لازالت المبادرة التي أطلقها عضو مجلس نواب الشعب مهدي بن غربية والمتعلقة بالمساواة في الإرث بين المرأة والرجل تثير الكثير من الحبر والجدل في صفوف السياسيين والمثقفين ووسائل الإعلام. الاستماع إلى بن غربية وبطيخ وقد استمعت لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية بمجلس النواب منذ أيام قليلة إلى مهدي بن غربية الذي دافع عن طرحه مبيناً ان مبادرته التشريعية تعتمد على مبدإ التساوي في المنابات بين المرأة والرجل في غياب اتفاق بين الورثة وذلك في إطار المبادئ التي أقرها الدستور في إقرار المساواة بين الرجل والمرأة. وأشار بن غربية إلى انه استند إلى ما أفضت إليه مجموعة الدراسات الاجتماعية والاقتصادية من ان الإبقاء على توزيع حصص الميراث الحالي يمكن ان يكرس التبعية الاقتصادية والاجتماعية حيال الرجل. كما استمعت اللجنة اليوم الثلاثاء 28 جوان 2016 إلى مفتي الجمهورية عثمان بطيخ الذي أكد ان القضية محسومة بنصّ ديني مشيراً إلى ان النص قطعي ولا جدال فيه إلا أن المسألة قابلة للحوار، حسب قوله. وبيّن بطيخ ان المساواة لا تعني تملّص الرجل من مسؤوليته وان هذا الأخير مطالب بالإنفاق على المرأة ولا يحق له مطالبتها بالإنفاق أو مقاسمته لأموالها ولراتبها من باب واجب الإنفاق والكرامة. نصوص قابلة للإلغاء المدني وفي هذا الإطار، قال المفكر والباحث في الأنثروبولوجيا يوسف الصدّيق، في تصريح خصّ به حقائق أون لاين، إن النصوص الصريحة التشريعية قابلة للتطوّر وللإلغاء المدني. وأضاف الصدّيق ان مفتي الجمهورية يحتجّ على المساواة في الإرث بين المرأة والرجل ويبرّر ذلك بمقولة إن الأمر محسوم بسبب وجود آية واضحة في هذا الشأن إلا أن هناك آيات قرآنية كثيرة تمّت مراجعتها وإلغاؤها على غرار "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما" و"الزانية والزاني فاجلدوا كلّ واحد منهما مائة جلدة"، على حدّ تعبيره. وتساءل عن ما يمنع مراجعة الآية المتعلقة بالإرث خصوصاً وان التشريع قبل أن يتمّ تعويض أو التراجع عن آية ما. مغالطة الفقهاء الإسلاميين وأكد محدّثنا انه من ناحية المحتوى فقد "غالطنا الفقهاء الإسلاميون" في ما يتعلّق بتعريف الحدود موضحاً ان الحدّ عربياً رياضي ويعني الشيء الذي لا وجود له أما ما هو موجود فما قبله أو ما بعده. وتابع مبيناً ان الحدّ في الإسلام في مسألة الميراث والتي تقول "للذكر مثل حظّ الأنثيين" وان هذه الجملة بلاغياً ليس لها دور مبرزاً انها تعني ان تعطي 50 بالمائة أي النصف لا أقلّ من ذلك وان الآية لا تمنع أن تحصل الأنثى نفس القيمة ونفس "الحظ" كما ورد في القرآن. وشدد الصديق على انه من الناحية العملية فإن مسألة المساواة في الإرث ممكنة وجائزة بما أن مراجعات جزئيات تشريعية أصبحت مقبولة، مشيراً في سياق متّصل إلى قضية الإعدام حيث ان مسألة "النفس بالنفس" هي قانون بني إسرائيل أما قانوننا فيجيز الإطاحة بحكم الإعدام من خلال "...فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم...". ولفت إلى الناس لا يتثبتون من القرآن وكذلك يخرج مفتي الجمهورية ليقول ان هذه الآية لا نقاش فيها. وقال يوسف الصدّيق مفتي الجمهورية إنه يتحدى مفتي الجمهورية بأن يقدّم مشروع قانون لمجلس النواب يقوم على قطع يد السارق نظراً لورود آية في القرآن تنصّ على ذلك. وبيّن ان المفتي لا يستطيع القيام بذلك أما في ما يهمّ مسألة الميراث فهي مسألة اقتصادية وتمسّ المجتمع الذكوري الذي يريد الحفاظ على مكاسبه. وختم الصديق بالتأكيد على ان النصّ المتعلّق بالإرث قابل للمراجعة كما هو حال نصوص أخرى.