أثار إعلان وزير الشؤون الدينية محمد خليل مؤخراً عن تحفيظ القرآن في المدارس خلال العطل الكثير من الحبر في الأوساط السياسية والإعلامية، بين مرحّب بهذا المقترح ورافض له، وكان من بين "المهلّلين" له وزيرا التربية والمرأة والأسرة والطفولة. وقد دفع الجدل الذي رافق هذا الإعلان بوزير الشؤون الدينية إلى التصريح بأن قرار فتح المؤسسات التربوية في العطلة الصيفية لتحفيظ القرآن لن يكون إجبارياً أو يومياً بل سيتمّ تخصيص حصتين أو 3 أسبوعياً، علاوة عن ان هذا النشاط سيكون بإشراف أساتذة مختصّين وتحت رقابة وزارتي التربية والشؤون الدينية. وفي هذا السياق، أكد المفكر والباحث في الأنثروبولوجيا يوسف الصديق ضرورة أن يكون الفضاء التربوي تحت إشراف الوزارة المعنية -وزارة التربية- وأن يكون استغلاله ضمن برنامج واضح لا أن يخضع لأشخاص لهم انتماء إيديولوجي أو مهددين بالانتماء الإيديولوجي خاصة في ما يتعلّق بمادة حساسة على غرار تحفيظ القرآن. وشدد الصديق، في تصريح لحقائق أون لاين اليوم الاثنين، على أن تحفيظ القرآن ينبغي أن يكون ضمن برنامج لوزارة التربية وان يقوم بذلك أساتذة متطوعون مطلّعون على البرنامج ومتمسّكون به. وأشار في إطار متّصل إلى ان الطفل لا بدّ له من استراحة مبيناً انه ستتمّ "سرقة" استراحة الطفل لتعليمه مادة مهمة ولكنها ثقيلة من الناحية المعجمية ومن ناحية المعاني. وأكد ان الاستراحة اثناء العطلة تدخل في صلب البيداغوجيا وهي حق يجب توفيره للطفل لافتاً في الآن ذاته إلى أهمية التربية الدينية التي تتضمن تاريخ الإسلام وآيات من القرآن على أن تكون ضمن الأوقات الدراسية. وبيّن محدثنا انه في العطلة يمكن توفير مواد ترفيهية كالمسرح أو الرقص تكون اختيارية أما مادة بجدية تحفيظ القرآن فتعدّ "سرقة" لأوقات الراحة. ورداً عن سؤال حول تحفيظ القرآن دون فهم وتلقين الطفل بطريقة لا تتيح له التفكير وإعمال العقل، قال يوسف الصديق إن هذه المسألة "كارثة متّصلة بتاريخنا". وأوضح انه طالما دعا إلى طريقة تحفيظ القرآن للأطفال باللغة العامية حتى يفهموه، إلى جانب تحفيظهم آيات فهمها سهل ومتاح للطفل وإن كانت من سور طويلة كسورة النور أو سورة البقرة. واعتبر ان قرار تحفيظ الأطفال السور القصيرة خطأ تاريخي في كافة الدول الإسلامية لكون معانيها صعبة جداً وتحتاج إلى ساعات من حصص التاريخ لتفسيرها ولا يمكن شرحها للأطفال. وختم الصديق بالتأكيد على ان هذه المسألة قضية بعيدة عن مشمولات وزير الشؤون الدينية وهي تاريخية بالأساس و تهمّ الدول الإسلامية.