رغم جلسات المفاوضات التي تقوم بها الحكومة مع الشركة النفطية "بتروفاك"، فإن المعطيات الأولية تفيد بأن هذه الأخيرة قد قرّرت اليوم الاربعاء غلق أبواب فرعها في جزيرة قرقنة من ولاية صفاقس، وذلك على خلفية غلقها من قبل عدد من المحتجين الذين تقدموا بمطالب "تعجيزية" بعد أن كانوا قد وافقوا على الحلول المقدمة من الحكومة التونسية في مرحلة أولى. وفي هذا السياق، أكد الخبير الاقتصادي ووزير المالية الأسبق حسين الديماسي انه إذا ما قرّرت شركة "بتروفاك" غلق أبوابها بصفة رسمية فسيكون لذلك تأثيرات سلبية على البلاد. وأوضح الديماسي، في تصريح لحقائق أون لاين، ان التأثير الأول متعلّق بالمحروقات حيث تشكو الدولة من عجز متواصل ومتصاعد منذ مدّة طويلة من المحروقات مبيناً ان مغادرة الشركة سيكون لها أثر سلبي كبير على موارد الدولة خصوصاً في ما يهمّ المحروقات الخام (النفط الخام) والغاز الطبيعي. وأشار إلى ان شركة "بتروفاك" تنتج حوالي 14 بالمائة من الغاز الطبيعي أي ما يعادل سدس الإنتاج من الغاز الطبيعي. وأضاف انه إذا غادرت الشركة فعلاً سيكون لذلك تداعيات على ميزانية الدولة باعتبار ان إنتاج المحروقات والغاز الطبيعي واستخراجه يمثل جزءاً هاماً من موارد ميزانية الدولة، لافتاً إلى انه سيكون لها أيضاً وقع كارثي على جزيرة قرقنة من الناحية الحركية والاقتصادية والتشغيل نظراً لكونها كانت تشغّل عدداً لا بأس به من أهالي المنطقة وكانت رواتبهم ممتازة. وبيّن محدثنا ان غلق شركة "بتروفاك"، في حال تمّ رسمياً، يمثل رسالة سلبية للمستثمرين الأجانب خاصة وان تونس من المنتظر أن تحتضن المؤتمر الدولي للاستثمار في نوفمبر المقبل، مشيراً إلى انه من الوارد أيضاً أن تقاضي الشركة الدولة التونسية في المحكمة الدولية تطالب فيها بحقوقها مشدداً على ان قضية مثل هذه ستكون مكلفة جداً بالنسبة لتونس. وقال إنه " إذا حدث هذا أين سنذهب عندما قلّة قليلة من "البطالين" تتحكّم في مصير البلاد والدولة تلعب دور المتفرّج". وذكّر ان تعطيل العمل لم يحصل في شركة "بتروفاك" فقط بل عدة مؤسسات على غرار شركة فسفاط قفصة مضيفاً انه ليس المطلوب من الدولة المعجزات بل تطبيق القانون. وأوضح ان قانون الشغل ينصّ على انه إذا تعلّق الأمر بمصلحة استراتيجية مهمة فالدولة مطالبة بما يسمّى ب"التسخير" مبرزاً انه على الدولة ان تبعد من لا يريد العمل وتعوّضهم بآخرين. وختم الديماسي بالتأكيد ان الدولة مطالبة في بعض الأحيان بالتسخير مشيراً إلى ان الحكومات المتتالية لم تقم أصلاً بتطبيق القانون، مذكراً ان مهام الحكومة تتمثل في وضع المخططات الاقتصادية والاجتماعية وتطبيق القانون ومتسائلاً "ماذا ستفعل إذا لم تطبّق القانون؟". جدير بالذكر ان بتروفاك تعدّ من أكبر الشركات البريطانية ولها 30 فروع في أكثر من ثلاثين دولة في العالم. ويفوق رقم معاملاتها السنوي 8 مليار، إلا أن فرعها في تونس لا يمثل إلا 1 بالمائة من نشاطها. وبحسب مصادر إعلامية تشغّل الشركة حوالي 200 عامل بصفة مباشرة وحوالي 262 بصفة غير مباشرة. هذا ومن المنتظر أن تنعقد مساء اليوم بقصر الحكومة بالقصبة ندوة صحفية حول ملف شركة "بتروفاك".