صندوق التقاعد يوافق على 12 ألف مطلب قرض    وزير الدفاع عماد مميش يثمن الدعم الإيطالي في المجالين العسكري والتنموي    مبروك كرشيد يكشف سبب مغادرته البلاد    هيئة الانتخابات تعلن موعد التحديد الرسمي لموعد الانتخابات الرئاسية    استبشر لها الأهالي: قوات الأمن تزيل أكواخ الأفارقة بجبنيانة والعامرة (صور)    ميناء سوسة التجاري يستقبل رحلة سياحية بحرية    ايقاف عنصر تكفيري مفتش عنه ومحكوم بسنة سجنا بمنزل تميم    استقالة أشهر مذيعي قناة بي بي سي و السبب فضيحة جنسية    عاجل : الإفراج عن لاعب الاتحاد الرياضي المنستيري لكرة القدم عامر بلغيث    حيّ التضامن: إيقاف شخص من أجل ''خيانة مؤتمن''    تونس: بداية تشكّل السحب الممطرة    سيدي بوزيد: وفاة شخص واصابة 8 أشخاص في حادثي مرور    طلاق بالتراضي بين النادي الصفاقسي واللاعب الايفواري ستيفان قانالي    المهدية: محامو الجهة ينفّذون وقفة احتجاجيّة وإضرابا حضوريا بيومين للمطالبة بإحداث محكمة استئناف بالجهة    السجن مدى الحياة لشخصين..فصلا رأس زميلهما عن جسده..    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب    هذه الشركة العالمية للأغذية مُتّهمة بتدمير صحة الأطفال في افريقيا وآسيا.. احذروا!    جربة: إحتراق ''حافلة'' تابعة لجمعية لينا بن مهنّى    وزارة المرأة تنظم ندوة علميّة حول دور الكتاب في فك العزلة عن المسن    جندوبة: السيطرة على إصابات بمرض الجرب في صفوف تلاميذ    إخماد حريق بشاحنة ثقيلة محملة ب7،6 طن من مواد التنظيف..    فرنسا: غرق 5 مهاجرين...التفاصيل    يهم التونسيين : غدًا طقس شتوي 100% و هذه التفاصيل    تفكيك وفاق إجرامي من أجل ترويج المخدرات وحجز 08 صفائح و05 قطع من مخدر القنب الهندي..    ر م ع الشركة الحديدية السريعة يكشف موعد إنطلاق استغلال الخطّ برشلونة-القبّاعة    لأوّل مرّة: افتتاح جناح تونسي في أكبر معرض دولي للصناعة بألمانيا    الفيفا يكشف عن فرضيات تأهل الترجي الرياضي لكأس العالم للأندية    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    اقتطاعات بالجملة من جرايات المتقاعدين...ما القصة؟    وزير الدفاع الايطالي في تونس    محمد الكوكي: هدفنا هو التأهل للمشاركة إفريقيا مع نهاية الموسم الحالي (فيديو)    زلزال بقوة 6.2 درجات يضرب هذه المنطقة..    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الثلاثاء 23 أفريل 2024    فظيع/ جريمة قتل تلميذ على يد زميله: تفاصيل ومعطيات صادمة..    بطولة إفريقيا للأندية للكرة الطائرة: مولودية بوسالم يواجه الأهلي المصري من الحفاظ أجل اللقب    الإطاحة ب 9 مروجين إثر مداهمات في سوسة    بطولة ايطاليا : بولونيا يفوز على روما 3-1    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس..    عاجل : وفيات في سقوط طائرتي هليكوبتر للبحرية الماليزية    جمعية منتجي بيض الاستهلاك تحذّر من بيض مهرّب قد يحمل انفلونزا الطيور    حادثة سقوط السور في القيروان: هذا ما قرره القضاء في حق المقاول والمهندس    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    مذكّرات سياسي في «الشروق» (1)...وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم .. الخارجية التونسية... لا شرقية ولا غربية    استلام مشروع تركيز شبكة السوائل الطبية لوحدة العناية المركزة بقسم الأمراض الصدرية بالمستشفى الجامعي الهادي شاكر    تونس: وفاة 4 أطفال بسبب عدم توفّر الحليب الخاص بهم    باجة: انطلاق الاستعدادات لموسم الحصاد وسط توقعات بإنتاج متوسط نتيجة تضرّر 35 بالمائة من مساحات الحبوب بالجهة    بن عروس: توجيه 6 تنابيه لمخابز بسبب اخلالات تتعلق بشروط حفظ الصحة    الكاف: تقدم مشروع بناء سد ملاق العلوي بنسبة 84 بالمائة    تقرير: شروط المؤسسات المالية الدولية تقوض أنظمة الأمان الاجتماعي    تكريم هند صبري في مهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة    صادم: كلغ لحم "العلوش" يصل الى 58 دينارا..!!    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة الخامسة    وزارة الدفاع الوطني تعرض أحدث إصداراتها في مجال التراث العسكري بمعرض تونس الدولي للكتاب    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس    هاليب تنسحب من بطولة مدريد المفتوحة للتنس    لأقصى استفادة.. أفضل وقت لتناول الفيتامينات خلال اليوم    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صيصة و فَرِخَنده
نشر في حقائق أون لاين يوم 26 - 03 - 2015

من صعيد مصر إلى ما تبقّى ممّا يشبه الحياة في كابول، من الأزهر إلى التورا بورا، من "صيصة أبو الدّوح" المصريّة إلى "فرخنده" الأفغانيّة يختلف المكان ويتنوّع اللّسان ولكنّ المأساة واحدة، هي رحلة الوجود الشاقّة للأنثى في أرض ذكوريّة قاحلة.
"صيصة" أبو الدّوح امرأة ليست ككلّ النساء، توفي زوجها في سبعينات القرن الماضي تاركا إياها وحيدة أمام مصيرها تواجه قدرها في بيئة رجاليّة قاسية لا ترحم المرأة عموما ناهيك عن أرملة في مقتبل العمر، رحل زوجها وهي حامل في الأشهر الأولى.
كانت "صيصة" تدرك قسوة الحياة في مملكة الذئاب، بعد أن وضعت مولودتها قرّرت أن تلغي أنوثتها لتشعر بالأمان فقامت بقصّ شعرها وتنكّرت في هيئة رجل، فالسبيل الوحيد للهروب من بطش الرجال وجبروتهم هو العيش في معسكرهم والتشبّه بهم فاخشوشن صوتها واخشوشب طبعها ولبست الجلباب الصعيدي.
عملت لمدّة أربعين عاما في مهن شاقّة مثل رفع الطوب وأكياس الإسمنت وحصاد القمح وتلميع أحذية المارّة. "صيصة" وأدت روح الأنثى داخلها ودفنت جسدها في جلباب والدها لتعيش بسلام ولتوفّر لقمة عيش ابنتها الوحيدة الّتي سهرت على تربيتها وزوّجتها في سنّ السادسة عشرة ليطمئنّ قلبها، أو هكذا خُيّل لها.
لنترك "صيصة" تمسح الأحذية في أرض الكنانة ولنسافر على بساط الجهل والتخلّف في اتّجاه الشرق فلنا موعد على مشارف قمم الهيمالايا مع روح "فرخنده".
"فرخنده" هي نموذج لعبثيّة العلاقة بين الاسم والمسمّى، بين الدّال والمدلول فاسمها الفارسي الأصل يعني في اللغة العربيّة "سعيدة" ولكن أيّ سعادة عاشتها "فرخندة" وعمرها 27 عاما أي تقريبا عمر مأساة وطنها حيث كان مسرحا لحرب بالوكالة بين الولايات المتّحدة الأمريكيّة والاتّحاد السوفياتي السابق، حرب موّلتها دول البترودولار الخليجيّة تحت مسمّى "الجهاد" لتستغلّها في حملتها الدعائيّة للترويج للإيديولوجيا الوهّابيّة الدمويّة فكان اللّقاء بين صحراء نجد القاحلة وجبال الهندوكش المغطّاة بالثلوج، بين المقدّس الديني والموروث القبلي البطرياركي، بين أمراء النفط وأمراء الحرب.
"فرخنده" ،الّتي تربّت في بلد تُقتل فيه المرأة لمجرّد الشبهة،صونا للشرف. وجّهت لها الغوغاء زيفا تهمة حرق نسخة من القرآن .وأمام منزلها وتحت أعين أفراد شرطة المدينة قام جمع من الرجال الهمّج بضربها بالعصيّ وقضبان الحديد ورميها بالحجارة حتّى الموت ثمّ أضرموا النار في جسدها ورموا بها في الوادي.
شُيّع يوم الأحد الفارط جثمان "فرخنده" في جنازة نسائيّة مهيبة حيث تحدّت النساء الأفغانيات العرف القبلي المقدّس وحملن وحدهنّ نعشها وكأنّ لسان حالهنّ يقول لن تحمل الأيادي الآثمة جسد "فرخنده" الطّاهر.
منذ آلاف السنين والرجل الشرقي مسلّحا بالعرف والمقدّس يصرّ على حربه العبثيّة ضدّ جسد المرأة يُغطّيه لأنّه فتنة ويختنه خوفا من لذّة مفرطة ويضرم فيه النار لأنّه أصل الخطيئة.
سوف يبقى الشرق عنوانا رئيسيّا للتخلّف ما لم يُقم بإعادة ترسيم الحدود بين الأرض والسماء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.