أكد مفتي تونس الشيخ عثمان بطيخ أن تكفير المسلم لا يجوز شرعاً، وهو مخالف لروح الإسلام وسماحته. وقال في حوار مع «البيان» إن السلفيين المنتسبين للسلف الصالح هم الذين لهم مواصفات كانت تميز أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، ولم يرد أن السلف الصالح أحزاب وطوائف وألوان وأشكال متعددة، مضيفاً أنه أن لا خوف على المذهب المالكي في تونس من التيارات المتشددة والمذاهب الدخيلة. وأشار إلى ان حرق الأضرحة والمعالم خسارة فادحة للحضارة. وفيما يلي نص الحوار: نلاحظ اتساع ظاهرة التشدد الديني وبروز التيار التكفيري فكيف تقرأ هذه الظاهرة وما علاقتها بصحيح الاسلام ؟ أن يبلغ التعصّب للرأي والتطرّف الى حد أن يكفّر بعضنا بعضا فذلك مما لا يجوز شرعا وهو مخالف لروح الاسلام. وأما ظاهرة التكفير فهي جديدة ودخيلة، وفي الحديث النبوي الشريف: «من قال لصاحبه يا كافر فقد باء بها أحدهما»، والمسلم شعاره جهاد النفس وهو الجهاد الأكبر. ولكن هؤلاء يقولون إنهم يسيرون على منهج السلف الصالح و أنهم سلفيون جهاديون ؟ السلفيون المنتسبون الى السلف الصالح هم الذين لهم المواصفات التي ذكرها القرآن الكريم والتي تميّز بها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، ولم يرد في كتب السيرة والتاريخ أن السلف الصالح أنواع وأصناف وأحزاب وطوائف متعدّدة، أما الجهاد فهو أن يجاهد الإنسان نفسه ليقيها من الأعمال الضارّة سواء بنفسه أو بغيره. يلاحظ المراقبون انتشار مذاهب فقهية دخيلة على المجتمع التونسي مما قد يتهدّد وجود المذهب المالكي الذي بنى عليه أهل البلاد اعتدالهم ووسطيتهم، فماذا ترون في ذلك؟ المذهب المالكي متجذّر كالشجرة الطيبة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربّها ، وأصله الكتاب والسنّة وبقية المصادر الأخرى التي استقاها الإمام مالك رحمه الله من اجتهادات الصحابة وفقهاء المدينة السبعة وعملهم، أما ما يتمسّك به البعض ممن عرف الاسلام حديثا واستهوته الاجتهادات المتدفقة من كل حدب وصوب فمآلها التلاشي. والمذهب المالكي والعقيدة السنية وأخلاقنا الاسلامية ومثلنا وقيمنا التربوية مرّت عبر التاريخ الطويل بمراحل صعبة وخرجت منتصرة. وماذا عن ظاهرة النقاب التي باتت منتشرة في تونس وأصبحت محل خلاف بين التونسيين ؟ النقاب لم يرد ذكره في القرآن الكريم ولا في السنّة الصحيحة، وإنما الثابت والصحيح هو الخمار الذي يغطّي شعر الرأس، واستثنى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلّم الوجه والكفين فيجوز كشفهما، وما عدا ذلك من اللباس وأنواعه فهو من العادات والتقاليد التي تختلف من بلد إلى آخر بما في ذلك النقاب والجلباب وفرضه وتعميمه على كلّ الأمّة غلوّ وتشدّد في غير محلّهما. حرق الأضرحة شهدت تونس خلال الفترة الماضية حرقا وهدما وتخريبا لبعض الأضرحة والقبور باسم الاسلام، فما رأيكم في ذلك ؟. حرق تلك المقامات خسارة فادحة لبناءات أثرية ثمينة تمثّل الطابع المعماري التونسي الأصيل، فالاعتداء عليها إنما هو اعتداء على الحضارة والذاكرة الجماعية والتاريخ، وهذه المعالم أدّت ولا تزال تؤدي دوراً تربوياً ودينياً، فهي لها صبغة المساجد تقام فيها الصلوات الخمس ويجتمع الناس فيها على طاعة الله.