يسرني باسم مناضلات ومناضلي اتحاد العمال المهاجرين التونسيين بباريس أن أوجه تحياتنا النضالية الصادقة، راجين أن يكون انعقاد مؤتمركم هذا محطة جديدة في مسيرة عمل الاتحاد العام التونسي للشغل من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية، والدفاع عن مصالح العمال المادية والمعنوية، هذا المؤتمر الذي يأتي كمحطة نضالية أخرى في سياق المنظمة من تضحيات جبارة، بداية بدم شهدائها في النضال ضد الاستعمار وعلى رأسهم الشهيد فرحات حشاد، الذي نعمل هذه الايام على احياء مبادرة من اجل مطالبة السلطات الفرنسية بكشف حقيقة ملابسات اغتياله وغيره من أولئك الذين دفعوا غاليا ثمن النضال من أجل مبادئ الاتحاد، في كل المعارك التي خاضها تحت الاستعمار الفرنسي من أجل معركة التحرير أو بعده من أجل الديمقراطية والعدل الاجتماعي. ان التقاءنا الدائم تحت شعار الحرية والعدالة الاجتماعية كان ولا يزال محورا اساسيا في تصوراتنا المشتركة وقراءتنا لواقع الحركة الاجتماعية في تونس والمغرب العربي بشكل خاص والوطن العربي بشكل عام، ومدى عمق الاشكالات والتحديات المطروحة أمامها، ونحن في اتحاد العمال المهاجرين التونسيين لا نرى بديلا عن النضال من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية من أجل مجتمع منصف وعادل، ومن ثم فان علاقتنا المميزة مع الاتحاد تمثل ركنا دائما في اطار تفكيرنا من أجل الارتقاء بمساهمة العمال المهاجرين في الحركة الاجتماعية خاصة وانهم يبقون جزءا لا يتجزأ من المجتمع ومعطى أساسيا في أي قراءة واعية وجدية للاقتصاد التونسي. لقد عبر الاتحاد العام التونسي للشغل عن وعيه بأهمية تشريك المنظمات المستقلة الممثلة للمهاجرين في عدد من نشاطاته، وما مشاركتنا اليوم في المؤتمر بصفة ملاحظين إلا تعميقا لهذه الممارسة النوعية، ولقد لقيت هذه المبادرة كل الترحاب من مناضلي الهجرة وبشكل أخص مناضلي اتحاد العمال المهاجرين التونسيين بباريس. لقد سعينا، من جهتنا في اتحاد العمال المهاجرين، منا مؤتمر جربة الاستثنائي الى دعم تنفيذ توصياته وخاصة منها ذات الصلة بتمتين العلاقة بين منظمتكم النقابية وجمعيات الهجرة، ولقد عملنا من جهتنا على تطوير هذا التوجه المشترك رغم عدد من المصاعب التي عملنا على تجاوزها من خلال تطوير علاقتنا مع الاتحادات الجهوية، من أجل الاقتراب أكثر ما يمكن من العمل على أرض الواقع وترجمة خيارات ملموسة، حيث عملنا على سبيل الذكر لا الحصر في السنوات القليلة الماضية على بعث عدد من مراكز الاعلامية والانترنات بالاتحادات الجهوية بكل من جهات تونس، صفاقس، بنزرت، القصرين وجندوبة كان آخرها مركز الاعلامية «احمد التليلي» بالاتحاد الجهوي للشغل بسوسة، الذي استقبل مشكورا، وفي أحسن الضروف، بنفس المناسبة وفدا من شباب جمعيتنا، كما حرصنا باستمرار على متابعة نشاط هذه المراكز مقترحين كل أنواع المساعدة في تسييرها أو في تقييم نشاطها، كما يعمل عدد من مناضلينا على بلورة عدد من المشاريع التي سبق وان اعلنا عنها في مجلسكم الوطني، والتي سنقترحها على الاتحاد العام التونسي للشغل تطويرا لما سبق لنا انجازه سويا، حال اكتمال المرحلة النهاذية لدراستها. وهي اساسا مشاريع للتجارة المنصفة والعمل على بلورة مشاريع مشتركة في مجال الاقتصاد الاجتماعي . نشارك معكم اليوم في هذا المؤتمر، كممثلين عن جمعيات الهجرة بفرنسا، بعد سنة اجتماعية صعبة عرفتها الساحة الفرنسية، وهو ما يجعلنا أمام تحديات تشتد يوما بعد يوم، فبعد أزمة الضواحي الباريسية في خريف 2005 التي ترجمت بشكل كبير حالة الاحتقان عند الشباب الافريقي والمغاربي والمهاجر، وكانت في جوهرها رغم الشكل العنيف، ردا على نسق اجتماعي واقتصادي غير عادل تمتزج فيه كل من الانعكاسات السلبية للسياسات البيوليبرالية على الفئات الاكثر هشاشة في المجتمع مع كل من التهميش والتجاوزات العنصرية، بل اننا نرى أن أحداث الخريف، رغم عدد من الفروق لا تخالف في جوهرها عن التحركات التي عرفتها فرنسا في شهر أفريل ضد عقد العمل الجديد الموجه أساسا للشباب من حيث قوة رد الفعل وضد تكريس السياسات الاقتصادية الليبرالية لواقع تتضحم فيه الفروق الاجتماعية بعيدا عن قيم المساواة التي ترفعها الجمهورية كنظام سياسي من جهة ولكن كنظام اجتماعي أيضا، كما شهدت الساحة الفرنسية جدلا وعملا نضاليا انخرطنا فيه كاتحاد للعمال المهاجرين التونسيين، ضد القانون الجديد أقل ما يمكن ان يقال فيه أنه جائر في حق المهاجرين، حيث جاء متجاهلا للدور الاساسي والرئيسي الذي لعبه العمال المهاجرون في بناء الاقتصاد الفرنسي والأوروبي الذي خرج مدمرا من الحرب العالمية الثانية. ولقد عملنا باستمرار في الفترة الأخيرة على تشجيع شباب الهجرة على الترسيم في القوائم الانتخابية، تكريسا لمبدأ أن الانتخاب هو الطريقة الاجدى للمطالبة بالحقوق وحتى تكون مشاكل المهاجرين ومعاناتهم جزءا من نقاشات الحملة الانتخابية القادمة بفرنسا. إن انخرطنا في الحركة الاجتماعية، يأتي من ايماننا بأهمية دور المهاجرين في الدفاع عن قيم الحرية والعدالة الاجتماعية أمام وضع دولي تسيطر فيه الاحتكارات الرأسمالية والشركات متعددة الجنسية على مقدرات الشعوب وعلى تطورها الاجتماعي مكرسة قيم الليبرالية الاقتصادية الجديدة مكان قيم العدالة الاجتماعية، عاملة على مراكمة الثروة في يد أقلية من المضاربين وأصحاب الاحتكارات على حساب الناس الأكثر هشاشة في العالم ، إن هذه القناعة تدفعنا مع قوى التقدم في العالم من أجل العمل لايجاد بديل اجتماعي أكثر عدلا للعولمة، وفي هذا الاطار تأتي مثلا، مشاركتنا في الجلسة التأسيسية للمنتدى الاجتماعي المغاربي، كما لا يفوتنا بهذه المناسبة أن نؤكد على الدور الذي لعبه الاتحاد العام التونسي للشغل في الاعداد لهذا الحدث، كما نهنئ الاتحاد وكل مكونات المجتمع المدني في تونس على تأسيس المنتدى الاجتماعي التونسي، راجين أن يجد المهاجرون مكانهم في هذا الفضاء من أجل المساهمة في الحوار ودفع الحركة الاجتماعية الى فضاءات نضالية ارحب. كما تبقى قضايانا العربية، على رأس اهتماماتنا في الهجرة، سواء كان ذلك في اطار التعريف بالقضية الفلسطينية والدفاع عنها ومساندة نضال شعبنا العربي في فلسطين، أو من خلال ادانة الاحتلال الأمريكي البريطاني للعراق والقمع الذي تتعرض له الأصوات الحرة داخل العراق، دفاعا عن استقلاله وعروبته ووحدته الوطنية، كما لم نتوانى للحظة في الدفاع عن حقوق الشعب العربي في العراق في مقاومة الاحتلال، ولقد حيينا باستمرار المواقف المبدئية والثابتة للاتحاد العام التونسي للشغل في نصرة القضايا القومية، وعلى سبيل الذكر لا الحصر، واكبنا باعتزاز التحركات التي قادها الاتحاد للتعبير عن رفض شعبنا في تونس للعدوان الصهيوني الذي تعرض له لبنان هذه الصائفة، ولقد شارك وفد من شباب جمعيتنا في المسيرة التضامنية التي نظمها الاتحاد. إن هذه التوجه يمتزج أيضا بقناعتنا بضرورة الاصلاح السياسي في الوطن العربي، منطلقين من قناعة أنه لا سبيل لتحرير الارض دون تحرير الانسان بعيدا عن القمع والانتهاكات المنظمة لحقوق الانسان، إن نضالنا من أجل الديمقراطية في تونس وبشكل أهم في الوطن العربي لا ينفصل بأي شكل من الاشكال عن نضالنا الاجتماعي، وفي هذا الاطار يأتي التقاؤنا الدائم تحت شعار من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية. ولا أنسى أن أجدد لكم تهانينا لانتخابكم عضوا في المجلس العام وعضوا في المكتب التنفيذي وعضوا في مجلس رئاسة المؤتمر التأسيسي للكنفدرالية النقابية الدولية .