أثار لقاء رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بالأمين العام للتجمع الدستوري المنحل محمد الغرياني، ردود أفعال متباينة بين من استحسنها ورأى أنها نقطة ايجابية وشجاعة في اطار المصالحة الوطنية والعفو العام الذي ينادي به وانعاش "العلاقة المتصادمة التي ميزت لعقود المدرسة الاصلاحية الدينية والمدرسة الدستورية"، وفق تعبير الغرياني، وبين من اعتبرها تنكرا لمن عانى من ويلات النظام السابق وأنها مصالحة دون محاسبة أو ارجاع الحق لأصحابه. في هذا السياق رأى المحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي أن اللقاء بين راشد الغنوشي ومحمد الغرياني ليس الأول الذي تم بين قيادات من النهضة (على مستوى رئيس الحركة أو قيادات من الصف الأول) وقيادات من التجمعيين(وزراء وسؤولين سابقين) وذلك في لقاءات رسمية وغير رسمية. واستدرك عبد اللطيف الحناشي قائلا: "غير أن هذا اللقاء وفي هذا المستوى يعتبر الأول بين رئيس حركة النهضة والأمين العام السابق للتجمع الدستوري المنحل الذي تحول نشاطه السياسي من نداء تونس (قبل الانشقاق) إلى حزب المبادرة الذي يضم مجموعة مهمة من الدستوريين والتجمعيين والذي يبدو أكثر الأحزاب ذات المرجعية "الدستورية" انسجاما وربما ثقلا وتأثيرا في المستقبل باعتبار أن ثقله "الشعبي" والتنظيمي يتمركز في منطقة الساحل وجوارها، مضيفا أن النهضة بحاجة إلى حليف "متجانس و قوي" في مستقبل الأيام وعلى استعداد لبناء تحالف استراتيجي معها، وقد يكون حزب المبادرة أحد أهم الأطراف التي تتوفر على تلك المقاييس خاصة بانضمام محمد الغرياني الذي يملك مفاتيح الماكينة الانتخابية العتيقة لحزب التجمع. وحول امكانية قبول حركة النهضة بالمصالحة مع رموز النظام السابق، أفاد عبد اللطيف الحناشي بأن النهضة قبلت بعد لقاء باريس الذي جمع رئيس حركة نداء تونس وحركة النهضة بالمصالحة بعد أن اقتنع الغنوشي بعدم جدوى العزل السياسي وما قد ينجرّ عنه من خراب اذا اعتمدته الحركة وفتح ذلك المجال إلى نجاح الحوار الوطني وحكومة الكفاءات والانتهاء من صياغة الدستور وإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية. وتابع: "كما صرّح الغنوشي مؤخرا وبعد زيارته لرئيس الجمهورية بضرورة المصالحة ذات البعد الاقتصادي أساسا لأن المصالحة السياسية قد انجزت في الواقع اليومي وفي المؤسسات وفي الحكومة الرباعية، وفق تعبيره. أما بخصوص إن كان سيقبل قياديو وقواعد حركة النهضة خاصة ممن تضرروا من النظام السابق بهذه المصالحة، قال محدثنا:" النهضة حزب سياسي متماسك تنظيميا وتحكمه تقاليد لا توجد في الأحزاب السياسية الأخرى وقد بينت تجربة الحزب ما بعد الثورة عن انضباط واسع للقواعد والقيادات الوسطى لقرارات القيادات العليا كما يلعب القائد دورا مميزا بما يملك من "شرعية"تاريخية ونضالية و"أخلاقية"، فمن جملة القيم التي تحكم الحزب هي الثقة الواسعة في القيادة". ورجّح المحلّل السياسي عبد اللطيف الحناشي أن مثل هذه القرارات ستثير نقاشات و"احتجاجات"وربما احترازات" داخل الحركة ولكن في النهاية ستتمكن القيادة من إقناع الأغلبية من هؤلاء بما تملك من حجج واقعية (ما تحقق للمتضرّرين) وسياسية وإستراتيجية وسيركن الباقون إلى الصمت، وفق محدثنا.