نظمت وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الانسان بالشراكة مع الجمعية التونسية للقانون الدستوري ندوة حول "دستور 2014 أي سلط وأية علاقة بينها؟" وتمت تحت إشراف رئيس الحكومة، الحبيب الصيد يومي 11 و12 فيفري 2016، وشارك في هذه الندوة جميع الهيئات الدستورية في تونس، والسلطة التنفيذية والمجتمع المدني. وتنزّل هذا الملتقى في إطار العمل على دراسة مختلف أبعاد العلاقة بين السلط في ظل الدستور الجديد لسنة 2014، كما يهدف إلى تبادل الآراء ومختلف الرؤى بخصوص مكونات الإطار المؤسساتي الجديد للدولة التونسية ودراسة شبكة العلاقات بين هذه المؤسسات. كما عقدت الوزارة اليوم السبت 13 فيفري 2016، استشارة حول مشروع القانون الاطاري للهيئات الدستورية المستقلّة، والتي تأتي في سياق تقديم مشروع القانون الاطاري الذي تولت الوزارة إعداده بهدف تنظيم القواعد المشتركة للهيئات الدستورية المحدثة بمقتضى الباب السادس من الدستور وتبادل الاراء والتشاور بشأنه مع مختلف المتدخلين من هيئات وأجهزة قضائية ونواب الشعب ووزارات ومجتمع مدني. "دستور 2014 أي سلط وأية علاقة بينها؟" بين وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، كمال الجندوبي، في كلمته لدى افتتاح الندوة، أن النظام السياسي الذي أرساه دستور 2014 يتطلب إصلاحات جوهرية للدولة التونسية على رأسها تركيز الهيئات الدستورية المستقلة وتفعيل اللامركزية علاوة على تركيز المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء، مضيفا أن تركيز هذه الهياكل وانطلاق عملها يعتبر تحدّيا كبيرا من الناحية القانونية والمادية والبشرية واللّوجيستية، وهو ما يقتضي مجهودا كبيرا لدى كل السلط المتدخلة، مع ضرورة دراسة مختلف أبعاد العلاقة بين كل السلط المحدثة بالدستور الجديد لسنة 2014. وبين الجندوبي، أن وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الانسان تعمل اليوم على استكمال الإطار التشريعي للهيئات المستقلة وقد بادرت بإعداد مشروع قانون إطاري للهيئات الدستورية المستقلة ينظم الجوانب المشتركة بينها، مفيدا بأنه سيتم إجراء استشارة موسّعة بخصوصه اليوم 13 فيفري وهو ما من شأنه أن يسهّل استصدار القوانين الخاصة بكل هيئة. وأكد كمال الجندوبي أن الوزارة شرعت في تكوين فرق عمل لإعداد الإطار القانوني للهيئات الدستورية المستقلة وقد حدّدت هدفا بإتمام هذه المشاريع قبل موفى سنة 2016 ليتسنى استكمال بقية الإجراءات الدستورية بشأنها. وفي ذات السياق أبرزت رئيسة الجمعيّة التونسية للقانون الدستوري نائلة شعبان، تنامي الاهتمام بمجال القانون الدستوري وأهميّة العلاقة بين السلط التقليديّة والسلط الجديدة التي جاء بها دستور 2014، متوجهة بلفتة وفاء إلى روح العميد عبد الفتّاح عمر. من جهته نوّه المنسّق المقيم لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي منير ثابت، بتوفّق تونس في صياغة دستورها الجديد سنة 2014، مؤكّدا أن التحدّي القائم يكمن في ترجمة أحكامه إلى قوانين ومؤسّسات وضمان فاعليّتها. كما أبرز وزير الدفاع، فرحات الحرشاني الدور الأساسيّ الذي يضطلع به المجتمع المدني في استكمال بناء المسار الدستوري في سياق مساعي مختلف السلط العمومية لترجمة مقتضيات الدستور على أرض الواقع. من جهته أكد رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، شفيق صرصار في مداخلة له حول "الجوانب التطبيقية: الهيئة نموذجا"، أهمية تيسير الحكومة لأعمال الهيئة طبقا لمقتضيات الدستور، مبينا ضرورة الإسراع بسنّ نظام أساسي خاص بأعوان الهيئة وذلك لتجاوز الإشكاليات الحالية، مشددا على أهمية الاستقلالية المالية للهيئة وضرورة التنصيص على إمكانية الحصول على هبات ومساعدات بطريقة مباشرة مع مراعاة شروط الشفافية والحوكمة الرشيدة. وأبرز أن الفصل 125 من الدستور أخضع الهيئات الدستورية المستقلة إلى رفع تقرير سنوي إلى مجلس نواب الشعب يناقش بالنسبة إلى كلّ هيئة في جلسة عامة مخصصة للغرض. بدوره لاحظ المستشار القانوني لوزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان عبد الجواد حرازي في مداخلته حول "أيّ رقابة على الهيئات الدستورية المستقلة"، أنه في كل دولة مدنية ديمقراطية يجب أن تكون كل السلطات تقليدية كانت أو مستحدثة محلّ رقابة، موضّحا أنه يمكن تصنيف الرقابة المسلطة على الهيئات الدستورية المستقلة إلى رقابة القضاء الإداري والعدلي والمالي، بالإضافة إلى الدور الرقابي الموكول لمجلس نواب الشعب والذي يجب أن يكون فعّالا. من جهته خصّص رئيس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، النوري اللجمي مداخلته للحديث عن مفهوم التعديل السمعي البصري ومهام وخصوصية الهيئة العليا وأهم المكاسب التي تحققت بعد تأسيسها. واعتبر النوري اللجمي أن التعديل يمثل أبرز التحديّات المطروحة على المشهد الديمقراطي لأنه يضمن عدم تدخل السلطة التنفيذية في المشهد السمعي البصري. الاستشارة حول "مشروع القانون الأساسي الإطاري للهيئات الدستوريّة المستقلّة" يهدف مشروع القانون الأساسي الاطاري للهيئات الدستورية المستقلة، إلى تنظيم صنف الهيئات الدستورية المحدث بمقتضى الباب السادس من الدستور وضبط الآثار القانونية المترتبة عن الطبيعة المستقلة المسندة لها. كما يضبط هذا المشروع المبادئ والقواعد المشتركة المنطبقة عليها. وبينت المكلفة بمأمورية بوزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان نجلاء ابراهم، أن نية المشرع التأسيسي بعد الدراسة والاستشارة و المداولة (أساتذة جامعيين، مجتمع مدني، قانون مقارن..) اتجهت إلى حصر الهيئات المستقلة الدستورية في 5 هيئات لذلك تعلق مشروع القانون بهذه الهيئات مع إمكانية الاستئناس بهذه الأحكام لتشمل هيئات مستقلة أخرى. وأكدت أن الهدف الأساسي من الاستقلالية إسناد مهام ترجع بطبيعتها إلى السلطة التنفيذية إلى هيئات مستقلة أي القطع مع الماضي و تكريس استقلالية عن السلطة التنفيذية. ويضبط القانون الأساسي الأحكام المشتركة بين الهيئات مثلما جاء ضمن أعمال المشرع التأسيسي من ضرورة وضع أحكام تجمع بين كل الهيئات قبل تفصيل الاحكام الخاصة بكل هيئة وهو ما تم تكريسه ضمن الفصل 125 من الدستور. فضلا عن أحكام هذا القانون تنطبق على الهيئات الدستورية المستقلة أحكام القوانين والأنظمة الداخلية الخاصة بكل هيئة، أي إقرار للصبغة الخصوصية لكل هيئة وتكرسيه ضمن القوانين الخاصة بكل هيئة (خصوصية مرتبطة بطبيعة مهام كل هيئة مهام تعديلية تقريرية استشارية تحقيقية.. ) وتعتبر هذه الخطوة التي بادرت بها وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الانسان، خطوة كبيرة في اتجاه إتمام الدستور وانزاله على أرض الواقع، والتي لن تتحقق دون هيئات دستورية تعمل في استقلالية عن السلطة التنفيذية. وفي ما يلي رابط نص مشروع القانون كاملا، مشروع القانون الأساسي الإطاري للهيئات الدستوريّة المستقلّة