هل هناك حمل؟ عادة هذا هو السؤال الذي يطرح على المرأة بعد الزواج وكلّما تأخرت عملية الحمل تزداد وتيرة الأسئلة ويزداد معها الضغط خاصة على المرأة ولئن اختلفت الأسباب وتعدّدت فإن الضحية في كل الحالات هي المرأة لأنها تكون في أغلب الأحيان المتّهمة الرئيسية في حالة تأخر الحمل وحول الأسباب ارتأينا إنجاز التحقيق التالي نظرا لما يطرحه هذا الموضوع من إشكاليات ومن حساسيات خاصة بالنسبة للمرأة..
زوجي أهانني لأني نصحته بداية جولتنا كانت من خلال إلتقائنا بالسيدة منية متزوجة منذ 5 سنوات حيث تقول : لقد تزوجت في صائفة 2004 وكما تعلمون حلم كل فتاة أن تعيش الأمومة وتنجب الأطفال، عشت على هذا الحلم لمدة سنتين كاملتين أمني نفسي بأن أكون حاملا ولما طالت فترة انتظاري قرّرت حينها زيارة الطبيب والخضوع الى العلاج فطلب مني القيام ببعض الفحوصات والتحاليل وعندما تأكد بأن كل التحاليل كانت سليمة وإيجابية أخبرت زوجي حينها بالأمر وطلبت منه بأن يزور الطبيب، فوجئت بردة فعله فقد أهانني وضربني وقالي لي ماذا تقصدين؟ العيب مني؟ قررت حينها أن أطوي هذه الصفحة وطلبت منه بأن نلجأ الى التبني، رفض هذا العرض وقال أريد طفلا من صلبي ولحمي وبعد أن طالت فترة الإنتظار تتنهّد وتقول «هداه ربي» فقد أخبرني أنه وافق على إجراء التحاليل والفحوصات وأخبرنا الطبيب بأن كلانا سليم ونصحنا بالإنتظار والصبر، أنا الى حدّ هذه اللحظة أعيش على هذا الأمل ويزداد تمسّكي بالأمل عندما أتذكّر بأنني أنا وزوجي سليمان.. وتقول «يفرّجها ربي» هكذا كانت كلمات النهاية مع السيدة منية وما صاحب هذه الكلمات من كل معاني الحزن والشجن في نبرات صوتها والشيء نفسه لمحناه مع السيدة هادية (أصيلة ولاية الكاف) ومقيمة ببن عروس متزوجة منذ 3 سنوات حيث تقول «لقد خضعت الى العلاج لفترة طويلة والآن مرّ على تأخر الحمل ثلاث سنوات» .. وتقول خلال هذه الفترة زرت الأطباء وزرت العرافين لكن كل محاولاتي لم تجد نفعا وتضيف : أنا أعيش فراغا كبيرا خصوصا أنني ربة بيت ومللت من الإنتظار خاصة وأن الطبيب يؤكد لي أنني سليمة ولا أعرف لماذا تأخرت فترة الحمل بالنسبة لي؟ وللإجابة عن هذا السؤال كان لنا لقاء مع الدكتور يوسف القابسي أخصائي في الجراحة وأمراض النساء والتوليد والعقم ليشرح لنا أسباب تأخر الحمل بالنسبة للمرأة.
خمسون بالمائة من الرجال يتسبّبون في تأخر الحمل يقول الدكتور يوسف القابسي أن تأخر الحمل بالنسبة للمرأة مسألة عادية ولا يجب أن تلقى هذه المسؤولية على كاهل المرأة فقط فللرجل دور في تأخر الحمل بإعتباره عنصرا فاعلا في عملية الإتصال الجنسي ويقول ان نحو ٪50 من الرجال يتسبّبون في تأخر عملية الحمل بالنسبة للمرأة.. وحول أبرز الأسباب يقول انها كثيرة وهي متعلقة بالمرأة أو الرجل أو كليهما معا. بالنسبة للزوج فعادة تكون الأسباب إما لضعف حركة الحيوانات المنوية أو قلة عددها أو هناك تشوّهات عالية في الحيوانات المنوية كذلك التهاب الخصية وانسداد القنوات الناقلة للنطف داخل الخصيتين بسبب الإلتهابات أو بسبب انسدادها أثناء التكوّن الجيني أو تعرّض الخصيتين للحرارة لفترات طويلة حيث تحتاج النطف الى درجة حرارة أقل من حرارة الجسم كذلك السمنة الزائدة لها دور في تأخر الحمل.. وحول أبرز الأسباب التي يعتبرها الدكتور مساهمة في تأخر عملية الحمل بالنسبة للمرأة فهي غياب الزوج في فترة الخصوبة وعدم ممارسة الجماع خلال هذه الفترة بالذات ويقول هناك من الأزواج من يقضي فترات العطل خارج المنزل ولا يقع الإتصال الجنسي خلال فترة الخصوبة وبالتالي يتأخر الحمل.. ويؤكد الدكتور في هذا السياق على أهمية المعاشرة الزوجية وقت التبويض وتسمى بفترة الإخصاب وهي الفترة التي تكون فيها المرأة مهيأة لقبول الحمل فلو أمكن جعل المعاشرة الزوجية بشكل يومي أثناء فترة التبويض حتى تكون فرص الحمل أفضل. ماذا عن تأخر الحمل؟ يشير الدكتور في هذا السياق أن تأخر الحمل قد يكون لأسباب طبيعية لا تدعو للقلق لكن هناك مسائل غير طبيعية وتساهم بشكل كبير في تأخر عملية الحمل بالنسبة للمرأة وأهم هذه الأسباب نذكر على سبيل المثال العامل الوراثي كذلك انسداد أو إلتصاق في قنوات الرحم نتيجة بعض الإلتهابات الحوضية أو الحمل الخارجي أو بسبب إلتصاقات بطنية وحوضية كذلك يشير الدكتور الى وجود أجسام مضادة (Les pertes) فهذه الإفرازات لدى المرأة تقتل الحيوانات المنوية كذلك الشأن بالنسبة للميكروبات والجراثيم (Les infections) والإلتهابات التي تقتل الحيوانات المنوية مما يساهم في عدم حدوث الحمل.. أيضا صغر حجم الرحم وبعض الخلل على مستوى الغدة الدرقية سواء بضعفها أو زيادة إفرازاتها مما يؤدي الى خلل الإباضة وعدم حدوث الحمل بالإضافة الى بعض التشوّهات في الرحم مثل الرحم المضاعف أو الرحم الثنائي القرن، أو الرحم المسطح.. كما يؤكد الدكتور يوسف القابسي على ضرورة الإبتعاد عن الأدوية ويقول ان استخدام بعض أنواع الأدوية يؤدي الى خلل الإباضة فمثلا الهرمونات مثل الكورثيزون أو الأدوية المثبتة للمناعة أو الأدوية النفسية تؤدي الى خلل الإباضة كما يشير الدكتور تأثير الزواج المتأخر في تأخر عملية الحمل ويقول ان بداية من سن 35 يطرح الحمل بعض الإشكاليات وليس في كل الحالات حيث يقول هناك سيّدات زرنني في عيادتي وسنّهنّ 40 عاما وبفضل العلاج المتواصل تمكّن من الحمل.. ويشير الدكتور الى بعض الأمراض الجديدة التي تعطل عملية الحمل مثل Fibrum ويقول انه ينقسم الى درجات ويحتلّ مساحة كبيرة في المكان المخصص للحمل وبالتالي يعطّل عملية التبويض ومشكل Fibrum مطروح أكثر أثناء عملية الولادة فقد يتسبب في حدوث نزيف بالنسبة للمرأة. الأمراض التناسلية تؤدي الى العقم وتهدّد الأمراض التناسلية الحمل وتؤدي أحيانا الى العقم بإعتبارها تهدّد الجسم وخاصة تلك التي تمنع الحمل مثل (السيدا) من خلال الإتصال الجنسي وهذه الأمراض تؤدي الى العقم سواء بالنسبة للمرأة أو للرجل. وفيما يتعلق بالمرأة فإن أسبابه تعود الى بعض الأورام داخل المبيض أو نتيجة مشكلات بعنق الرحم ويركّز الدكتور يوسف القابسي في حديثه عن أسباب تأخر الحمل الى مسألة جديدة أصبحت تطرح بكثرة في صفوف الفتيات وفي صفوف النساء وهي الأكياس (Les kistes) ونظرا لتفشيه والمخاوف التي يطرحها أثناء عملية الحمل التقينا بالآنسة مريم حيث تقول انها ستخضع الى عملية جراحية بسبب وجود كيس مائي وتضيف «أنا متخوّفة جدا من هذه العملية خاصة وأنني علمت أنه يطرح مشاكل عديدة وقد يعقد الحمل».. وحول نفس الموضوع تقول الآنسة ليلى بأنها خضعت لعملية جراحية حول الكيست وتقول أخبرني طبيبي بأنها لا تمثل خطرا في المستقبل. وجدنا أكياس تحتوي على أسنان وبالنسبة الى الأكياس يقول الدكتور انها تساهم في تأخر عملية الحمل وينصح بضرورة الإسراع في التدخل الجراحي وذلك عن طريق اجراء العملية بواسطة المنظار خاصة بالنسبة للفتيات ويجب على الطبيب أثناء إجراءه لهذه العملة الجراحية الحذر خاصة اذا تعلق الأمر بالأكياس التي تكون لها تأثيرات على الحمل مثل Kiste dans l'ovaire ويعرض الدكتور أنواع هذه الأكياس فمنها ماهو مائي وهناك أكياس تحتوي على الدم وهناك أكياس تحمل الماء والدم معا ويقول أجرينا عملية حول الأكياس ووجدنا بداخلها «سنّة» وأخرى وجدنا بداخلها «شعر».. وحول أسباب تفشي هذه الظاهرة يقول الدكتور ان المسألة هرمونية بالأساس بالإضافة الى العامل الوراثي في هذه المسألة وحول المصابين بأمراض القلب أو الأمراض المزمنة فيرى الدكتور ان الحمل ممكن ولا وجود لمشكل إزاء هذه الأمراض.. تبقى الثقافة الجنسية مسألة جوهرية في حدوث الحمل أو تأخّره كما يلعب العامل النفسي دورا هاما في هذه المسألة حيث يكون للمزاج النفسي دور كبير في عملية الحمل.