الاستئناف يقر الحكم الابتدائي في حق محمد بوغلاب    رئيس الجمهورية: الدولة يجب أن تُطوّر التشريعات المتصلة بالمشاريع العمومية    صفاقس.. الأهالي يستغيثون ..انقطاع متكرر لمياه الشرب.. والأمل في محطة التحلية بقرقور    مكتب تأهيل الصناعة هذه شروط حصول المؤسسات الصناعية على دعم «الكربون والرقمنة»    انهاء الموسم بأرقام تاريخية    أخبار النادي الإفريقي...البنزرتي يراهن على الصغيّر ودخيل مطالب بإزالة الغموض    التخفيض في عقوبة الويكلو للترجي والنجم    كيف سيكون طقس الأربعاء 12 جوان 2024 ؟    علي مرابط يشرف على إطلاق البوابة الوطنية الجديدة للتلقيح    مع الشروق ..نداء بلينكن... صرخات في واد !!    طرشون: قد يتمّ النظر في المرسوم 54 قريبا    تنشط بين سيدي بوزيد و قبلي.. تفكيك شبكة عناصرها أجانب مختصة في التحيل و تدليس العملة    وزير الشّؤون الدّينية يعقد جلسة عمل مع رئيس شركة مطوّفي حجيج الدُّول العربيّة    تعزيز التعاون لحماية الثروة المائية    المروج: حجز 500 قرص مخدر والاحتفاظ بنفر مفتش عنه    حي الزهور: وزير الصحة يشرف على إطلاق البوابة الوطنية الجديدة للتلقيح    عاجل/ تطوّرات جديدة في قضية البشير العكرمي..    عاجل/ فرنسا: اندلاع حريق بقصر فرساي    دُفعة معنوية كبيرة للنادي الإفريقي قبل مواجهة الملعب التونسي    رفراف: حريق بمنزل يودي بحياة طفل ال9 سنوات    بطاقة ايداع بالسجن في حق سنيا الدهماني    فتح الطريق الشعاعية X 4 بين الحزاميتين X وX20    أحمد الحشاني : ''الشباب في تونس يعد الثروة الحقيقية للبلاد في ظل تواضع الثروات الطبيعية''    قفصة : الإحتفاظ بالكاتب العام المكلف بتسيير بلدية المظيلة    سيدي بوزيد: تنظيم يوم جهوي حول قطاع الأعلاف في ظل التغيرات المناخية    صادم/ جماهير غاضبة تقتل حكم المباراة!!    ألمانيا تستعد لأخطر مباراة    هجوم طعن يستهدف 4 مدرسين أميركيين في الصين    السكك الحديدية: محطة غار الملح ستكون دولية    عاجل : اختيار 3 طلبة تونسيين لمتابعة أبحاثهم بجامعة أكسفورد البريطانية    رئيس الفيفا يعلن انطلاق العد التنازلي لضربة بداية مونديال 2026    قابس: توفّر العرض وزيادة في أسعار الأضاحي مقارنة بالسنة الفارطة    بن سليمان: نسبة إدماج خريجي منظومة التكوين المهني في سوق الشغل يبلغ 80 بالمائة    الكشف عن محل لتعاطي البغاء السري في المرسى..وهذه حصيلة الايقافات..#خبر_عاجل    عيد الاضحى : خلية احباء الافريقي تعلن إقامة حفل '' شواء''    وفاة الطفل ''يحيى'' أصغر حاجّ بالأراضي المقدّسة    اختفاء طائرة نائب رئيس هذه الدولة.. تفاصيل جديدة..#خبر_عاجل    دمج تطبيق '' تشات جي بي تي '' على هواتف آبل    وزارة الصحة: جلسة عمل لختم وتقييم البرنامج التكويني لتنفيذ السياسة الوطنية للصحة في أفق 2035    ديوان الإفتاء: مواطنة أوروبية تُعلن إسلامها    يهم المسافرين : 3 نصائح أساسية لتجنب الغثيان على متن الطائرة    هام/ تراجع ملحوظ لأسعار لحوم "العلوش" بالمساحات التجارية ومحلات القصابين..    إجراءات إستثنائية فيما يخص ''حالات الغش'' لتلاميذ الباكالوريا ..وزيرة التربية توضح    تصفيات كأس العالم 2026: غانا تفوز على أفريقيا الوسطى وموزمبيق تتغلب على غينيا    مقترح قانون صناعة المكملات الغذائية على طاولة البرلمان و هذه التفاصيل    تألق في المسابقة الوطنية «التدخين يسبب أضرارا» يزيد الرقيق يحرز جائزة وطنية ويحلم بالعالمية !    تحذير مرعب.. النوم أقل من 7 ساعات يزيد من خطر الوفاة..    "احمدي ربك".. رد مثير من مستشارة أسرية سعودية لامرأة ضبطت زوجها يخونها مع 6 نساء!    زلزال بقوة 5 درجات يضرب هذه المنطقة..    بالفيديو.. عاصفة بردية تتسبب بأضرار جسيمة في طائرة نمساوية    دار الافتاء المصرية : رأس الأضحية لا تقسم ولا تباع    انطلاقا من يوم العيد في القاعات: فيلم يروي تفاصيل "اخفاء صدام حسين"    العاصمة: عرض للموسيقى الكلاسيكية بشارع الحبيب بورقيبة في هذا الموعد    معرض صفاقس الدولي الدورة 58 من 21 جوان الى 7 جويلية    موعد عيد الاضحى: 9 دول تخالف السعودية..!!    تطاوين : بدء الاستعدادات لتنظيم الدورة السابعة للمهرجان الدولي للمونودراما وإسبانيا ضيف شرف    هند صبري تلفت الأنظار في النسخة العربية لمسلسل عالمي    مُفتي الجمهورية : عيد الإضحى يوم الأحد 16 جوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التونسي بين حياة سياسية متعفنة وعقيمة .. وثورة أصبحت في مقام اليتيمة !عبد العزيز الرباعي

فكل ما يجري من حولنا يشعرنا بالحيرة والقلق وبكثير من القرف والامتعاض مما يزيد من ارتفاع منسوب التوتر الجميع وتخوف الجميع من المستقبل…
فكل شيء في هذا البلد يشعرك بأن لا شيء يسير في الاتجاه الصحيح… فكل شيء مشوه ومتعفن …
فنظامنا الذي من المفروض نه برلماني يؤكد الجميع أنه غير ذلك… والحزب الحاكم الذي من المفروض أن يكون له أكبر عدد من المقاعد في مجلس النواب هو ليس كذلك.. والدستور الذي هو من المفروض أعلى سلطة في البلاد والذي أنفقت عليه المجموعة الوطنية المليارات من أجل صياغته والكثير من الجهد والتضحيات أصبح مركونا على الرف ومحل انتقاد واختراق.. والعديد من المؤسسات الدستورية الأساسية التي لا يكتمل بناء الدولة إلا بتركيزها لا تزال حبرا على ورق ومحل تجاذبات… الجميع من أحزاب ومنظمات وأعضاء برلمان وحتى وزراء يتحدثون عن تفشي الفساد والمحسوبية في البلاد وفي أجهزة الدولة وعن عدم الجدية في الإصلاح والمحاسبة ولا شيء يتغير… التسريبات تنهال علينا من كل حدب وصوب وكلها تعطي الدليل القاطع الذي لا يخامره أي شك على تغلغل الفساد حتى في أرفع مؤسسات الدولة والجميع في سبات عميق… استخفاف أرفع مسئولي الدولة بأحكام القضاء والتهاون المقصود في تطبيقها بل أكثر من ذلك تحدي القضاء والشعب واستقبال الفارين من العدالة في القصر الجمهوري بالذات… تنامي المديونية بشكل رهيب لم يسبق له مثيل في تاريخ البلاد الحديث مع انحدار خطير وغير مسبوق للعملة الوطنية… تواصل حالة الركود الاقتصادي وتفاقم البطالة… اغراق البلاد في مهاترات وسجالات عقيمة حول ملفات لا علاقة لها بما يعانيه الشعب من مشاكل وما يتهدد البلد من مخاطر… استفحال ظاهرة التهريب والاستيراد العشوائي مما أضر بشكل كبير بالنسيج الاقتصادي الوطني وبالحركة المالية وبموارد الخزينة العامة…كثرة الصدامات بين المواطنين والأطراف الاجتماعية والسلطة… عدم الإيفاء بأي من التعهدات المقطوعة للشعب فلا محاسبة ولا مقارعة للفساد ولا تنمية ولا تشغيل ولا استقرار … عدم تشكيل حكومة من الحزب أو الائتلاف الحاكم ( حتى تتم محاسبته على برامج حزبه المنتخب من أجلها) واعتماد وزراء من المنظومة القديمة أو من أحزاب لا وجود لها إلا على الورق أو من أطراف تحوم حولها شبهات أو حسب الانتماء العائلي… سياحة حزبية منقطعة النظير وبيع وشراء لأعضاء المجلس الوطني بالمزاد العلني أو بالمراكنة… فضائح بالجملة من كل نوع لأعضاء بالحكومة أو بمجلس النواب جنسية ومالية ولا من حسيب…. اعتماد مواقف متناقضة في نفس الوقت ومن نفس الأطراف وتجاه نفس الأطراف ( مثلا "مشروع تونس" ينتقد أداء الحكومة ويصفها بالفشل والفساد وعدم الكفاءة ثم يدعمها بالتصويت في مجلس النواب وفيما يسمى بالأطراف الممضية على وثيقة قرطاج) … الارتفاع الغير مسبوق للأسعار وتدهور المقدرة الشرائية للمواطنين بشكل دراماتيكي… بروز النعرات الجهوية.. إلى آخره من أوجه العشوائية والارتجال والتخبط الذي أصبح يميز الحياة السياسية في البلاد…
ولكن لا شيء يحدث .. لا شيء يتغير… كأن كل تلك الحقائق الدامغة وكل هذا الخور والتخبط والفساد يحدث في بلد آخر وليس في بلد أنجز ثورة ودفع باهظا من دماء أبنائه ثمنا لتغيير أوضاعه وتركيز نظام سياسي وطني كفوء، نزيه و جريء، ومخلص وعادل من أجل إصلاح ما أفسدته الأنظمة السابقة وتصفية التركة الثقيلة من الظلم والاستبداد والفساد والنهب والتفريط التي عرفتها البلاد عبر سنين حكمهم…
لكن الغريب لا شيء يحدث.. كأننا نعيش مشهدا سرياليا .. أو مشهدا صامتا متفحما و متحجرا.. نظام الحكم رغم تغير الأسماء وتعدد التحويرات وتتابع الحكومات بقي هو على حاله… نفس النظام القديم ونفس الأسلوب القديم وربما نسخة أكثر تشوها منه… الفساد ازداد انتشارا وتفاقما… الانفلات واللامبالاة عم الجميع… الافلات من العقاب أصبح أمرا عاديا… الكذب والتزييف والخداع أصبحت هي الخطاب الرسمي للحكومة… التخبط والارتجال والعشوائية أصبحت هي عنوان المرحلة… والكل لا يفكر إلى لفي الحفاظ على مواقعه ومكاسبه… والسير نحو الهاوية لا يزال مستمرا ولكن بخطا أحث من ذي قبل وبشكل علني … والكل يستثمر في الوهم…
حتى الثورة بدت كأنها يتيمة أو لقيطة… فلا أحد يسندها ولا أحد يقف إلى جانبها ولا أحد يرثي حالها الذي لم يعد يسر حبيبا ولا عدوا…
هذا هو وضع البلد بدون مساحيق… فوضى عارمة… وتخبط وانفلات… ولوبيات متنفذة تدير المشهد من وراء الستار ومصالح أجنبية تفرض أجنداتها على الجميع وشعب تائه بين أحزاب " سياسية" تديرها رؤوس أموال هي أقرب منها إلى شركات استثمار رأسمالية همها الوحيد تحقيق الأرباح… وإعلام مخترق حتى النخاع شغله تخدير الناس وتغييبهم عن واقعهم وإلهاؤهم بالتافه والمبتذل من المواضيع وتلميع صورة المفسدين والمورطين… وشعب فقد ثقته في كل شيء حتى في نفسه وفي حقه في العيش في كرامة فوق أرضه…
هذا هو الواقع المرير الذي نعيشه… لكن مع كل هذا لا يزال هناك بصيص من أمل… فحالة التململ التي تشهدها العديد من القطاعات والعديد من الجهات … قد تنبئ بأن الوضع لن يدوم على ما هو عليه لوقت طويل لأن صبر الناس بدأ ينفذ… فالشرفاء في هذا الوطن كثر رغم أنهم مغيبون عن المشهد ويتعرضون لمختلف حملات التشويه والإقصاء والمحاصرة… لكن الحقيقة مهما طال الزمن أو قصر لابد لها من أن تشرق بشمسها وتزيح الظلام والظلم إلى الأبد…
فقط المطلوب هو الإصرار وعدم رمي المنديل…
اشتدي أزمة تنفرجي * قد آذن ليلك بالبلج
وظلام الليل له سُرجٌ * حتى يغشاه أبو السُرج
وسحاب الخير له مطرُ * فإذا جاء الإبان تجي
عبد العزيز الرباعي
الأبيات الشعرية لابن النحوي الأندلسي.
Un vrai pro.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.