرار من النظام العربي الرسمي، قالوا انهم لا يشاركون في مسيرات ومظاهرات غير مرخص فيها ومحاصرة من الاف عناصر الشرطة في مساحة مائة متر مربع، وأنهم لا يريدون مواجهة مع قوات الامن ولا يرغبون في خرق القوانين الجاري بها العمل فيغضبون السلطان وان هذا المسيرات والمظاهرات لا طائل من ورائها غير الكلام المباح والممنوع، اما اذا كانت المظاهرة مرخص لها قانونا تعلل نفس الجماعة بأنهم لا يشاركون في مظاهرات ومسيرات مرخص فيها من النظام وانهم يرفضون رفضا قاطعا المشاركة في اي مسيرة يحدد النظام توقيتها بداية ونهاية ومسلكا كما لا يتورعون على المزايدة وإتهام كل من شارك فيها بأنهم يغازلون السلطة وانهم جزء من النظام وعملاءوخونة...!! وإذا دعوتهم يا غزة تضامنا معك للتبرع بالمال لمشرديك ومنكوبيك وبالدم لجرحاك علا صوتهم بان لا الدم ولا المال سيصل لك بل سيضخ في حسابات مشبوهة وحدهم يعرفون ارقامها السرية والمستفيدين منها... وإذا استدعيتهم لحضور تظاهرة موسيقية وشعرية تمجد المقاوة وتحتفي بالشهداء شحذا للهمم قالوا انهم لا يشاركون في تظاهرات تؤدي طقوس جنائزية وتحول تلك الفضاءات الى امكنة لبيع البخور وممارسة الشعوذة!! وانه لا يجوز الغناء حتى وان كان ملتزما بالقضية ورقص الدبكة الفلسطينية في وقت يسيل فيه دم شهدائك سيلان الماء في الانهار!. وفي الاخير لا ينطق لسانهم غير ما نطق به بنو اسرائيل لسيدنا موسى عليه السلام: «يا موسى اذهب انت وربك فقاتلاإنما ها هنا قاعدون»... .. أنت اكبر منهم جميعا باختلاف مرجعياتهم الفكرية والسياسية والاجتماعية، وباختلاف ازمنتهم وامكنتهم، هل يحتاج كل هذا مزيدا من الدماء؟ كم يحتاج البعض من الدماء ليغسل بها يديه التي صافح بها مسؤول صهيوني او امريكي يوما ما ولو صدفة بإحدى المناسبات الرسمية بالسفارة الامريكية او بمنزل السفير الامريكي وكم يلزمه من مفردات لطلب المعذرة والمغفرة من شهدائك... وكم يحتاج هؤلاء من دمائك مطية للتنفيس عن انفسهم من الجور السياسي والاجتماعي الاقليمي ومن حالة الغضب التي تعتمر داخلهم في التظاهرات والمسيرات المؤيدة لك وقد تحولت الى مناسبة لتصفية الخصوم السياسيين على مستوى الشعارات واللافتات والصور فقط. عذرا ثانية وثالثة ورابعة غزة!... لقد اضحت كل قطرة من دم شهدائك يحسبها أحزاب المخزن بتونس بحساب عدد المقاعد في برلمان 2009 وفي الوظائف الديبلوماسية الشاغرة الى حدّ الآن. عذرا أخيرا غزة... ارادوا التضامن معك ومساندتك فإذا بك انت من يتضامن معهم ويساندهم في محنتهم، فأنت المنتصرة وهم المهزومون دوما.