عاشت تونس مؤخراً على وقع أيام سياسية حاسمة تمّ خلالها التصويت على منح الثقة لحكومة "الوحدة الوطنية" برئاسة يوسف الشاهد ب167 صوتاً يوم الجمعة الماضي، وذلك بعد مشاورات ماراطونية استغرقت عدّة أيام قبل أن يعلن الشاهد يوم السبت 20 أوت 2016 عن تشكيلة فريقه الحكومي. وقد أدت الحكومة الجديدة اليمين الدستورية صبيحة يوم السبت 27 أوت الجاري، لينتظم موكب تسليم السلطة وتسلّمها بين يوسف الشاهد ورئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد أمس الاثنين بدار الضيافة في قرطاج. وفي هذا السياق، ذكّر أستاذ القانون الدستوري والمحلّل السياسي قيس سعيّد ان تولّي رئيس الحكومة السابق مهامه كان بتصويت بالثقة عليه وصل إلى 166 نائباً وصوّت لفائدة عدم تجديد الثقة فيه وفي الحكومة التي تولّى رئاستها 158 نائباً، إذ لم يحصل يوم 30 جويلية المنقضي إلا على 3 أصوات يتيمة، حسب قوله. وأضاف سعيّد، في تصريح خصّ به حقائق أون لاين اليوم الثلاثاء، ان الثقة مُنحت شكلاً في باردو في مطلع سنة 2015 للحكومة المستقيلة وسُحبت منها بصفة فعلية في حوار تلفزي تمّ بثّه يوم 2 جوان الماضي، معتبراً ان بقية المحطات كانت بهدف إضفاء الشكل وليس أكثر من الشكل على تعويض حكومة بأخرى من بين أعضائها 9 وزراء في الحكومة التي اعتبرت فاشلة. وقال إن " المهرجانات الصيفية بدأت وانتهت وتواصل المهرجان السياسي لأكثر من 3 أشهر وانتهى بمراسم أداء اليمين وبموكب تسليم السلطة وتسلّمها". وأكد انه لا يبدو ان هناك اختلافاً لا في البرامج ولا في التصورات مشيراً إلى ان ما تمّ الإعلان عنه يوم 13 جويلية بمناسبة توقيع الوثيقة التي سُمّيت ب"وثيقة قرطاج" هو تقريباً ما يسمعه التونسيون والتونسيات كلّ يوم منذ أعوام وهو ما تمّ إعادته يوم التصويت بالثقة على الحكومة الجديدة. وشدّد على ان الصراع لم يكن صراعاً حول البرامج أو التصورات بل هو صراع داخل جهاز السلطة حُسم بهذا الشكل وصارت الحكومة أقرب إلى حكومة رئيس الجمهورية من حكومة منبثقة عن الأغلبية داخل المجلس النيابي، على حدّ تعبيره. وأردف محدثنا بالقول " ألا يتساءل النواب لماذا منح الثقة في جانفي 2015 للحكومة السابقة ولماذا سحبوها؟ ألا يتساءلون حتى بينهم وبين أنفسهم عن أسباب تغيّر مواقفهم؟". وجدّد تأكيده على ان الحلّ، الذي دعا إليه منذ 2013، يقوم على الحاجة إلى بناء نظام إداري وسياسي جديد في البلاد. وأشار إلى انه بمثل هذا السلوك وهذه الممارسات لن تزداد الثقة المهزوزة في الطبقة السياسية إلا اهتزازاً لافتاً إلى ان الطبقة السياسية بوجه عام والوضع الاجتماعي والاقتصادي يتردى يوماً بعد يوم. وأكد سعيّد انه إذا تمّ التمكن بهذه الحكومة الجديدة من حسم الصراعات داخل جهاز الحكم فإنهم سيواجهون في المستقبل القريب صراعات من خارج المنظومة وخاصة من الذين يطالبون بحقوقهم المشروعة في حياة تتوفر فيها أدنى شروط الكرامة. وختم بالقول " وما جاع في تونس فقير إلا بما منع به غني".