أصدرت الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف بقفصة يوم الثلاثاء 06 جويلية الجاري حكما على الصحفي الفاهم بوكدوس ب 04 سنوات سجن نافذة بتهمتي حق عام " الانضمام إلى وفاق إجرامي " و " بيع و عرض و توزيع منشورات من شأنها تعكير صفو النظام العام لغرض دعائي " على خلفية تغطيته للاحتجاجات الاجتماعية التي اندلعت بمدن الحوض المنجمي بقفصة طيلة الستة أشهر الأولى من عام 2008. و قد صدر الحكم في الوقت الذي الذي يقيم فيه الفاهم منذ يوم 03 جويلية 2010 بقسم الأمراض الصدرية في مستشفى فرحات حشاد بسوسة للتداوي من أزمة ربو حادة و تعفن في الرئتين ." كلمة " تحولت إلى المستشفى و التقت الفاهم و أجرت معه الحوار التالي. كلمة: السيد بوكدوس ما هو تعليقك على هذا الحكم بوكدوس: بحكم متابعتي لمحاكمات الرأي طيلة العشريتين الأخيرتين لم تعد تثيرني قسوة الأحكام بل بت أتوقعها فهي غالبا ما تكون كذلك و غير مسندة إلى الحد الأدنى من الحجج و البراهين، و غير نابعة من ضمائر القضاة بل صادرة عن " تعليمات عليا " . و أنا عندما اعترضت في نوفمبر 2009 على الحكم الغيابي الصادر ضدي ب 06 سنوات سجن لم أكن واهما في البراءة أو حتى تأجيل التنفيذ و إنما كان همي الوحيد تحدي حكم ظالم و جائر و دفاعا عن حقي في مواصلة عملي الصحفي متأهبا دوما " لقدر السجن " و كل العقوبات التنكيلية القاسية و كنت قد صرحت أكثر من مرة أن الوضع العام بالبلاد و طبيعة القضاء فيه يدفع أكثر فأكثر لمعاقبتي. لقد صدر يوم 06 جويلية حكما ظالما أطل من رفوف مكاتب القضاة و البوليس السياسي و عنوانه معاقبة صحفي شاب استطاع طيلة 06 أشهر من تغطية النضالات الاجتماعية بمدن " أم العرائس " و " المظيلة " و " الرديف " ، واستطاع كسر محاولات السلطة التعتيم على نضالات المفقرين و المجوعين ، واستطاع عبر شاشة " الحوار التونسي " و موقع " البديل " الالكتروني نقل أهم تفاصيلها تاركا وثيقة تاريخية لا يمكن تجاهلها انتصرت للاحتجاجات العادلة للمنجميين و عرت خطاب السلطة المتهافت حول العدالة الاجتماعية و تكافؤ الفرص و العناية بالشباب و الذي تحول بسرعة شديدة إلى " ماكينة " أمنية لا تتحرج من عسكرة المدن بشكل سافر و مهاجمة المحتجين السلميين بكل إمكانياتها وقواها و التنكيل بهم و تعذيبهم و إطلاق الرصاص الحي عليهم مخلفة قتلى وجرحى. كلمة: يرى عديد الملاحظين أن محاكمتك افتقرت لأدنى شروط المحاكمة العادلة فأين تجلى ذلك بالخصوص؟ بوكدوس: إن محاكمتي ككل محاكمات الرأي لا مبرر لها أصلا و كان من المفروض أن لا تحصل أصلا لأنها تتعلق جوهرا بحقوق المواطنة في التغيير والتفكير و بمجرد نقل هذا الموضوع إلى قاعات المحاكم فقد لامسنا جدار الباطل . و بحكم متابعتي " للقضاء السياسي " لاحظت طيلة السنوات الأخيرة العمل الدؤوب على حصر تلك المحاكمات في طور واحد عبر تهميش الطور الابتدائي ، و لكن محاكمتي مثلت الدرجة " صفر " من التقاضي ، فالقاضي " القرقوري " في الطور الأول يوم 13 جانفي 2010 حكم في ظرف دقائق في ظل غياب شروط أساسية لا يحصل دونها الحكم ( ملف السوابق ، العرض على القيس ) وحتى دون مرافعة المحامين . أما القاضي " الحبيب العش " فقد حكم في طور الاستئناف بملف سوابق مزور و في غياب متهم في حالة سراح و مستنجد بملف طبي متكامل يفيد بوجوده في حالة عناية مركزة بالمستشفى كما أن ممثل النيابة العمومية تكلم في تلك الجلسة و حتى قبل رفعها للمفاوضة و التصريح بالحكم عن وجود أطباء في السجن يستطعون علاج بوكدوس في استباق سافر للحكم. و إن كانت مثل هذه المسرحيات القضائية تعكس حرصا سياسيا غبيا على محاولات رهن القضاء للنظام الحاكم و استغلاله لتصفية الحساب مع خصومه ومعارضيه ، فإنها تعكس أيضا التراخي القانوني والأخلاقي لمجموعة من القضاة الذين باتوا لا يتورعون في التضحية بحقوق المتهمين الأساسية في سبيل مصالح شخصية ضيقة. كلمة: لماذا اعتبرت الحكم الصادر ضدك حكما بالقتل؟ بوكدوس: لقد صرحت لأكثر من وسيلة إعلام بأن الحكم في حقي ب 04 سنوات يتجاوز الحكم السياسي الظالم و الجائر إلى حكما بالقتل نظرا للتسرع غير المبرر بمحاكمتي وأنا في وضعية صحية خطيرة جدا بما يعني نقلي من فضاء العناية الصحية الضرورية إلى عفونة الزنازين و جراثيمها و مخلفاتها الفضيعة و ما تمثله من تهديد جدي لحياتي بشكل مباشر. إن القضاء و السلطة السياسية على علم و دراية تامة بكل حيثيات حالتي الصحية التي تشكو من تقدم حالة الربو و من تكرر تعفن الرئتين و عليه فإنها و إن اتخذت قرارها بسجني فهي قد اتخذت حتما قبله قرارها بالقضاء علي ، خاصة و أن كل السجون التونسية لا تمتلك الأدوية الضرورية لمعالجتي و لا الإطار الطبي الكفء و لا الأماكن الخاصة لمثل هذه الوضعيات الخاصة. كلمة: كيف ترى المخرج من هذه القضية؟ بوكدوس: إن ملفي على خطورته الفائقة هو نقطة من بحر الاعتداءات على التونسيات و التونسيون لمشاركتهم في الحياة العامة و معاملتهم كرعايا . و هي جزء من واقع تهميش حرية الصحافة و الإعلام و كسرها والذي يدفع فيه العشرات فاتورة غالية جدا في سبيل الاصداع برأيهم بشجاعة و كسر التعتيم واحتكار الخبر و التحكم في توزيعه. و إنه كلما تكاتفت القوى المعنية بالتغيير الديمقراطي الحقيقي و عبرت عن تضامنها بشجاعة كلما تمت مواجهة الاجرءات التسلطية لنظام الحكم و فتحت آفاقا جديدة أكبر لبناء البدائل المجتمعية. نشكرك الفاهم بكدوس ونتمنى لك الشفاء العاجل ورفع المظلمة عنك.