انسجام تام تنعم به بلادنا منذ تاريخها القديم، حفظ لُحمتها ورصّ شعبها دائما في لون واحد يقوده زعيم أوحد! ... رعاة بلادنا أكرمهم الله برعية، سهلٌ رعايتها! ... لأنها فهمت أن الذئب لا يأكل من الغنم إلا ّ القاصية، التى تخلفت عن القطيع أو غادرته مختارة، لتقع فريسة للذئاب في غفلة من الراعي و"كلابه"! ... لذلك يرتفع ثغاء الشياه التي تغادر القطيع أو تضل الطريق، مدركة حجم الحماقة التي ارتكبتها أو وقعت فيها، طالبة الصفح، من الراعي كي يشملها"بعنايته" قبل أن تدركها الذئاب! ... فتحمّلُ عقاب الراعي وقسوة عصاه أهون من كارثة الوقوع بين مخالب الذئب وأنيابه! انسجام قديم متجدد على كل الأصعدة الفكري منها والسياسي لا يعتريه التبدل ولا التصدع، ولا ينسحب منه أقوام أو يرغبون عنه إلا بالقدر الذي يزيد من تأكيد القاعدة ولا ينفيها! ... حدثت انتفاضات في ماضي بلادنا وحاضرها لتزيد من شرعية الزعيم بمجرد تلبية مطلب ما! ...فكان الرد المباشر على: "نرجعوا كيما كنا قبل الزيادات"! .... "بورقيبة يا حنين رجّعت الخبزة بثمانين"! وعلى ذلك فقس!! أما المعارضة فتهمة لا تليق بشعبنا الذي طالب بالرئاسة مدى الحياة "للمجاهد الأكبر"! ... والذي يصرّ دوما على بقاء " بطل التغيير وصانع مجد تونس" على كرسيه! مناشدا إياه ومتوسلا له أن يتكرّم بالقبول والاستجابة! وإن كان في ذلك مساس بظاهر الديمقراطية ومبادئها! انسجام ووحدة وطنية شاملة تفسر الأوبات والتوبات التي تطفو فجأة في أذهان من شذّعن القطيع! فيرتفع صياحهم من حين لآخر معلنين القطع مع ماضي التيه! مجددين عهد الخضوع لسياسة القطيع وأحكام الزريبة! ... مبايعين الراعي على تسليم رقابهم! دون اجتهاد مع تعليماته ووصاياه فهو الأعلم والأحكم! بما يصلح الرعية ويجنبها الهزات! فيقول قائلهم مع الشاعر: وَيدورُ هَمْسٌ في الجَوانِحِ ما الَّذي * بِالثَّوْرَةِ الحَمْقاءِ قَدْ أَغْراني؟ أَوَ لَمْ يَكُنْ خَيْراً لِنفسي أَنْ أُرَى* مثل الجموع أسير في إذعان؟ ما ضَرَّني لَوْ قَدْ سَكَتُّ وَكُلَّما * غَلَبَ الأسى بالَغْتُ في الكِتْمانِ؟ ولكن العودة "للزريبة" ليس كالخروج منها، فهي مشروطة بالتبرؤ من الذين غرروا "بالحملان" فأخرجوهم منها ورموا بهم في غابات الوحوش الضارية! وذلك ليكونوا عبرة لمن خلفهم! قد تلفظ الزريبة بعضا من "مواطنيها" أو تحرمهم من أبسط حقوقهم! ولكن لا سبيل "للعودة" واسترجاع الحقوق إلا بالعض على المبادئ المعلنة للراعي، والتمسك بتصريحاته! والمحاججة بها والدعوة لتطبيقها! ونبذ الشذوذ عن القطيع، ومناطحة الراعي!