في زمن من الأيام الخوالي*وفي حياة من البوالي* كانت توجد بلدة عجيبة الأطوار* تتهافت عليها كلّ وكالات الأسفار* ففي امتار معدودوات* ترى أغرب أنواع المخلوقات* وفوق ذلك هي على سفينة نفّاثة* يقودها رؤساء ثلاثة* كلّهم تحت اشراف الشيخ العفريت* الذي يملك لوحده علبة الكبريت* وفي البلدة/ السفينة شتى القبائل*من انصار الأواخر والأوائل* II قلت في نفسي لابدّ لهذه البلدة من زيارة* فكيف ألقى الرحمان دون الوقوف امام يدي الشيخ العفريت حاكم باب منارة؟* ودّعتالأهل والأقارب * وواجهت مخاطر الافاعي والعقارب* طمعا باللحاق بالشيخ جعفور* وهو يدير أحد اجتماعات الدستور* وكذا بأخيه الطرطور* حاكم الأشجار ومحرّر العصفور* بعد ان أتممت إجراءات الدخول* توجهت فورا إلى قبّة الأصول * وجدت في القصر وعلىمشارفه قبائل عديدة * لكل منها مطالبمديدة * صرفت النّظر وواصلت السّير* فوجدت أناسا وكأنّ على رؤوسهم الطّير* هذا يشتكي غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار* وذاك متبرم من عودة أصحاب الحمار* المختصين في ترهيب الكبار والصغار* سألت شابا عن مقر الشيخ العفريت* التفت إليّ شزرا مزرا وقال خزِيت* قُلت سبحان الله الأخلاق منهارة* و الدهماء تتطاول على السّادة وأصحاب الكريم من الحجارة* III بعد طول عناء* وبحث في الأزقة الكثيرة الالتواء*وصلت في الأخير إلى الشّيخ العفريت * المالك لوحده علبة الكبريت* قلت يا شيخ قد أتيتك من أقاصي البلادْ* وكلّي أمل في أن يهدي الله بك العبادْ* قل لي بربّ السّماء* كيف تمكّنت من رقاب الدّهماء؟* قام وتنهنه وقال هذا سؤالمهمّ جدااا* ولست أدري كيف سأبدااا»»* اعلم يا بني أنّ السرّ الأعظم يكمن في الكبريت* وبتحكّمي فيه أصبحت شيخ العفاريت* كُنْتْ حَاطِتْهُمْ الكُلّ في المكتوبْ* وكانْ حسابي الكلْ محسوبْ* ياخي خَرجْلي واحدْ ملْ لبْعاد* ويحبْ يحكمْ فلْ لبلاد* هاذاك اللّي مازال عادْ* IV نظرت للشّيخ وكلّي ذهول* فاستمعنا إلى قرع الطّبول* وأذّن مؤذّن في النّاس أنّ هنالك منْ تحصّن في الجبال والسّهول* وجاء فتى يجْري حتّى ضاقت عليهْ الأنفاسْ* وتوجّه للشّيخ بعد أن استعاذ من الوسواسْ الخنّاسْ* يا شيخنا العفريت* لقد سرق هؤلاء الشباب شيئا من الكبريت* غضب الشيخ الهمام* وقال لعلّه من فعل الأزلام؟* آه تذكرت لقد قدّموا لي الولاء* وأصبح كل الأزلام من الأوفياء* من تراه سرق لي الكبريت؟* أتراه أحد العفاريت؟* فقال له الفتى يا سيدي الشيخ إنهم من أبنائك الميامين* الذين يذكرونك بشبابك أيام السرية والتكمبين* ابتسم الشيخ ابتسامة عريضة* وقال لعلهم سيؤدون بها فريضة* لا تخافوا من هؤلاء فهم أبناء بررة* تماما كأصحاب موسى من السحرة* إنهم فقط مولعون بالبنّي البنّي* إلّي ساعة ساعة يقوم بغنّي* V قدم فتى ثانٍ يتبلل عرقا* وقال سيدي الشيخ سوف نهلك غرقا* انتهره كبير العّفاريت بسؤال* كيف هذا؟ هذا مُحال!* يا شيخنا قد حملوا كلّ الذخيرة* وسوف يُفَجِّرُون بلدتنا الصغيرة* هدّأ الشيخ من روعه وقال* يا بني هذا محض خيال* هؤلاء أبنائي من السيدة مجيدة* وكلّ همّهم التبشير بثقافة جديدة* هم فقط شباب من المتحمسين يريدون فقط تطهير البلاد من المتفرنسين* ولاخوف على الكبريت* ما دمت أنا الشيخ العفريت* VI قام أحد الأحفاد* وقال يا شيخ لَعْبُو بيك لُولاد* التفت الشيخ العفريت الى صديقه الشيخ جعفور* وكذا إلى أخيه الطرطور مُحرّر العصفور* ثمّ أجال النظر في الحفيد* وقال في نفسه مالي ولهذا العنيد* ثم تذكر مجده التليد* أيام زواجه من مجيدة*وولادة أبنائه أصحاب الثقافة الجديدة* استغرق الشيخ في المنام* وحلم أنه يقاتل مئات الأزلام* وتكاثرت في مخيلته الأفلام* حتى أفاقمذعورا على دوي الألغام* ______________________________________________________________________________ ملاحظة: كل شخوص هذه المقامة من محض الخيال* وتشابهها بشخوص الواقع محال* أو على الأقصى مجبود بالحبال* نشرت المقامة بجريدة المغرب بتاريخ الاحد 19 ماي 2013 تحت عنوان في بلاد الشيخ العفريت واللي يدو تجمد الماء وحتى الزيت