تعيش تونس انتقالا ديمقراطيا سيسمح لبلادنا بالمرور من حكم سلطوي الى حكم ديمقراطي له قواعده و مبادئه. ومن قواعده الاساسية احترام المؤسسات الدستورية المستقلة التي بعثت بعد نضالات عديدة مثل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي تمثل بدون شك مكسبا لتونس ما بعد 14 جانفي 2011. و هي الآلية الوحيدة المسؤولة عن الاعلان عن نتائج الانتخابات. ولكن ما لاحظناه - للأسف - هو مخالف لذلك. فقد اعلن حزب نداء تونس قبل احتساب و فرز الأصوات على النتيجة التي تتمثل في انتصار مرشحه في الدور الثاني للرئاسية. كما أطلت علينا مؤسسات سبر الآراء لتعطي تقديراتها قبل الاعلان عن النتائج من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وبدأت اجواء الفرح تنظم في بعض اماكن البلاد للاحتفال بالنتائج المعلن عنها من طرف الحزب المذكور في حين ان عملية الفرز متواصلة. وهذا الاختيار في طريقة التعامل مع نتائج العملية الانتخابية فرض علينا منذ الدور الاول للانتخابات الرئاسية. فهل يعقل ان يعلن حزب من الاحزاب و مؤسسات سبر الآراء عن النتائج قبل الاعلان عنها من قبل الهيئة المسؤولة على هذه العملية ؟ فمثل هذا السلوك يذكرني بأساليب النظام القديم و البلدان غير الديمقراطية التي تلاعبت و تتلاعب بنتائج انتخاباتها. اعتبر ان هذاالاستباق في اعلان النتائج يمثل طريقة تعامل سيئة و خطيرة مع المؤسسات الدستورية المستقلة لانه يمس بمهمة ركيزة من ركائز النظام الديمقراطي الا وهي هيئة الانتخابات. و هذا منعرج وجب علينا نقده ورفضه اذا اردنا ان نبني دولة القانون و المؤسسات. فمن واجبنا انتظار الاعلان الرسمي للنتائج من قبل الجهة الوحيدة المسؤولة على العملية الانتخابية. فالديمقراطية الحقيقية تتطلب ان نحترم المؤسسات التي بعثناها بعد نضالات عقود من الزمن.