بين مؤيد و رافض لمشروع قانون العزل السياسي ، إختلفت أراء المشاركين اليوم الخميس 6 ديسمبر اثناء الندوة الوطنية حول :العزل السياسي بين مقتضيات تحصين الثورة و مخاطر التوظيف ، الملتئمة بمقر وزارة حقوق الإنسان و العدالة الإنتقالية إختلاف المواقف حيث إعتبر البعض هذا المشروع خرقا لحقوق الإنسان في جانبه السياسي بالأساس ، بينما رأى البعض الآخر ضرورة تحصين الثورة بهذا القانون . أما مداخلات المحاضرين في هذه الندوة الوطنية فقد تناغمت مع أراء الحضور ، حيث ذكر أستاذ القانون أمين مسعود أن إتخاذ قرار العزل أو الإقصاء يبقى من مشمولات القضاء لا غير و أن المجلس الوطني التأسيسي ليس من مشمولاته تشريع مثل هذه القوانين بقدر ما هو مدعو لسن دستور للبلاد. في حين ذكر عبد المجيد العبدلي الأستاذ المبرز في القانون الدولي أن الشعب إنتفض على الفساد و المفسدين بانتخاب مجلس وطني تأسيسي من حقه إتخاذ الإجراء المناسب لتحصين الثورة ، و أن القول بإنتهاك حقوق الإنسان لا يستقيم بما أن مشروع العزل السياسي يشمل من أجرموا فعلا في حق الشعب و إنتهكوا حقوقه على جميع الأصعدة أما مداخلة قيس سعيد أستاذ القانون الدستوري فكانت تعديلية بإعتباره إنطلق من قبول فكرة العزل كمبدإ ، مشيرا في ذات الوقت إلى أن أعتى الديمقراطيات ذهبت إلى هذا العزل لا فحسب على مستوى الترشح بل أيضا على مستوى الإنتخاب ، ولكنه ذكر كون هذا العزل أو قانون العزل من الضروري أن يتبناه الشعب وحده بإعتباره أدرى بمعرفة من ينفعه أو يضره ممن سيمثله بالسلطة ، مشيرا الى ضرورة الإحتكام إلى إستفتاء شعبي حول هذا الإجراء كحل أنسب و لكن بعد فتح ملفات الفساد و التجاوزات و قيس سعيد استغرب تأخر و تعثر مسار العدالة الإنتقالية في تونس ما بعد الثورة النهضة تدافع عن مبادرتها من جهته وفي تدخل له خلال الندوة تطرق عامر لعريض عن حركة النهضة إلى مسألة تبني الشعب لقرار العزل السياسي واصفا تقييد قانون العزل بمدة زمنية من قبيل التسهيلات أو المزايا التي تفضّل بها الشعب أو ممثّله المجلس الوطني التأسيسي على بقايا النظام السابق موضحا بأن المبادرة المتعلقة بهذا المشروع تصب في خانة الوفاء للثورة و أن التجمعيين ليسوا كلهم مذنبين لكن على المذنب أن يعاقب و يتحمل مسؤولية جرائمه . عامر لعريض عبر في ذات السياق أن خشية حركة النهضة بإعتبارها المبادرة بإقتراح مشروع قانون وانصارها اان يواجه مشروع العزل إحتجاجات من قبل الشعب للمطالبة بتمديد الفترة الزمنية لهذا القانون أو المبادرة ، و قد إستدل في ذلك بعدد من الأنظمة الناشئة عقب عدة ثورات و التي أقصت مدى الحياة المتورطين في النظام السابق لمركز تونس للعدالة الإنتقالية رأي في هذا القانون سهام بن سدرين رئيسة مركز تونس للعدالة الإنتقالية تدخلت في هذا الموضوع إنطلاقا من تجربة المجلس البرلماني الأوربي ، حيث ذكرت أن القرار عدد 1096 الذي أقره هذا المجلس بخصوص مسألة العزل السياسي يستند إلى جملة من الظوابط أبرزها أن لا يكون العقاب جماعي و أن تتم المحاسبة بشكل فردي و مبنية على الأفعال ، و أن لا يكون الإقصاء إجراء عقابي مضيفة في ذات السياق أن الدور العقابي ليس من مشمولات المجلس التشريعي بل من مشمولات القضاء كما اشارت بن سدرين الى أنه من بين الركائز الواجب توفرها في مثل هذه القوانين عدم التمييز بين الأفراد و عدم الإستثناءات بأي شكل من الأشكال ، متسائلة عن سبب إستثناء أعضاء المجلس الإستشاري من هذا القانون من ناحية و إستثناء المتورطين في ملف البوليس السياسي من ناحية أخرى وجددت بن سدرين دعوتها للإشتغال بصفة أنجع على قانون العدالة الإنتقالية بإعتباره يبقى القانون المنطلق و الأساس لبناء ديمقراطية ما بعد الثورة. و في إنتظار أن تتوحد الرؤية و يشترك الرأي العام في الزوايا التي ينظر من خلالها لهذا المشروع قد نسجل ملاحظة أساسية فرضت نفسها في أشغال الندوة الوطنية المقامة للغرض في رحاب وزارة حقوق الإنسان و العدالة الإنتقالية اليوم 6 ديسمبر 2012 ، وهي تشبع و قناعة حزب حركة النهضة بمبادئ مبادرتها ، فهل أن تمثيليتها الموسعة ب "التأسيسي "مصدر إطمئنان على حتمية نجاح مشروعها المقترح ؟