يقوم 4،8 بالمائة فقط من السكان الكهول في تونس (ما بين 18 و64 سنة) بنشاط اقتصادي خاص وفق ما أظهرته نتائج دراسة استراتيجية حول المبادرة في بعث المشاريع اعدها مكتب الاستشارة "رولند بارجر" لفائدة مؤسسة بنك تونس العربي الدولي. وابرزت ذات الدراسة ان المبادرة في بعث المشاريع لا تجد لها صدى كبيرا في تونس مقارنة بدول مشابهة. ويتعلق الامر باضعف معدل على الاطلاق (قبل روسيا) ضمن مجموعة الاقتصادات، التي تعتمد على النجاعة (التصنيف يضم عدة دول من امريكا الجنوبية وتعد نسبة 14 بالمائة المعدل العام لنفس المجموعة). خمسة عراقيل رئيسة تواجه جهود المبادرة في بعث المشاريع وقامت الدراسة بتشخيص 5 اشكالات اساسية تقف عائقا امام المبادرة في بعث المشاريع تتعلق بالافتقار الى عقلية اطلاق المشاريع وروح الابتكار ونضج المشاريع وثقل الاجراءات الادارية وعدم القدرة على النفاذ الى التمويل وعدم توفر المواكبة ونقص الكفاءة والتكوين. في الحقيقة فانه رغم رغبة الباعثين فان المشاريع التي يتم عرضها غالبا لا تفضي الى نتائج. وتستشهد الوثيقة في هذا الصدد بما صرح به وزير التعليم العالي والبحث العلمي شهاب بودن، الذي قال "ان الشباب ليس مبدعا مما يقود الى احداث مشاريع اقتصادية قليلة التجديد والطموح.وسبب هذا الاشكال هو ان فئة الشباب لا تعلم الشيء الكثير عن العمل الميداني ولا تقرأ بالشكل الكافي". وتعد اجال الحصول على الاوراق الرسمية طويلة مما يعرقل اصحاب المبادرات، الذين ليس بامكانهم الانتظار، خاصة عندما يتعلق الامر بالتجديد. ويمكن ان يستغرق الحصول على قرض من بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة 18 شهرا واكثر وفق دراسة بنك تونس العربي الدولي. "منح القروض يستوجب توفير ضمانات ليس بمقدور الباعثين توفيرها مما يعمل على وأد عدد هام من المشاريع. وتتفاوت اجال ايقاف الخيرات، التي يتم توريدها، على مستوى الديوانة مما من شانه ان يشكل عائقا فعليا الى جانب اشكالات تتعلق بعدم قابلية الدينار للتحويل ومنع امتلاك حساب بنكي بالخارج، الذي يعد اشكالا حقيقيا بالنسبة للباعثين، الذين يستهدفون الاسواق الاجنبية". ويبقى النفاذ إلى التمويل الاشكال الاهم امام تنفيذ المشاريع، والتي غالبا ما ينتقدها الخبراء. ولا تزال تونس في مراتب متأخرة، مقارنة بجيرانها، في مجال قدرة المؤسسات الصغرى والمتوسطة على النفاذ الى التمويل. وتتصل نسبة 24 بالمائة من اخفاقات المؤسسات بصعوبة الحصول على التمويل اللازم. وتظهر الدراسة أن "السواد الأعظم من مبادرات الدعم في مجال بعث المشاريع احدثت منذ اقل من 5 سنوات ومن المرجح أن تضمحل الاموال، التي تم رصدها لذلك على المدى المتوسط. ويتم بشكل غير عادل توفير الدعم والمواكبة لعمليات بعث المشاريع بين مختلف مناطق البلاد، وحدها مبادرات الدعم العمومي للمشاريع، يمكن ان توجد بالمناطق الداخلية وغالبا ما يتم انتقاد نجاعتها". وتشير نفس الوثيقة إلى أنه "بالرغم من معدل البطالة المرتفع في صفوف الشباب من حاملي الشهائد العليا فإن المؤسسات تجد صعوبة في ايجاد أشخاص ذوي كفاءة لإسناد مواقع شغلية لهم بسبب عدم ملاءمة شغورات الشغل مع الكفاءات" مبينة أن "الدروس التي يتم تقديمها في الجامعات في ما يتعلق ببعث المشاريع لا تتجاوز البعد النظري ولا تحدد التوجهات لان الاساتذة نادرا ما تكون لهم تجربة في مجال المبادرة الاقتصادية". ويتم تغطية جزء من حاجيات التمويل بشكل سيئ من قبل العروض المتوفرة حاليا (عروض التمويل). اذ تعد المشاريع المتوسطة جد صغيرة لا ترتقي الى المشاريع الصناعية ذات المردودية وفي نفس الوقت أكثر تعقيدا من المشاريع، التي يتم تمويلها عبر القروض الصغيرة. شبكة محدودة لفائدة المؤسسات التونسية ولا يملك الباعثون التونسيون سوى شبكات محدودة من العلاقات وتقتصر على مجموعة محدودة (العائلة والأصدقاء). وبينت الدراسة أنه كلما اتسعت شبكة العلاقات وتنوعت كلما توفرت الحظوظ لانجاح مسار بعث المشاريع. وعلى الباعث أن يتمتع بالقدرة على الارتكاز الى العديد من الشبكات على غرار الأقارب وشبكة العمل (زملاء قائمون على الأعمال ...) وشبكة الأعمال (منسقون ومزودون وحرفاء..) والشبكة المهنية (محامون ومحاسبون وأعوان بنوك..). وعادة ما تتراوح اعمار الباعثين التونسيين بين 25 و44 سنة (73 بالمائة) رغم وجود شبه تساوٍ ابان احداث المؤسسة، بيد ان معدل ديمومة المؤسسات التي تحدثها نساء، ادنى من عمر تلك التي يقوم على بعثها الرجال. واستنادا الى الدراسة، فان المؤسسات في تونس تنشط اكثر في قطاع الخدمات ولاسيما التجارة والنقل/الخزن. ومن بين 4ر3 ملايين من الناشطين في تونس يعمل 52 بالمائة في قطاع الخدمات. وتعتبر المؤسسات المحدثة في اغلب الاحيان مؤسسات متناهية الصغر تشغل اقل من 5 افراد فيما تشغل اقل من نسبة 13 بالمائة من المؤسسات، فحسب، اكثر من 5 افراد. معدل ديمومة منخفض للمؤسسات متناهية الصغر: ويصل معدل المؤسسات التي احدثت سنة 2000 وواصلت نشاطها حتى سنة 2013، الى دون 50 بالمائة وهي تنشط في قطاع التجارة بالنظر الى ان المؤسسات متناهية الصغر تبقى الاكثر هشاشة. ويعتبر معدل استمرار المؤسسات زمنيا في المناطق الداخلية (التي عادة ما تؤمن خدمات موجهة للاسر) الادنى، ذلك ان طلبات الاسر القادرة على الدفع باتت اقل. واشار نفس المصدر، الى ان "طلبات وقف النشاط لا تتم في نفس سنة التوقف الفعلي للمؤسسة ذلك ان 25 بالمائة من حالات التصريح بالتوقف عن النشاط تجري بعد سنتين" وهو ما يجعل عملية الحصول على احصاءات دقيقة في المجال اكثر تعقيدا. يشار الى ان الدراسة استندت في انجازها الى اكثر من 30 لقاء مع فاعلين في مناخ المبادرة الاقتصادية على المستويين الوطني (تونس) والدولي علاوة على جمع الوثائق المتاحة حول نشاط المبادرة في تونس. المصدر: وات