اتهم غالبية المشاركين في المناظرات العربية الجديدة أنظمة بلادهم بالاخفاق في مكافحة المتطرفين الذين صنعتهم، وذلك في مناظرة عامة استضافتها العاصمة الأردنية مساء الأحد، بعد أيام على الهجوم ضد صحيفة "تشارلي إبدو" في باريس. واستمع المشاركون في المناظرة التي عقدت في المركز الثقافي الملكي الاثنين 19 جانفي إلى ادعاءات غاضبة بأن غالبية الحكومات العربية غذّت التشدد المسلح عبر فشلها في تطبيق إصلاحات سياسية واقتصادية حقيقية. وفي ختام المناظرة، صوت 59 % من الجمهور إلى جانب عنوانها: "العالم العربي يتبنى التطرف بدلا من مكافحته". وفي جولة التصويت الأولى قبيل بدء المناظرة، صوت 48% من الحضور إلى جانب طرح الحلقة. تحدث مؤيدا لطرح المناظرة أستاذ العلوم السياسية في جامعة قطر د. عدنان هياجنة، الذي جادل بأن التطرف لا علاقة له بالإسلام. ورأى في المقابل أن التشدّد نتاج القيود المتزايدة التي تفرضها السلطات على حرية التعبير والإسلام السياسي المعتدل، فضلا عن تفشي الفساد، الفقر وشح فرص العمل. "إذا أخضعت شعوب العالم أجمع – حتى شعوب النرويج والسويد – للظروف ذاتها التي يعيش العرب في ظلها، فستجد متطرفين يخرجون من هذه الجنسيات"، قال د. هياجنة للحضور الذي ضم شرائح مختلفة من المجتمع الأردني من بينهم طلبة جامعات ومغتربون، إلى جانب عدد من الأجانب. وأكد أن الغرب مهتم بإبقاء المنطقة هادئة من خلال "إدارة الأزمات"، بدلا من حل مشكلاتها الحقيقية، مثل احتلال إسرائيل للإراضي العربية ونقص الديمقراطية. من جانبه، اعتبر مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية د. موسى شتيوي أن غالبية العرب تطالب بالحرية والديمقراطية عبر وسائل سلمية. لكن د. شتيوي - أستاذ علم الاجتماع السياسي – أوضح أن المتشددين اختطفوا العملية السياسية في المنطقة، محيلين سورية – ودولا أخرى- إلى حرب بالوكالة عن دول عربية وقوى دولية. و ذكر بانهيار العراق عام 2003، لافتا إلى أن فشل النخب السياسية العراقية في إعادة بناء هذه الدولة المحورية شجّع أيضا على صعود التشدد وتمدد المتطرفين في المنطقة. وقال معارضا عنوان المناظرة: "الديمقراطية ليست حالا ثابتة، بل هي عملية طولية جدا في بناء المؤسسات، الثقافة والقيم"، معتبرا أن "فضلى المقاربات ضد التشدد تكمن في تعزيز الديمقراطية والمجتمع المدني". ورأى د. شتيوي أن مشاركة متطرفين عرب في الاقتتال داخل سورية والعراق لا يعني أن سائر المجتمعات العربية متشددة. وتساءل في المقياس ذاته: "هل يمكن اعتبار المجتمعات الأوروبية متشددة لمجرد أن عدّة آلاف منها يحاربون في سورية ؟". وحول الهجوم ضد رسّامي صحيفة "تشارلي إبدو"، انتقد أحد الحضور - رجل أعمال أردني – رد الفعل العنيف لمنفذي الهجوم، لكنه أوضح "أن من الفظاعة أن تخرج الصحيفة وتهين (برسومها) مشاعر 1.5 مليار مسلم". وقال: "أنا احترم القانون الفرنسي، لكن قد تمضي 100 سنة قبل أن نتفهم جميعا القواعد" التي يعتمدونها. "نحن لسنا شعوبا ديمقراطية"، أضاف رجل الأعمال، معتبرا أن "الديمقراطية مصطلح غربي". الإعلامي البريطاني تيم سباستيان - الذي أطلق المناظرات العربية الجديدة عام 2011 - أدار مناظرة عمان بنسختها الانجليزية. وتصور النسخة العربية مساء الأثنين بالتوقيت ذاته والمكان عينه بإدارة الإعلامية الأردنية المخضرمة لينا مشربش. يتحدث مؤيدا لطرح المناظرة بالعربية حسن أبو هنية، باحث وخبير في شؤون الحركات الإسلامية، محلل سياسي ومعلق دائم في الفضائيات العربية. ويعارض الطرح وزير التنمية السياسية والشؤون البرلمانية د. خالد الكلالدة، أمين عام حركة اليسار الاجتماعي الأردني سابقا وعضو لجنة الحوار الوطني. يشار إلى أن المناظرات العربية الجديدة تشكّل منبرا حرا لحفز المساءلة والمحاسبة في إطار الديمقراطية. تمول الخارجية النرويجية الموسم الرابع من هذه المناظرات، التي تتواكب مع حملات واسعة في مدارس وجامعات عربية، ضمن مسعى تشجيع الشباب على المشاركة في تطوير الحياة السياسية من خلال ندوات ونقاشات عامة. للموسم الرابع، تبث حلقات المناظرات العربية الجديدة - بالعربية والانكليزية- عبر شاشة تلفزيون دويتش فيلله Deutsche Welle إلى جانب شركائها في الإقليم والعالم، بما في ذلك قنوات حنبعل التونسية، أون تي في On TV المصرية، رؤيا الأردنية والوطن الفلسطينية في رام الله.