السوداني يؤكد وقوف العراق الى جانب تونس    أسعارها في المتناول..غدا افتتاح نقطة بيع من المنتج إلى المستهلك بالعاصمة    سوسة: سائق تاكسي يحوّل وجعة طفل ويعتدي عليه    نحو 6000 عملية في جراحة السمنة يتم اجراؤها سنويا في تونس تشمل اغلبها اجانب    عاجل : إيلون ماسك يعلق عن العاصفة الكبرى التي تهدد الإنترنت    الجامعة التونسية لكرة القدم تسجل عجزا ماليا قدره 5.6 مليون دينار    غدا الاحد.. انقطاع التيار الكهربائي بعدد من المناطق من ولاية المنستير    تركيا.. إصابة 25 شخصا في حادث مرور    الجمعية التونسية للفضاء: الشمس تطلق توهجات قوية باتّجاه الأرض    وزير الشؤون الدينية يصدر هذا القرار    منذ بداية سنة 2024.. إعادة قرابة 2500 مهاجر غير نظامي إلى بلدانهم    كاتب سيرة ميسي.. ليو سيعود إلى برشلونة    عاجل : رفض الإفراج عن المدير العام الأسبق للمصالح المختصة بالداخلية    رئيس الجامعة بالنيابة جليّل: اعجاب كبير بعمل الوحيشي وسنبقي عليه    عاجل: الاحتفاظ ب"انستغراموز" معروفة..وهذه التفاصيل..    نيوزيلندا تتخذ إجراءات عاجلة لمواجهة العاصفة الشمسية الجيومغناطيسية الكبرى    عاجل/ السجن لموظف ببنك عمومي استولى على أموال..    كرة اليد.. انتخاب كريم الهلالي عضوا في المكتب التنفيذي للكنفدرالية المتوسطية    مدير عام المجمع الكيميائي : ''نقل الفسفاط يعدّ المشكل الحقيقي''    يوم تاريخي في الأمم المتحدة: فلسطين تنتصر.. العالم يتحرر    صفاقس: الإحتفاظ بشخصين من أجل مساعدة الغير على إجتياز الحدود البحرية خلسة    استشهاد 20 فلسطينياً في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة..#خبر_عاجل    عاجل/ تأجيل دربي العاصمة..    عاجل/ الاحتفاظ برئيس بلدية سابق و موظف من أجل شبهة..    القصرين: بطاقة إيداع بالسجن في حق شخص طعن محامٍ أمام المحكمة    تونس تشهد موجة حر بداية من هذا التاريخ..#خبر_عاجل    الجلسة العامة للجامعة: حضور جميع الأندية باستثناء الترجي والقوافل    مهرجان ريم الحمروني للثقافة بقابس.. دورة الوفاء للأثر الخالد    في إطار الاحتفال بشهر التراث...«عودة الفينيقيين» إلى الموقع الأثري بأوتيك    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    مسيرة فنية حافلة بالتنوّع والتجدّد...جماليات الإبدالات الإبداعية للفنان التشكيلي سامي بن عامر    الجزائر تتوقع محصولا قياسيا من القمح    طقس السبت: ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    بعيداً عن شربها.. استخدامات مدهشة وذكية للقهوة!    عاجل/ بعد حادثة ملعب رادس: وزارة الشباب والرياضة تتخذ هذه الاجراءات..    النادي الإفريقي.. القلصي مدربا جديدا للفريق خلفا للكبير    لأول مرة/ الاتحاد البنكي للتجارة والصناعة يشارك في دعم النسخة 18 من دورة "كيا" تونس المفتوحة للتنس..(فيديو)    تونس تشدّد على حقّ فلسطين في العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتّحدة    بايدن يخطئ مجددا و"يعين" كيم جونغ رئيساً لكوريا الجنوبية    مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص أضحية العيد    المسابقة الأوروبية الدولية بجنيف: زيت الزيتون 'الشملالي' يفوز بميدالية ذهبية    الكريديف يعلن عن الفائزات بجائزة زبيدة بشير للكتابات النسائية لسنة 2023    قليبية : الكشف عن مقترفي سلسلة سرقات دراجات نارية    عاجل/ الأمم المتحدة: 143 دولة توافق على عضوية فلسطين    في تونس: الإجراءات اللازمة لإيواء شخص مضطرب عقليّا بالمستشفى    وزير السياحة يؤكد أهمية إعادة هيكلة مدارس التكوين في تطوير تنافسية تونس وتحسين الخدمات السياحية    نرمين صفر تتّهم هيفاء وهبي بتقليدها    الأمطار الأخيرة أثرها ضعيف على السدود ..رئيس قسم المياه يوضح    لهذه الأسباب تم سحب لقاح أسترازينيكا.. التفاصيل    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    خطبة الجمعة .. لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما... الرشوة وأضرارها الاقتصادية والاجتماعية !    إتحاد الفلاحة : '' ندعو إلى عدم توريد الأضاحي و هكذا سيكون سعرها ..''    عاجل/ مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص شراء أضحية العيد في ظل ارتفاع الأسعار..    أضحية العيد: مُفتي الجمهورية يحسم الجدل    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس : قطاع فلاحي في حاجة لإصلاح زراعي

إن الانطلاقة من عتبة المسعى لبناء دولة وتشكيل مقومات نظامها إلى تحقيق استقلاليتها الاقتصادية وبلورة جذور الدعائم القادرة على تحقيق السيادة الحقيقية لها ، يحتاج فعلا لنخبة لامعة تحوم حول قيادة مؤمنة بدائرة الممكن مهما استأسدت العقبات والظروف العكسية.
لقد أصاب الشاعر والأديب السوري محمد الماغوط في وصفه للمواطن العربي . إن محترف الأدب السياسي الساخر قد وصفه قائلا : '' المواطن العربي يولد ويموت وهو محاصر بالخوف ، من كل شيء ومن أي شيء " . لقد وصف الحال بدقة لامتناهية .الإنسان العربي مهدد في أمنه وقوته وبالتالي حريته واستقلالية وطنه . إذ أن معظم محاولات الإصلاح الزراعي ، أفناها الواقع . لقد استشرت التبعية الغذائية العربية بلا هوادة بعد فشل مخططات الإصلاح الزراعي .
إن البلاد التونسية هي بلا شك محتاجة اليوم لنظرة واقعية للقطاع الفلاحي الذي هو في حاجة فعلية لإصلاح زراعي يوقظ همم الفلاحين الكبار والصغار ويشمل الأراضي المتروكة لتكون قالبا لإنتاج فلاحي ضخم .
تونس تبنت مطلع الستينات النموذج الاشتراكي وقد عرف هذا النموذج بتجربة التعاضد . ولنقف على هذه السياسة قليلا ، ففي إطارها عمدت الدولة إلى تمركز القطاع والى إدارة كاملة لقطاع الفلاحة . وقد عملت على دمج الملكيات الصغيرة من الأراضي الزراعية في "ضيعات" كبرى. وإخضاع الملكيات الكبرى إلى التقسيم. إن هذه التجربة لم تستمر أكثر من ست سنوات لتعلن الحكومة فشلها الذريع في تحقيق الأهداف المرسومة. حيث تراجع الإنتاج الزراعي بشكل حادّ، كما تمّ ضرب استقلالية النشاط الزراعي خاصة بالنسبة للبذور، إذ قام النظام الحاكم في تونس أواخر السّتّينيات وبداية السبعينيات بضرب منظومة البذور الأصلية الوطنية لصالح البذور المستوردة، ممّا جعل البلاد تدخل في تبعيّة استيرادية .
إن تصحيح تجربة الإصلاح الزراعي بداية السبعينيات، أتت هي الأخرى بنتائج عكسيّة، حيث سعت الدولة إلى انتهاج سياسة مناقضة للتجربة السابقة عبر تحرير النشاط الزراعي ظاهرياً في حين تمّ إهماله لصالح المراهنة على الصناعة والسياحة، ضمن توجه اقتصاديّ جديد. إن هذه السياسة أدّت بدورها إلى تراجع الدعم الحكومي للفلاحين الذين وصلت ديونهم بحسب وكالة النهوض بالفلاحة عام 2015 إلى 100 مليون دولار، كما تراجع الاستثمار العمومي في البنية التحتيّة الفلاحية من طرقات وقنوات الريّ وكهربة الآبار. كذلك ظهر الاحتكار وسيطرة كبار ملاّك الأراضي على النشاط الفلاحي، ممّا أدّى إلى نزوح آلاف الفلاحين نحو المدن الكبرى. وفي المقابل ، أضحت الأراضي متروكة .
وبالعودة للإصلاح الزراعي الذي هو مجموعة الإجراءات التشريعية والتنفيذية التي تتخذها الدولة من اجل إحداث تغييرات إيجابية في الحقوق المتعلقة بالأرض الزراعية من حيث ملكيتها وحيازتها والتصرف بها. ويتم ذلك عن طريق وضع حد أعلى للملكية الزراعية الخاصة لا يجوز تخطيه، والاستيلاء على ما يتجاوز هذا الحد من أراض وتوزيعها على فقراء الفلاحين المستحقين وفقاً لشروط وأولويات . بحيث أن تونس في حاجة ماسة لانتهاج سياسة تحرير الفلاحين من الاستغلال الإقطاعي او شبه الإقطاعي . وان خيار توزيع الأراضي الدولية على الفلاحين لخيار ممتاز محتاج للتفعيل الجدي وفق أولويات تضبط بعقود مع الدولة .
كذلك الخيار الذي فعل بحل مشاكل الأراضي الاشتراكية الذي ظل ملفا حارقا منذ سنين طوال ، والذي تم العمل عليه منذ حكومة الحبيب الصيد . وأيضا لا بد من إضافة عدة إجراءات كفيلة بتنظيم العلاقات الزراعية التي تشمل العلاقة بين مالكي الأراضي ومستأجريها . لئن كان توفير الأراضي مهما ، فان ضرورة توفير قروض ومساعدات لمستغلي الأراضي الزراعية مهم أيضا في إطار مساعدتهم في تسويق المنتوجات الزراعية . وبالتالي العمل الفعلي على إقامة وحدات إنتاجية زراعية على أسس جماعية متقدمة . ان القطاع الفلاحي في تونس يحتاج لنظرة توليه اهتماما أكثر والتخطيط بدقة لإصلاح زراعي يجعل الفلاحة قاطرة الاقتصاد في الدولة.
ان كل بلد قد بلغ مقومات رفع التحديات والتوجه نحو تحقيق مكاسب تضمن الاستقلالية وتحصيل الثروة ، محتاج لشعب وقيادة لها أسلوب فذ في اختراق الحجب الضبابية الدعائية، والتعبير بوضوح جلي عن كبرى القضايا وطرق التعامل والتكيف معها .ومحتاج أيضا لقيادة تفهم النسيج السياسي والاقتصادي التونسي والعالمي . إن العديد من الإجراءات بسيطة ويمكننا السير في تنفيذها طالما وجدت العزيمة وتبناها الشعب وحركتها الإدارة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.