محامي الصحفي مراد الزغيدي يكشف الاسئلة الموجهة لموكله من قبل فرقة مكافحة الاجرام    عاجل/ بطاقة ايداع بالسجن في حق سنية الدهماني..    جمعية القضاة تعتبر"اقتحام مقر دار المحامي،سابقة خطيرة وتعد على جميع مكونات الاسرة القضائية"    سيدي بوزيد: توقّعات بارتفاع صابة الحبوب بالجهة مقارنة بالموسم الماضي    المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات: الشركة التونسية للبنك تدعم مقاربة الدولة للأمن الغذائي الشامل    تورّط موظفين في الدولة ورجال أعمال: بن حجا يكشف تفاصيل قضية تهريب المخدرات    الكرم: القبض على افريقي من جنوب الصحراء يدعو إلى اعتناق الديانة المسيحيّة    صفاقس: ايقاف افريقي يساعد على اجتياز الحدود والإقامة غير الشرعية    صفاقس : فتح بحث في وفاة مسترابة لشاب    عاجل/ الهيئة الوطنية للمحامين تعلن عن قرارات تصعيدية..    من هو وزير الدفاع الجديد المقرب من فلاديمير بوتين؟    عاجل : التمديد لبرهان بسيس و مراد الزغيدي ب 48 ساعة اخرى    عاجل/ قوات الاحتلال تنفذ حملة مداهمات واعتقالات في عدة مناطق بالضفة الغربية..    إيران تعلن عن مفاوضات لتحسين العلاقات مع مصر    ليلة ثالثة من الأضواء القطبية مع استمرار عاصفة شمسية تاريخية    الرابطة الثانية (ج 9 إيابا)    الترجي الرياضي النجم الساحلي (3 2) الترجي يُوقف النزيف والنجم يحتج على التحكيم    تصفيات أبطال إفريقيا لكرة السلة: الإتحاد المنستيري يتأهل الى المرحلة النهائية    36 مليون دينار على ذمة الشركات الاهلية.. نموذج تنموي جديد    مصر تسعى لخفض الدين العمومي الى أقل من 80% من الناتج المحلي    5 جامعات تونسية تقتحم تصنيفا عالميا    مسؤولة بالستاغ : فاتورة الكهرباء مدعمة بنسبة 60 بالمئة    الاحتفاظ بعنصر تكفيري في تالة من أجل ترويج المخدرات..    مغني الراب سنفارا يكشف الستار : ما وراء تراجع الراب التونسي عالميا    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    وفاة أول متلقٍ لكلية خنزير بعد شهرين من الجراحة    راس الجدير: ضبط 8 أفارقة بصدد التسلل إلى تونس بمساعدة شخص ليبي..    كاس تونس لكرة القدم : برنامج مباريات الدور ثمن النهائي    بطولة ايطاليا: تعادل جوفنتوس مع ساليرنيتانا وخسارة روما أمام أتلانتا    حوادث/ 6 حالات وفاة خلال 24 ساعة..    رئيسة لجنة الشباب و الرياضة : ''لم تحترم الوزارة اللآجال التي حددتها وكالة مكافحة المنشطات ''    صفاقس موكب تحية العلم المفدى على أنغام النشيد الوطني بالمدرسة الإبتدائية محمد بالي    نائبة بالبرلمان : '' سيقع قريبا الكشف عن الذراع الإعلامي الضالع في ملف التآمر..''    مصر: انهيار عقار مأهول بالسكان في الإسكندرية وإنقاذ 9 أشخاص    بداية من الغد: درجات الحرارة تتجاوز المعدلات العادية لشهر ماي    دربي العاصمة 1 جوان : كل ما تريد أن تعريفه عن التذاكر    أرسنال يستعيد صدارة البطولة الإنقليزية بفوزه على مانشستر يونايتد    بين الإلغاء والتأجيل ... هذه الأسباب الحقيقة وراء عدم تنظيم «24 ساعة مسرح دون انقطاع»    المالوف التونسي في قلب باريس    نتنياهو: نناقش "نفي قادة حماس.."    بعد اجرائها في مارس.. وفاة المريض الذي خضع لأول عملية زرع كلية خنزير    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    دراسة تربط الوزن الزائد لدى الأطفال بالهاتف والتلفزيون..كيف؟    مئات الحرائق بغابات كندا.. وإجلاء آلاف السكان    وفاة أول مريض يخضع لزراعة كلية خنزير معدلة وراثيا    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    افتتاح نقطة بيع من المنتج إلى المستهلك وسط العاصمة لعرض منتوجات فلاحية بأسعار الجملة وسط إقبال كبير من المواطنين    وزارة التجارة: تواصل المنحى التنازلي لأسعار الخضر والغلال    شركة "ستاغ" تشرع في تركيز العدّادات الذكية "سمارت قريد" في غضون شهر جوان القادم    مدنين: نشيد الارض احميني ولا تؤذيني تظاهرة بيئية تحسيسية جمعت بين متعة الفرجة وبلاغة الرسالة    سيدي بوزيد: تظاهرات متنوعة في إطار الدورة 32 من الأيام الوطنية للمطالعة والمعلومات    سيدي بوزيد.. اختتام الدورة الثالثة لمهرجان الابداعات التلمذية والتراث بالوسط المدرسي    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    الدورة 33 لشهر التراث: تنظيم ندوة علمية بعنوان "تجارب إدارة التراث الثقافي وتثمينه في البلدان العربيّة"    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    نحو 6000 عملية في جراحة السمنة يتم اجراؤها سنويا في تونس..    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظراتنا القبيحة... وجمالنا المتروك
نشر في حقائق أون لاين يوم 15 - 02 - 2016

يبدو أنّ التراجع الرّهيب الذي شهدته بلاد العرب في كافة المجالات لم تساهم فقط في تدحرج نظرة الآخر إليها وإلى من يمثلونها بل أدّت أيضا إلى تلاشي رصيد ثقتهم في أنفسهم و في مبدعيهم.
والمعلوم أنّ المبدع هو نبض الأمّة و روحها. لكن يبدو أنّ العرب في عصرنا هذا لاحوا و كأنّ لا روح و لا نفس لهم. و لأنّ التطرّف أصبح كالبذرة التي زرعت في أعماق الشريان العربي فقد انتقلنا من مرحلة "شيطنة الغرب" و مقتهم إلى مرحلة "عبادتهم و تقليدهم الأعمى" و البلوغ في عملية "جلد الذّات" إلى درجة فضيعة و غير متوقّعة.
والواقع أنّه لا هم "شياطين" و لا نحن "ملائكة" و لا العكس. فقط المبدع عندهم يُعدّ كنزا ثمينا وجبت المحافظة عليه و الاهتمام به حتّى كاد يبلغ القداسة. أمّا نحن فنتقن تمييع صورة المبدع و قتلها حتّى أنّ المفكّر في بلاد العرب يخال نفسه مجرما إثر التّهميش الذي يلاقيه في أرض لا تهوى غير "صنّاع الميوعة". منذ فترة شاهدت عملا توثيقيّا رائعا أنجزته قناة عربية يتعلّق بالكاتبة الصّحفية الأمريكية ذائعة الصّيت "توماس هيلين" التي بلغت شهرتها كافّة أصقاع العالم.
والحقيقة أنّ ذلك لم يثر دهشتي رغم رفعة مستوى هذا العمل لأنّني تعوّدت على التّمجيد العربي للغرب و الإشتغال على مثقفيهم في أطروحاتنا و بحوثنا وأعمالنا الصّحفية. فحين تُوفيّ الكاتب الكبير غابريال غارسيا ماركيز بكته العيون العربيّة و كأنّه أحد كتّابها – مع أنّني لا أرى للكاتب جنسيّة بعينها فهو قد بُعث للعالمين – وحين مات الفنّان الأمريكي "مايكل جاكسون" طال نحيب العربيّات و الأعراب و كأنّهم فقدوا أحد من كان يعيرهم النّفس للحياة ...و حين...و حين ... والأمثلة كثيرة في هذا الصّدد.
نقول هذا و نحن نحبّ العم غارسيا الذّي أمتعنا بكتبه الرّائعة و بمذكّراته الشيّقة التي تنم عن أنامل ذهبيّة كما أنّنا نتذوّق الفنّ الغربي و لا مشكلة لنا مع موروثهم الذي يمتلأ بالغث و السمين كأي موروث في العالم. لكن هذه الظّاهرة يبدو أنّها إنتشرت كثيرا حتّى جعلت العربي لا يهدي دموعه لغير الغربي في المقابل يحتقر أبناء جلدته و وطنه و ترابه.
فكم من "شبه فنّان" تكلّم بلغتهم فعظّمناه و كم من "مبدع" خاطبنا بلهجتنا فإحتقرناه و تركناه وحيدا حتّى مات أو إضمحلّ. مع أنّه لا لغة معيّنة للإبداع. و لو بحثت عن تفسير لهذا الإعجاب لأعلموك أنّ مردّ ذلك "فوز غابي بجائزة نوبل للآداب" و كأنّ نجيب محفوظ لم يفز بها وهو الذي يستحقها أكثر من مرّة بشهادة الكُتّاب الغرب. منذ أيّام تعرّض كبير الصّحفيين العرب "محمد حسنين هيكل" لوعكة صحيّة أنهكته كثيرا و جعلته حبيس غرف المستشفى فخلت أنّ الإعلام العربي سيولي الإهتمام لكبيره الذي علم أحفاد قلمه السّحر على الأقلّ من باب ردّ الجميل.
لكن هذا الإعلام تغافل عن ذلك و واصل انشغاله ب"الفساتين السّاقطة" و "الفتاوى السّاذجة" و "الأخبار التّافهة".و لسائل أن يسأل أيعقل أن تغفل قبيلة ما عن "عميدها" ؟ - وهنا نحن لسنا بصدد تأليه هيكل- لكنّ تاريخه النّاصع و المرصّع بالإصدارات و الإنجازات يفرضه على جميع العرب. فلا أحد ينكر على هيكل مساهمته في تجديد الرواية العربية بل و ظهورها الفعليّ في القرن العشرين عند نشره لروايته "زينب" و لا أحد أيضا ينكر على هيكل صحّة توقعاته السياسية التي تحفظها الكتب الكثيرة الصّادرة له أو حنكته التي قلّما وجدنا مثلها في الكون مما جعله صحفيّا إستثنائيا في نظر الغرب حتّى قبل العرب وهو الذّي درس "إيران" قبل أن تدرس نفسها.
لكن لا تاريخ "العم حسنين" و لا إبداعاته المنفردة شفعت له بأن يلقى ما يستحقّ من إهتمام على أعمدة و شاشات الصحافة العربية التي خانت الرّجل الذي كرّس لها كلّ وقته. ربّما هيكل راح ضحيّة "إنعدام ثقة العرب في أنفسهم" بعدما شهدناه من تدحرج قيمي و معرفي و أخلاقي قابله بروز طاقات من "عالم ما وراء البحار" . لكن الواضح أنّنا بتنا كعرب لا نتقن التعامل مع أنفسنا التي "جلدناها" طويلا و أبرحناها ضربا و تنكيلا و لم نعد نلحظ فيها غير السّوء. في المقابل فإنّنا قد سقطنا في هذا "التعظيم الأعمى" لكلّ مثقفي و مبدعي الغرب حتّى لاح "الغربي القبيح أحيانا" جميلا في عيوننا القبيحة ...و لاح "العربي الجميل أحيانا" قبيحا في نظراتنا السّيئة. هذه النّظرات التّي وقعت برمجتها كأدمغتنا التي أصبحت تُحكم بتوقيت "غرينيتش".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.