شهدت العاصمة التونسية، السبت، مصادمات عنيفة بين قوات الشرطة وتجار سوق "المنصف باي" في قلب العاصمة تونس، ما أدى إلى إصابة 4 عناصر من الشرطة، وذلك على خلفية انتحار كهل احتجاجًا على مصادرة بضاعته المهربة. ووقعت هذه المصادمات على خلفية وفاة كهل، متأثرًا بحروق من الدرجة الثالثة، إثر قيامه بإضرام النيران في نفسه، الجمعة، احتجاجًا على مصادرة الشرطة كميّات كبيرة من السجائر المهرّبة كان ينوي بيعها في سوق "المنصف الباي". وفي اتّصال هاتفي مع "العرب اليوم"، قال مصدر طبّي من "مستشفى الحروق البليغة"، في محافظة بن عروس القريبة من العاصمة: "توفي أحمد سرجان، 45عامًا، في حدود الخامسة والنصف من صباح السبت؛ نتيجة إصابته بحروق من الدرجة الثالثة"، موضحًا:"حاولنا إنقاذه لكن الإصابات الجسيمة عجّلت بوفاته، وقد تسلم أهله قرارًا بنقل الجثة إلى محافظة القصرين ليتمّ دفنها هناك". وقد اندلعت السبت احتجاجات عنيفة في سوق "المنصف باي"، حيث قام التجّار بغلق الطريق المؤدي إلى السوق الذي تتوسّطه محطّة للنقل البرّي، تربط بين العاصمة والمحافظات الجنوبية. ويتّهم التجّار أعوان الأمن ب "استفزاز التاجر، ومساومته بين دفع 500 دولار رشوة لاسترجاع بضاعته أو احتجازها، ما أدخله في حالة من الهستيريا قام على إثرها بسكب البنزين على جسده وإضرام النار فيه". من جانب آخر، قال رئيس إقليم الأمن في باب بحر في تونس العاصمة، مالك علّوش: "يشهد السوق حالة احتقان كبيرة بين صفوف التجّار، وذلك فور سماعهم نبأ وفاة زميلهم متأثّرًا بالحروق التي أصيب بها الليلة الماضية"، مؤكدًا "إصابة 4 من أعوان الأمن من بينهم، 2 إصاباتهما خطيرة، نتيجة رشقهم بالحجارة من قبل التجار الغاضبين". وأوضح علوش: "الضحية أقدم على الانتحار بنية مبيّتة، حيث ذهب إلى محطّة للتزوّد بالوقود، واشترى منها كميّة من البنزين قام بقسمتها على قارورتين، سلّم احداهما إلى زميله، الذي قام بسكبها على سيارة الشرطة وحاول إضرام النار فيها، في حين قام المتوفى بسكب القارورة الثانية على جسده وأضرم النار فيه". وشدّد علوش على أن " النيابة العمومية قامت بفتح تحقيق في الغرض". وقامت السلطات بغلق السوق المتخصصّ أساسًا في بيع الملابس والسلع الإلكترونية، ومنع الوصول إليه تفاديًا لمزيد تأجيج الأوضاع. وتأتي الحادثة بعد أيام قليلة من وفاة شاب من محافظة توزر (500 كم جنوب شرق العاصمة) متأثرًا بحروق بليغة من الدرجة الثالثة، بعد إقدامه على الانتحار حرقًا احتجاجًا على رفض السلطات الجهوية منحه أرضًا زراعية. وانتشرت حالات الانتحار حرقًا في تونس، منذ إقدام محمد البوعزيزي مفجر الثورة التونسية والربيع العربي على حرق نفسه في 17ديسمبر 2010 في محافظة سيدي بوزيد (350 كم جنوب شرق العاصمة)، بعد مصادرة الشرطة لعربة الخضار التي كان يقتات منها.