من الاشياء التي تعيق تطور رياضتنا وتمنعها من الظهور في المحافل الدولية الكبرى رغم ما تقدمه الدولة من دعم مادي ومساندة معنوية للقطاع الرياضي هو تواجد عديد الدخلاء في هياكل جامعاتنا وفرقنا، اما الأمّر والأدهى في هذا الشأن فهو ان هذه الفئة من الاعشاب الطفيلية هي من تقف حاجزا امام عديد الوجوه البارزة ممن تعاطوا لعبة كرة القدم وساهموا بشكل كبير في حصول فرقهم على تتويجات محلية وقارية للانضمام للهياكل الرياضية. اليوم وبعد ان اكتسب أغلبهم الخبرة اللازمة لخوض غمار التسيير او التدريب مازال بعض مسؤولينا الرياضيين متمسكين بأفكارهم البالية التي أكل عليها الدهر وشرب (!). وهنا يمكننا القول : »اننا رضينا بالهم والهم ما رضاش بينا«، كيف لا، وقد أمكن للبعض ممن يعتبرون دخلاء على رياضة كرة القدم ان يقفوا سدا منيعا امام اهل الميدان؟ وذلك نتيجة تصفية حسابات شخصية قديمة رسخ قواعدها داخل رياضتنا بعض الذين لا يهدأ لهم بال في تواجد »الكوارجية« في مشهد هم بتعلة ان هؤلاء لا يمتلكون من المستوى التعليمي ما يؤهلهم لتولي المسؤوليات داخل فرقهم او في الجامعات الرياضية!! »وهنا نسأل عن من« لا علاقة لهم بالكرة اصلا وهم الذين يسيرون ويأمرون ويعزلون ويقررون! والمعنيون الحقيقيون بالأمر مرفوضون (!)، نحن هنا لن نتكلم عن لعبة كرة القدم وليس عن علم الذرة والهندسة والالكترونيك وغيرها من المهن المعقدة!! ثم من قال ان الذين خرجوا علينا بقرار تزكية »الباك + 2«، هم في الحقيقة متحصلون عليها؟ شخصيا أستبعد ذلك (!)، حتى وان أقرينا بأنهم أفنوا عمرهم في الدراسة، فما دخل العلم والتكنولوجيا في لعبة كرة القدم خاصة عند الذين قضوا اكثر من نصف اعمارهم بين الملاعب والتمارين والمباريات المحلية والافريقية وحتى العالمية؟ صحيح ان بعض المناصب داخل فرقنا أو جامعاتنا ك »الكتابة العامة او الشؤون المالية او الشؤون القانونية تتطلب حدا أدنى من الاختصاص ولكن عندما يتعلق الامر بإحاطة اللاعبين وبمرافقتهم وبتوجيههم وبمساندتهم وبردعهم ان استوجب الامر فسوف لن يكون ذلك الا عن طريق من مارس الرياضة »ميدانيا« و »فعليا« بعد ان اكتسب الخبرة الكافية للقيام بذلك، اما ان يقع تكليف بعض »المتشعبطين« اللاهثين وراء وسائل الاعلام والباحثين عن المكاسب... للسهر على رياضتنا التي أنفقت من اجلها الدولة عشرات المليارات، فهذا أمر غير طبيعي وغير منطقي بالمرة (!) تصفية الحسابات هنا أعود لأذكر مرة أخرى بأن المسألة، تدخل في مجال تصفية حسابات خاصة واذا كان قرار الاستغناء عن من ليس بحوزتهم »الباك + 2« يرمي الى التخلص من العضو السابق راضي سليم الذي فتح عليه ابواب جهنم على مصراعيها، نتيجة تهجمه على بعض المسؤولين وتفوّهه تجاههم بكلام غير لائق في الأماكن العمومية، ولو ان ما حدث للهادي لحوار وكريم الخبثاني اللذين ذهبا ضحية تصرفات زميلهما في المكتب الجامعي في تلك الفترة يعتبر جرما فادحا في حق شخصين قدما للكرة الكثير بما انهما ناضلا من أجل نصرة الفرق »المظلومة« وخاصة الصغرى منها (؟). النتائج الملموسة نعم كان من الطبيعي ان يحصد الهادي لحوار وكريم الخبثاني غالبية الاصوات كلما وقع الالتجاء الى الانتخابات ولكن اين هي هذه الانتخابات والنوادي لا تطلب غير انصافها وتمكينها من حقوقها كاملة دون الاخذ في الاعتبار ان كان الشخص او الاشخاص الذين سيتولون الدفاع عن حقوقها المشروعة، من اصحاب المستويات العليا او من غيرها، لأن المسألة مسألة مبدأ ونزاهة وحياد وعدل، وقد تتوفر هذه الميزات عند أبسط خلق الله في ما قد لا نجدها عند اصحاب الشهادات العليا ! من ناحية اخرى أرى ان هذا القرار الذي وقع بمقتضاه اقصاء اللاعبين القدامى الذين حسب ما جاء في القرار لا تتوفر فيهم شروط الانضمام الى المكتب الجامعي باستثناء زياد التلمساني الذي توفرت فيه كل الشروط خاصة المستوى التعليمي »باك + 6 !!!« هذا المستوى الذي كان كافيا ليعقد أهل الجامعة ومن وراءهم الذين اعدوا ذلك القانون الاساسي التاريخي فإذا كنت غير متعلم بما فيه الكفاية مشكلة، واذا كنت متعلما اكثر من اللزوم مشكلة، ومن غريب الصدف ان كل الذين رفضوهم (!) هم من لاعبي الترجي القدامى، فباستثناء شكري الواعر الذي لم يبد رغبة لتقمص دور في الجامعة فإن مطلبي طارق ذياب وزياد التلمساني وقعا رفضهما جملة وتفصيلا لأسباب لا تزال غير مقنعة بالمرة (؟) وحتى شكري الواعر الذي وقع اختياره أفضل حارس مرمى سواء في تونس او خارجها في اكثر من مرة كان سيلقى نفس المآل، لا لشيء الا لأن من ذكرتهم لهم من قوة الشخصية ما يقلق الكثيرين، فإذا كان طارق ذياب بكرته الذهبية الافريقية والتي لم يتمكن اي لاعب تونسي من الحصول عليها وزياد التلمساني بمستواه العلمي الرفيع، اضافة الى ثراء تجاربه في الحقل الرياضي (لعب في بطولتين اليابان والبرتغال) وشكري الواعر بصموده لقرابة النصف قرن على عرش حراسة المرمى بالقارة الافريقية ليس بإمكانهم دخول المكتب الجامعي او الحصول على منصب مميز مع فريقهم، فمن سيكون بإمكانه من بقية لاعبينا التجرؤ على القيام بخطوة وحيدة في هذا الاتجاه؟ مثل هذه الاقصاءات هي التي تعيق فرقنا الوطنية منها والمكونة لرابطتنا الاولى على الظهور بوجه يتماشى مع سياسة رئيسنا الذي ما انفك ينادي بتشريك الكفاءات كل في ميدانه وحسب مميزاته حتى تواصل بلادنا فرض هيمنتها على الصعيد القاري، ولما لا العالمي مثلما كان الشأن مع سبّاحنا »الأسطورة« أسامة الملولي الذي يعتبر خير سفير للرياضة التونسية بعد ان هزم كبار الاسماء التي لم نكن نحلم مجرد الحلم بالتباري معها ولكن بتواجده في امريكا وبالدعم الذي يجده من وزارة الرياضة تحصل على ما يرفع الرؤوس في المحافل الدولية. الطموح المشروع نعم اليوم بإمكاننا ان نطمح لما هو اكبر في ظل الرعاية التي يلقاها كل الرياضيين من لدن رئيسنا زين العابدين بن علي الذي مكّن بلادنا من القيام بقفزة نوعية على جميع المستويات بشهادة عديد البلدان الشقيقة والصديقة خاصة تلك التي أخذت من بلادنا أنموذجا لها. لأجل كل هذا ومن أجل ان نعيد لرئيسنا ولو القليل مما وفره لنا كرياضيين علينا ترك الحزازات وتصفية الحسابات جانبا حتى ننهض بكرتنا استنادا على كفاءاتنا وليس أخذا بخاطر بعض المقربين من اهل القرار، مثلما هو معمول به في جامعاتنا وجمعياتنا الرياضية (!). ورغم كل هذه السلبيات التي ذكرتها لابد من قول كلمة حق في شخص رئيس الترجي حمدي المدب الذي تمكّن في ظرف وجيز من اعادة هيكلة فريقه والحصول معه على عديد الالقاب، بحكم معرفته لأجواء الترجي الذي مارس في صفوفه كرة القدم قبل ان يتفرغ لمشاريعه التجارية، ولكن ذلك لم يمنعه من متابعة فريقه قبل ان يتحمل به منصب نائب أول لسليم شيبوب وهذا لا يعني ان حمدي المدب لم يقم بأخطاء في حق بعض ابناء الترجي من اصدقاءه الذين قد يغفرون له كل ما فات بما أنهم يدركون جيدا انه كان يتصرف تحت ضغوطات أملتها عليه بعض الظروف بحكم عدم اطلاعه على بعض التفاصيل، اليوم والحمد لله، نرى حمدي يسيطر على أوضاع فريقه بكل حنكة ودراية بعد ان توقف على عديد الحقائق التي كانت كافية لتشويش افكاره عند انطلاقه على رأس فريق باب سويقة منذ موسمين، اليوم ومن خلال ما قام به رئيس الترجي بعد دعوته لقدامى الترجي للمّ الشمل يمكننا القول بأن حمدي المدب قام بخطوة متميزة لربط قنوات الاتصال مع مختلف أجيال الترجي، وهذا يحدث لأول مرة في تاريخ النادي الذي لا يمكننا ان نتصور أيامه إلا حافلة بالالقاب والتتويجات وسط أجواء عائلية بهيجة ولو ان شيبوب طلع علينا هذه الايام بتصريح يؤكد انقطاع علاقته بالترجي ولا ندري لماذا حصل ذلك؟ على صعيد اخر، نرى ان ما قامت به عائلة النجم الموسعة من خلال تعيين ابن الفريق حامد كمون في خطة نائب رئيس أول، ثم في مرحلة ثانية دعوة منير بوقديدة على رأس فرع كرة القدم من المؤشرات التي تدل على ان ابناء النجم استعادوا موقعهم الاصلي داخل فريقهم، بعد الذي لاقوه من تجاهل ونكران من رئيس ناديهم معز ادريس الذي رغم وفرة الاموال عجز على الخروج بفريقه الى برّ النجاة بعد ان ذهب في اعتقاده بأن النجم احدى شركاته الخاصة، المهم ان النجم استعاد ابناءه وفي ذلك اعتراف ضمني بفشل سياسة ادريس المرتكزة اساسا على إقصاء ابناء النجم، وهي مؤشر ايجابي آخر لا يقل قيمة عما قام به حمدي المدب في الترجي وكبار النجم تجاه فريقهم مع إقدام رئيس الجامعة كمال بن عمر على تعيين سامي الطرابلسي وعلي بومنيجل مدربين وطنيين لمنتخبي الآمال والأواسط وفي هذا دلالة كافية بأن النية بجامعة الكرة تتجه الى اعادة النظر في تعيين مدربي منتخبات الشبان التي طغت عليها منذ سنوات ظاهرة تعيين »معلمي الخفّة« نعم انه قرار جريء اتخذه رئيس الجامعة كمال بن عمر الذي قد يكون اقتنع بأن مصلحة الكرة في تعيين مدربين من ميدان الكرة دون سواهم وفي ذلك رد اعتبار للاعبين قدموا كل ما يمكن تقديمه للكرة التونسية. ولو اننا سنظل في انتظار قرارات أخرى لكمال بن عمر خاصة وان ملفات عديدة في حاجة الى فتحتها بعد ان لفها النسيان لوقت طويل، لكن علينا التأكيد ان الكرة التونسية في حاجة كثيرة لأبنائها بعيدا عن كل الاقصاءات المقننة؟