دعا البنك العالمي تونس اليوم الأربعاء إلى تغيير نموذجها الاقتصادي الحالي على نحو يواكب التقدم الذي حققته على الصعيد السياسي في السنوات الثلاث الأخيرة منذ ثورة 17 ديسمبر2010/ 14 جانفي 2011 لتتمكن البلاد من تسريع معدلات النمو وخفض معدلات البطالة المرتفعة. ووصف البنك في تقرير جديد بعنوان "الثورة غير المكتملة" توفير فرص ووظائف أفضل وثروة أكبر لكل التونسيين نشره الأربعاء كيف يؤدي الإرث الاقتصادي للماضي إلى خنق الإمكانيات الهائلة لتونس . وأكد البنك على الحاجة الملحة إلى تبنى نموذج للنمو أكثر شمولا لفئات المجتمع لضمان نجاح المرحلة الانتقالية. ويمثل التقرير الجديد أول دراسة تحليلية شاملة يجريها البنك العالمي للاقتصاد التونسي منذ الثورة ويقدم تحليلا جديدا لسياسات الاستثمار والمنافسة والنظام المالي وقوانين العمل والسياسة الزراعية في البلاد. ويخلص التقرير إلى أن إدماج إصلاحات على هذه المجالات من شانه أن يحسن معدلات النمو ويخلق المزيد من فرص العمل بالبلاد. وقالت انغر أندرسن نائبة رئيس البنك العالمي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ان بإمكان القوى العاملة المتعلمة والشابة في تونس وضع اللبنات اللازمة للمضي قدما لتحقيق الرخاء . وتوضح ذات الوثيقة أن الخروج على الوضع الاقتصادي القائم هو السبيل الوحيد لتوفير وظائف أفضل وإتاحة مزيد من الفرص في تونس. وفي هذا الصدد،يشير أنطونيو نوسيفورا وبوب بيكرز الخبيران الاقتصاديان بالبنك العالمي ومؤلفا التقرير إلى سياسة الاستثمار التونسية بوصفها مثالا مهما لسياسة اقتصادية ذات أهداف لكنها فشلت في تحقيق النتائج المرجوة من توفير فرص عمل جيدة وزيادة قدرة تونس على المنافسة على الصعيد العالمي. وأضاف التقرير أن جزءا كبيرا من الاقتصاد التونسي ما زال مغلقا إلى حد كبير أمام المنافسة ويسود اعتقاد بأن هذا يحمي مؤسسات الأعمال التونسية ولكنه في الواقع يعود بالنفع في معظمه على مجموعة صغيرة من الافراد. وتبعا لذلك حقق مجال التصدير نموا خلال العقدين الماضيين لكنه لم يجار الاقتصادات الصاعدة الأخرى وهو يواجه مصاعب تتعلق بالأنشطة الإنتاجية ذات القيمة المضافة المنخفضة والوظائف ذات الأجور المنخفضة. ويتمثل التحدي الذي تواجهه تونس حاليا في جذب المزيد من الاستثمارات وخلق المزيد من الوظائف مرتفعة الأجر لخريجي التعليم العالي. وقال أنطونيو نوسيفورا :" تونس لديها الكثيرالذي يمكنها تقديمه غير الوظائف ذات الأجور المتدنية وتظهر بحوثنا أن إزالة بعض العقبات التي تعوق دخول شركات جديدة إلى السوق وتعزيز المنافسة قد يؤديان إلى زيادة أكثر من الضعفين في خلق فرص العمل من خلال إضافة أكثر من 100 ألف وظيفة جديدة سنويا إلى الاقتصاد وجعل تونس نمر البحر المتوسط ." ويظهر التقرير أن إزالة القيود أمام دخول الشركات إلى السوق وتبسيط الإجراءات الإدارية قد يساعدان على تعزيز الاستثمارات وتسريع وتيرة خلق فرص العمل ب 50 ألف وظيفة سنويا. وتنفق الشركات التونسية حاليا نحو 18 في المائة من مبيعاتها السنوية لتسديد النفقات المتصلة بالبيروقراطية وما يتصل بها من حالات الفساد الصغيرة. وقد تؤدي إصلاحات في القطاع المصرفي إلى توفير نحو 10 مليارات دولار لتمويل المؤسسات التونسية على مدى عشر سنوات الأمرالذي سيساعد على بعث حوالي 38 ألف فرصة عمل جديدة سنويا. ويمكن أيضا خلق مواطن شغل إضافية بعد إدماج إصلاحات على مستوى السياسة الصناعية وقطاعات الخدمات والزراعة. وأضاف بوب ريكرز قوله ان تونس في غمار تحول تاريخي لكن نموذجها الاقتصادي ما زال دون تغيير . والاهم من ذلك كله أن هذا التقرير يمثل دعوة إلى إعادة التفكير في نموذج التنمية الاقتصادية في تونس واختبار صحة الفرضيات القائمة بشأن أي إصلاحات لفائدة تسريع خطى النمو والرخاء وخلق فرص عمل جيدة والنهوض بالتنمية الجهوية . المصدر: وات