يصعب على الآباء والأمهّات على حدّ السواء إيجاد الحلول اللازمة لتخطي المآزق والمشاكل النفسية المتعلقة بأبنائهم لهذه الأسباب، قامت «الإعلان» بإستشارة مصدّق جبنون الطبيب النفسي الذي قام بإطلاعنا على علامات الإضطرابات النفسية وأسبابها وكيفية تخطّيها بخصوص هذا الموضوع أكد السيد مصدق جبنون أن تشخيص الأمراض النفسية لدى الأطفال يعتمد على علامات طبية سريرية محدّدة بإمكان الأخصائي أن يلاحظها وأكد الطبيب النفسي كذلك على أهمية علامات أخرى يتمّ تحديدها بعد محادثة الأبوين.. وتهتمّ المحادثة بفترة حمل الطفل وظروف الولادة والأمراض التي تعرض إليها منذ الولادة وطرق تنشئة الطفل وخاصة الأشخاص الذين ساهموا في ذلك (الأبوين والجدة والمعينة المنزلية وموظفات الحضانة..). كما أن بيئة الطفل والمناخ الذي نشأ فيه دور في مساعدة الطبيب على التعرف على طبيعة الإضطرابات النفسية. وأضاف السيد مصدق جبنون أن الإضطرابات النفسية لدى الطفل أصناف مختلفة، وحسب المنظمة العالمية للصحة أن التخلّف الذهني بدرجاته (خفيف، متوسط، شديد، عميق) يعدّ من بين أول التصنيفات، الى جانب اضطرابات النمو الذي ينقسم الى اضطرابات النموّ الشاملة من جهة المتمثّلة في مرض التوحّد (outisme) ومرض أسبر جير (Asperger) ومرض ريت (syndrome de Rett) واضطرابات النموّ الخاصة من جهة أخرى، والتي تشمل أساسا اضطرابات اللغة والكلام واضطرابات التحصيل الدراسي واضطرابات القراءة (dyslexie) واضطرابات الإملاء والتعبير الكتابي (dysphotographie) واضطرابات الرياضيات (dyscalculie). زد الى ذلك، اضطرابات السلوك، التي تشمل خاصة اضطرابات ازدياد الحركة وقلّة الإنتباه مع اضطرابات التوافق النفسي بالوسط العائلي أو المدرسي أو الإجتماعي مرفوقا بإكتئاب في بعض الحالات هذا بالإضافة الى اضطرابات أخرى مستقلّة كالتبوّل اللاإرادي واضطراب التحكّم في البراز وفقدان الشهية أو إزديادها والتّأتأة في النطق ونتف الشعر.
السلوك العدواني لدى الطفل فيما يتعلق بالسلوك العدواني لدى الأطفال فهو يرتبط، حسب تصريح الدكتور مصدّق جبنون، بطبيعة التفاعل المبكّر بين الطفل وأبويه وبحالة مزاج الطفل وكل خصائصه النفسية، علما وأن هناك أطفال أكثر انفعالية ممن غيرهم، اذ قد نلاحظ أن لديهم ردود فعل فوريّة غير محسوبة العواقب بالإضافة الى أن الأطفال الذين يتميّزون بإنفعالية زائدة منذ مرحلة الرضاعة يتسبّبون في إرهاق الأم التي تصبح بدورها انفعالية وهو ما قد يضطرّها الى زيارة الأخصائي النفسي للطفولة ليساعدها ويوجّهها بطرق عملية تمكّنها من حسن التصرف والتعامل مع رضيع صعب المراس برفضه للرضاعة والنوم.. وعن أسباب النشاط الزائد فهو يفترض وجود أرضية بيولوجية وعصبية وأحيانا وراثية، لكن لعلّ أهم العوامل ترتبط بالتنشئة المبكّرة اذ غالبا ما نلاحظ تعدّد الأشخاص الذين قاموا بدور الأم كما أن سوء التعامل المبكّر مع الطفل كالإدلال المفرط أو الإهمال المفرط قد ينعكس سلبا على نفسية الطفل وأكثر حالات الإهمال التي أصبحت متفشية جدا في مجتمعنا هي إهمال الرضيع كثير الحركة والصراخ أمام الشاشة لعدّة ساعات في اليوم أو ربّما كامل اليوم ويؤدي هذا الإهمال الى حالات اضطراب عميقة ذهانية شبيهة بحالات التوحّد واما حالات شبيهة بالتخلّف الذهني وغالبا ما يكون لدىالأطفال ذوي النشاط الزائد اضطرابات في التحصيل الدراسي تظهر في رفض الكتابة ورفض القراءة وعدم الإنتباه أو تشتّت الإنتباه. وبخصوص دور التكنولوجيات الحديثة في خلق اضطرابات نفسية لدى الأطفال يقول الدكتور جبنون، إن الإدمان على الألعاب السمعية البصرية والتلفاز والأنترنات، له مخلّفات على شخصية الطفل وعلى تحصيله الدراسي ومستقبله العلمي اذ أن عدم المراقبة من طرف الأبوين تجعل الطفل ينشأ بشخصية لا تتحمّل أدنى مسؤولية تتّكل على الغير في أبسط شؤونها، ومازلنا نلاحظ أطفالا ومراهقين «غير قادرين» على القيام بشؤونهم الخاصة جدا (نظافتهم، أكلهم، لباسهم، نومهم..). الحلول ولتجاوز الاضطرابات النفسية، أشار الدكتور مصدق جبنون الى أن لوسائل الإعلام دور في توعية الأولياء من خلال برامج للتنشئة المبكّرة، كذلك فإن المدارس تساعد على التشخيص المبكّر للحالات النفسية وتوجيهها للأخصائيين مع إمكانية توظيف أخصائي برياض الأطفال وبالمدرسة وبالمعاهد، خاصة وأن زيارة الطبيب النفسي بدأت تتزايد وهو ما ينمّ على ثقافة ووعي بأهمية الصحة النفسية للطفل.. وأكد الدكتور مصدق جبنون على أهمية تدخل الطبيب النفسي للطفل والمراهق تكون ناجعة عندما تكون في مرحلة الوقاية أي التدخّل في المراحل الأولى من تنشأة الطفل خاصة قبل سنّ السنتين أو الثلاث سنوات الأولى فيما يخص التنشأة المبكّرة وقبل السنة الثالثة من التعليم الأساسي فيما يخصّ إضطرابات الدراسة وقبل سنّ الحادية عشرة فيما يخصّ مرحلة المراهقة. إلا أننا نلاحظ أن العائلة التونسية لا تلجأ للأخصائي النفسي الا خلال «نوبة» أي حالة تأزّم للعائلة من جراء تعكّر أسوأ للعلاقة بين الطفل والأبوين، ولما تنتهي هذه النوبة يتلاشى التفكير في الذهاب للأخصائي النفسي، وغالبا ما يقوم الوالدين ينفي اضطراباتهم السلوكية الخاصة وإلقاء اللوم على أفعال الطفل الذي يصبح هو المتسبّب «الوحيد» في آلام العائلة