وسط دعوات للحفاظ على عناصر ومكونات التراث في إقليم شمال العراق، أحيا مواطنون وموظفون حكوميون، أمس الاثنين، اليوم الوطني لارتداء الزي التقليدي. وكانت حكومة إقليم شمال العراق قد قررت قبل عامين جعل يوم 10 مارس من كل عام يوما وطنيا خاصا بالزي التقليدي الكردي في الإقليم. وقال الناطق باسم المديرية العامة لشرطة أربيل، "هيوا حاتم": "من أجل إحياء التراث القومي الكردي، والحفاظ عليه، تلتزم عناصر الشرطة اليوم بارتداء اللباس الكردي التقليدي، ليعلم العالم أن للكرد خصوصيتهم القومية". واعتبر أن "تحديد يوم خاص بالزي الكردي مهم جدا، باعتبار الألبسة التقليدية احدى الركائز الأساسية للهوية القومية". وطالب حاتم الجهات المعنية ب "الاهتمام بشكل أكبر بهذه المناسبة والتعريف بالألبسة الكردية على كافة الأصعدة"، داعيا في الوقت ذاته إلى "الاهتمام بتراث جميع المكونات المتعايشة في الإقليم". وأوضح حاتم أن المديرية خلافا لباقي الأيام سمحت اليوم لجميع عناصرها بارتداء اللباس الكردي التقليدي. وكانت وزارة التربية في حكومة إقليم شمال العراق، قد حددت الثامن من شهر مارس لارتداء الملابس الكردية في المدارس والدوائر الرسمية التابعة لها، على سبيل التجربة كإجراء، لإحياء التراث الكردي، إلا أنها تراجعت عن هذا الموعد، وأعلنت العاشر من مارس/ آذار بديلا له. وبهذه المناسبة، شهدت أسواق الأقمشة الخاصة بالملابس الكردية في مدن الإقليم وأصحاب محلات الخياطة، هذا الشهر، انتعاشا كبيرا، استعداد لاستقبال هذا اليوم، وأيام عيد نوروز الذي ينطلق في ال 20 من الشهر الجاري. ويتألف الزي الكردي الرجالي من عدة قطع، القطعة الأولى كالجاكيت وتسمى كورتك أو بركيز، والقطعة الثانية كالبنطال وتسمى شروال، وتلف في منطقة الوسط بمحل الحزام قطعة من القماش تدعى شوتك، وهناك غطاء الرأس ويسمى جمداني. في حين يتألف زي نساء الكرد من العُصابة التي تغطي الرأس، ودشداشة داخلية وأخرى خارجية تصل إلى أخمص القدمين، وسترة مفتوحة مطرزة بالزهور، مع سروال وحزام ذهبي يُلفّ على الخصر لفّاً، ويعتقد كثيرون أن جمالية هذا الزي مرتبطة مباشرة بالطبيعة الخلابة التي تمتاز بها المناطق الكردية. كما يتميز الزي النسائي الكردي التقليدي بقوة ألوانه، وخصوصيته، ويكثر ارتداء الأزياء الكردية الخاصة في مناسبات وأعياد المجتمع المختلفة، فلكل منطقة خصوصية في التفصيل والموضة. من جهته، قال الناشط والإعلامي الإيزيدي "لقمان سليمان" في حديثه لوكالة الأناضول :"الإيزيديون أيضا عوضوا اليوم أزياءهم الفلكلورية بيوم الزي الكردي"، وتابع: "الزي الفلكلوري الإيزيدي للرجال والنساء لا يختلف عن الزي الكردي، لكنه له مواصفات تميزه، فضلا عن وجود ألوان مرغوب فيها دون غيرها". وأضاف: "نحن نحب اللون الأبيض والأخضر والأصفر والأحمر ومشتقاتها من بقية الألوان التي تدرج بينها". ولفت إلى أن "هناك تباينا مناطقيا بين أزياء الإيزيديين، النساء والرجال، فأزياء أهالي سنجار (124كلم غرب الموصل) تختلف عن أزياء أهالي شيخان أو بعشيقة (شمال الموصل) وغيرها". وكان المئات من الموظفين والموظفات الإيزيديين قد توجهوا لأعمالهم، أمس الاثنين، وهم يرتدون أزياءهم الفلكلورية، ضمن اليوم السنوي للزي الكردي في إقليم شمال العراق والمناطق التابعة له. ويشير سليمان إلى "وجود انحسار في الاهتمام بالزي الايزيدي التراثي"، ويستدرك بالقول: "هذه ليست مشكلة الإيزيديين فقط، بل هي ظاهرة عامة في عموم الشرق الاوسط والعالم، حيث تزحف الموضة الغربية لتزيح تلك الأزياء وتدفعها نحو نفق النسيان والاندثار"، على حد تعبيره. وتابع: "اللافت في الأمر، وهو ما يدفع للتقليل من التشاؤم على مستقبل الأزياء الإيزيدية الفلكلورية، أن الكثير منهم يفضل ارتداءها في المناسبات الاجتماعية كالزواج والختان، وأيضا في الأعياد الدينية والقومية". وحسب باحثين، تعد الديانة الإيزيدية من الديانات الكردية القديمة، وتتلى جميع نصوصها في مناسباتهم وطقوسهم الدينية باللغة الكردية. ووفق إحصائيات غير رسمية، يقدر عدد الإيزيدية بنحو 600 ألف نسمة في العراق، تقطن غالبيتهم في محافظتي نينوى ودهوك (400 و460 كلم شمال بغداد)، فضلا عن وجود أعداد غير معروفة في سوريا وجورجيا وأرمينيا، وأعداد أخرى من المغتربين في دول أوربية أبرزها ألمانيا.