محمد الهاشمي الحامدي أحد القيادات التاريخية للاتحاد العام التونسي للطلبة، إعلامي النشأة ابتداء من جريدة الرأي، إلى مجلة المغرب العربي، مرورا بجريدة الصباح، وصولا إلى تأسيسه لقناة المستقلة والتي تبث طيلة سنوات من لندن، مترشح للانتخابات الرئاسية التونسية باسم تيار المحبة الذي هو مؤسسه. حقائق اون لاين التقته في لندن واجرت معه هذا الحوار، الذي حاولت من خلاله معرفة الخطوط الجيومترية لهذه الشخصية التونسية، المترشحة للانتخابات الرئاسية.. - أنتم مرشحون للانتخابات الرئاسية التونسية، فما هي أولوياتكم الملحة قبل غيرها، إذا ما فزتم بالانتخابات؟ أولا شكرا لك على هذه الاستضافة. أحييك أستاذ الطاهر العبيدي، وأحيي عطاءك في سنوات المنفى الطويلة، وبعدها، وأرجو لك المزيد من النجاح والتوفيق. ثانيا سأذكر لك ثلاثة مهام أساسية أضعها في قمة أولوياتي إذا فزت في الانتخابات الرئاسية. أولا: طمأنة فقراء تونس الذين نصروني في انتخابات 2011 وأتوقع أن ينصروني في انتخابات 2014 والتأكيد لهم أنني لن أتنكر لهم أبدا، وأنني سأكون خادما لهم بوجه خاص وللشعب التونسي بأسره. ثانيا: طمأنه جميع الفاعلين المؤثرين في الساحة الوطنية، وفي المقدمة ممثلي الكتل الفائزة في الانتخابات التشريعية، إلى جانب أنني سأكون على تواصل دائم معهم، ومنفتحا على آرائهم ونصائحهم. ثالثا: التواصل مع عدد من قادة الدول الشقيقة والصديقة، والتأكيد لهم بأنني أرغب في تطوير علاقات التعاون، بين تونس وبين بلدانهم وتوثيقها أكثر من أي وقت مضى بما يعود بالنفع علينا وعليهم. - لو نتعرف على الخطوط العريضة لبرنامجكم الرئاسي ومدى قدرتكم على تحقيقه على أرض الواقع؟ ترشحت لرئاسة الجمهورية من أجل تأمين دفتر معالجة لكل التونسيين والتونسيات المحرومين منه، ومنحة بحث عن العمل لنصف مليون عاطل عن العمل، وحق التنقل المجاني للمتقاعدين، وإنشاء وزارة متخصصة ترعى مصالح العمال التونسيين في الخارج. وترشحت أيضا للدفاع عن الفلاحين وأهل الطبقة الوسطى الذين أرهقهم الارتفاع المستمر في تكاليف المعيشة، ومن أجل تمثيل التونسيين والتونسيات المؤيدين لاعتماد الإسلام مصدرا للتشريع، وجميع المواطنين الذين يريدون الحفاظ على ثورة 17 ديسمبر وتعزيز التقاليد الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان، والذين يرون أن من حقهم أن ينعموا بالأمن والحرية معا ولا يفرطوا بأحدهما من أجل الآخر... عملية ترشحكم كانت بالمراسلة، ألا يؤثر ذلك على حظوظكم في الفوز، باعتبار أن حملتكم الانتخابية تنطلق من وراء البحار، وبعض التونسيون يعرفونك عبر الشاشة، والبعض الآخر من خلال محطات تاريخية، وآخرون يجهلونك؟ لست طالب سلطة، وإنما أنا صاحب فكرة أعرضها على الشعب، وأريد وأرجو أن يتحمس لها الشعب حتى وأنا في الخارج. تحمسه لها سيكون رسالة أقوى تعبيرا وأكثر تأثيرا. حلمي الكبير أن أجعل تونس في العلم مثل كوريا الجنوبية، وأن أحيِيَ فيها سيرة العُمَرينِ، الفاروق وابن عبد العزيز رضي الله عنهما، وأجعلها حجة مضيئة للإسلام وعدله. إذا فزت بالرئاسة فلن يحبس في تونس صاحب رأي، ولن يهان تونسي أو يعذّب، ولن يحرم فقير من تلقي العلاج، ولن تتعرض امرأة متحجبة للمضايقة، ولن يُغلق مسجد، ولن يشعر معطل عن العمل أنه مهمل من الحكومة أو متروك لمواجهة مصيره وحده .سأحفظ كل هذه العهود بحول الله وعونه. هذه التعهدات تحتاج تأييدا شعبيا قويا لتنفيذها وتطبيقها. وإذا فزت بالانتخابات وأنا في الخارج فسيعرف الجميع أن الشعب يرغب في تطبيق هذا البرنامج بقوة وحماس. - ما الذي يمنعك من العودة إلى تونس والقيام بحملتك الانتخابية على أرض الواقع، لتعرض برنامجك ورؤاك مباشرة على الجماهير؟ أرجو منك ومن قرّاء الحوار تذكر هتاف عدد من الصحافيين وزغاريدهم فرحا بإسقاط بعض قائماتي في انتخابات 2014، وإصرار السيد " حمادي الجبالي" على أنه لا حوار ولا تعاون معي رغم فوزي الكبير في الإنتخابات السابقة، والإقصاء التام المستمر الذي تفرضه علي التلفزة الوطنية إلى اليوم، وأكثر الإذاعات والفضائيات التونسية. هذه المعطيات أثرت على قراري بالبقاء في الخارج في هذه الفترة، مضافا إليها العامل الأمني، فقد تم اغتيال زعيمين للمعارضة في الفترة الماضية، ومازلنا ننتظر معرفة من قتل ابن شقيقتي في سيدي بوزيد قبل نحو 18 شهرا. الخلاصة أن الأفضل لي في المرحلة الحالية أن أترشح من الخارج وأرضى بحكم الشعب. - بعض المترشحين للرئاسيات يجتهدون في التودد والتقرب للنهضة التي وإن كانت لم تقدم مرشحا للرئاسيات، إلا أن لها تأثير على اتجاه النتائج. فهل كانت لك جسور تواصل بينك بين النهضة، أو وساطات لإصلاح ذات البين، كي لا ترفع في وجهك الفيتو؟ لا أحب أن أتقرب وأتودد لأحد من أجل منصب. ومن مصلحة تونس أن يكون الرئيس المنتخب حرا، لا فضل لأحد عليه إلا الله عز وجل ثم أصوات الشعب. من جهة ثانية حركة النهضة حزب أساسي من الأحزاب المؤثرة في البلاد، وإذا فزت في الإنتخابات الرئاسية، فسأتواصل معها مثلما أتواصل مع بقية الأحزاب المؤثرة في البلاد، باحترام وتقدير. وللعلم، فإن علاقاتي بها تحسنت في العام الماضي، خاصة في ضوء موقفنا المبدئي ضد دعوات الانقلاب على نتائج انتخابات 2011، وتبنينا لحملة "بالإنتخاب لا بالإنقلاب". قائمة العريضة الشعبية التي أنت مؤسسها ورئيسها أحدثت المفاجئة في انتخابات 2011، وجاءت في المرتبة الثالثة، لتنتصر بذلك على أحزاب عريقة في الساحة السياسية، فهل نتوقع مرة أخرى أن ترشحك لرئاسة الجمهورية سيفاجئ الجميع؟ ترشحت لرئاسة الجمهورية وأنا أرى أن لي فرصة في الفوز من الدور الأول إن شاء الله كما فعل أردوغان في تركيا قبل شهرين.. هذا ما أتوقعه، والغيب علمه عند الله. تيار المحبة الذي أنت زعيمه الآن، هل هو امتداد لتيار العريضة الشعبية؟ أم هو قطع مع مرحلة شهدت بيع وشراء للذمم، وتنكر من طرف بعض نواب أبرزتهم العريضة الشعبية، بيد أنهم لم يكونوا أوفياء؟ السيد "حمادي الجبالي" منح تسمية العريضة الشعبية لحزب آخر عندما كان رئيسا للحكومة، فقررت اعتماد اسم جديد. اخترت اسم تيار المحبة، مستلهما حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". بمعنى أنه يفترض في كل تونسي له تغطية صحية أن يدافع عن منح دفتر معالجة للمحرومين منه. ويفترض في كل تونسي له عمل ومورد رزق أن يدافع عن منحة البحث عن عمل للعاطلين عن العمل. هكذا تنزيل الحديث الشريف في الواقع الإجتماعي لتونس، وهكذا ترجمته ليعزز مبدأ العدالة الإجتماعية. طبعا، بنيت التيار الجديد على عهود ومواثيق مع الناشطين والمرشحين للإنتخابات، وعلى التزام من الجميع بالعمل لمنع السياحة الحزبية بالقانون، وعدم المتاجرة بأصوات الناخبين، والوفاء للعهود والمواثيق التي عرضناها للشعب في برنامجنا الإنتخابي. وبالله التوفيق. كثيرا ما تشتكي من الإعلام التونسي وتعتبره غير منصف تجاهك، فعلى أي أساس بنيت موقفك هذا؟ أنت عشت في فرنسا مدة طويلة، وتعرف أن ظهور السياسيين في الإعلام مرتبط بحجم ما يحصلون عليه من أصوات وتأييد في الإنتخابات، ولذلك تجد البرامج السياسية في التلفزة والإذاعة شبه محتكرة لليمين والإشتراكيين، ثم بدرجة أقل بكثير الجبهة الوطنية والخضر. في تونس، حصلت القائمات التي رشحتها عام 2011 على المركز الثالث من جهة المقاعد، بفارق مقعد واحد عن الحزب الثاني، ومع ذلك تمت محاصرتي بشكل شبه كلي من التلفزة الوطنية، وأكثر الفضائيات والإذاعات الوطنية. إلى اليوم، لم تستضفني القناة الوطنية ولو مرة واحدة للحديث عن برنامجي وأفكاري، بينما استضافت كثيرين غيري، بعضهم نافسني في الإنتخابات ولم يحصل على مقعد واحد. هل هذا عدل؟ وقد شكوت الى " الهايكا " مرات كثيرة دون جدوى، واليوم شكوت بها وبالتلفزة الوطنية إلى الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، ولا أتوقع تغييرا في الوضع. وبالإضافة الى الحصار المحكم في الإعلام التونسي، يريد البعض أن لا أتحدث عن الشأن التونسي في أي منبر إعلامي خارجي. وهذا يعني عمليا الحكم علي كصحفي، ومناضل سياسي، وكإنسان، بالإعدام المعنوي، وأن أدفن حيا تحت ظلم الحصار والإقصاء الإعلامي. هذا توجه معارض لجميع الحريات التي يكفلها الدستور، وضد مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. حسبي الله ونعم الوكيل. ماذا تقول للمواطن التونسي الذي ينوي مقاطعة الانتخابات الرئاسية احتجاجا على الغلاء وتدهور المقدرة الشرائية، والآخر غير المكترث الذي يعتبر السياسيين منفصلين عن الواقع، وغيره المحبط من أي انتخابات؟ كل تونسي يقاطع الانتخابات الرئاسية ، ولا يصوت لزعيم تيار المحبة، يساهم عمليا في حرمان تونس وشعبها الصابر الأبي من رئيس يحقق أشواقه للعدالة الإجتماعية الحقيقية وللتقدم برؤية حداثية وإسلامية في آن واحد. المقاطعة تعني حرمان شريحة كبيرة من التونسيين من دفتر علاج، ونصف مليون عاطل عن العمل من منحة شهرية تساعدهم في البحث عن عمل، وكبار السن من خدمة التنقل المجاني لتخفيف أعباء المعيشة عليهم، وتعني حرمان تونس من قيام صندوق التنمية والتشغيل، وديوان المظالم، ومؤسسة القيروان العالمية للسيرة النبوية، ومدينة القصرين للعلوم والتقنية، وديوان الزكاة، ووزارة ترعى مصالح العمال التونسيين في الخارج، لذلك أرجو من كل تونسي يقرأ هذا الحوار أن لا يقاطع الإنتخابات، وأن يمنح صوته لزعيم تيار المحبة. واسأل الله أن يوفق هيئة الإنتخابات لضمان نزاهة العملية الإنتخابية ونجاحها، وأن يحفظ بلادنا من كل شر، ويجمع شمل جميع التونسيين على الخير والمحبة.