لم ينجح وزير من وزراء حكومات ما بعد الثورة في شد انتباه السياسيين والاقتصاديين والرأي العام عموما مثلما نجحت آمال كربول، وزيرة السياحة في حكومة المهدي جمعة التي لم يمر على توليها زمام السلطة أكثر من أربعة أشهر فقط. "حسناء وزارة السياحة" كما يلقبها البعض، ترفض العمل في صمت كما يفعل العديد من زملائها. فمثولها يوم الجمعة الفارط أمام نواب المجلس التأسيسي في جلسة مساءلة مع زميلها المكلف بالأمن رضا صفر على خلفية دخول سياح اسرائيليين الى بلادنا، لا نخاله الا قد زاد في شعبيتها وتعاطف الناس معها. وما تجمهر عدد هام من المتدخلين في القطاع السياحي أمام مقر المجلس التأسيسي في حركة مساندة لوزيرتهم وفي ردة فعل قوية ضد النواب الذين يحاولون حسب رأي المحتجين "ضرب الموسم السياحي" الا دليل واضح على أن هذه الوزيرة قد استطاعت تثبيت نفسها وكسب ثقة جزء كبير من العاملين في القطاع. آمال كربول هي وزيرة استثنائية بجميع المقاييس. اختيارها على رأس وزارة السياحة كاد يكلف المهدي جمعة وحكومته غاليا. العديد من نواب التأسيسي لم يغفروا للسيدة كربول زيارتها ذات يوم لإسرائيل. مرت حكومة جمعة وتمت المصادقة عليها ولكن هؤلاء النواب لم يستصيغوا افلات الوزيرة الحسناء من براثنهم. هذا الهجوم الحاد على الوزيرة الشابة أثر كثيرا على ما يبدو في معنوياتها وهي التي "ضحّت" من أجل خدمة وطنها. ولم تمض ساعات على آدائها اليمين الدستورية حتى قدمت استقالتها لرئيس الحكومة احتجاجا على ردة الفعل العنيفة تجاهها. كربول أرادت أن تكون حازمة منذ البداية من خلال رسالة ضمنية : "أتركوني أعمل أو هاكم استقالتي". ومرّت كربول الى السرعة القصوى بمجرد أن ضمنت دعما وحماية مطلقين من المهدي جمعة الذي دافع عنها بشراسة. كيف لا، وهي التي وعدت بتلميع صورة تونس في الخارج والترويج لوجهة بلدنا السياحية. وإحقاقا للحق فإن الوزيرة الجميلة "ذات الرداء الأحمر" جلبت نحوها كل الأنظار والتفت لها كل الرقاب بسبب آدائها المتميز وهو ما يؤكده تفاؤل العاملين في القطاع السياحي الذي يمثل قرابة 10 ٪ من اجمالي الناتج القومي. جزء هام من المتدخلين في القطاع الذي تأثر كثيرا بعد الثورة عبروا منذ قدوم آمال كربول لتسلم مهامها على رأس الوزارة عن تفاؤلهم بمستقبل القطاع بعد هدوء الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد وخاصة بعد قدوم وزيرة استثنائية ترفض ملازمة المكتب ولا تؤمن الا بالعمل في الميدان. هذه الطريقة في العمل هي جزء لا يتجزأ من استراتيجية اتصالية كاملة. فالوزيرة استطاعت في وقت وجيز أن تكسب ود الهياكل المهنية من خلال انتهاج سياسة اتصالية وترويجية ناجعة ومبتكرة. فهي لا ترى مانعا في القيام بنفسها بومضات ترويجية لتونس مستعينة بكل طاقاتها وامكانياتها. وهي لا تجد احراجا في التواصل مع الأشخاص العاديين ولا ترى مانعا في الظهور على شبكات التواصل في وضعيات "خاصة جدا" الى درجة انها اصبحت محور تعليقات مستفزة أحيانا من قبل رواد الانترنات بسبب هوسها بصور "السلفي" Selfie . وهي لا تؤمن بأن على الوزير أن يظهر بشكل مختلف عن المواطن العادي إذ لا تجد إحراجا في حظور المناسبات الرسمية وغير الرسمية بملابس قصيرة ومثيرة الأمر الذي خلف بعض الاستياء لدى "أعداء" الوزيرة والحاقدين عليها والرافضين لأسلوبها "المثير" و"المستفز". لكن، الوزيرة المثيرة تؤمن أن لكل عمل قواعده، وأن الأمور قد اختلفت عما كانت عليه في السابق. وأنَّ على الذين ينتقدون آدائها والذين أضاعوا عليها يوما من عملها أن يعلموا أن السياحة فنّ يتطلب مهارات وقدرات عالية، تماما كفن السياحة الحزبية الذي يتقنه السادة النواب المحترمون. فلكل "ميدانه" الخاص به.