لم يُكتب لرحلة السّفينة "سرسينا" التّي إنطلقت من ميناء صفاقس على السّاعة الواحدة من صباح امس أن تتمّ في ظروف عاديّة حيث أثناء قدوم هذه السّفينة المجنونة للرسوّ في ميناء سيدي يوسف اليوم صباحا في حُدود السّاعة الثّانية فجرا و عشرون دقيقة حادت في اللّحظات الأخيرة و فقد ربّانها السّيطرة عليها جزئيّا ليرتطم من الجانب الأيمن لسفينته بقوارب الصّيد البحري المرابطة بكثافة بالميناء و يُلحق أضرارا بمركب على ملك أحد بحّارة الجهة و من ألطاف اللّه تمكّن الربّان من إعادة الخروج من منطقة الرسوّ شديدة الضّيق ليحيد في مرحلة ثانية نحو الفنار الأيسر و بقي يصارع بمحرّكاتها المُهترئة لكي لا يرتطم باطن السّفينة بالحجارة لكن حسب ما بلغنا من معلومات أنّ أحد مراوح الدّفع الأربعة شُطرت و سقطت في قاع البحر بسبب إحتكاكها بالصّخور و بقي الربّان زُهاء العشر دقائق يحاول إرجاع السّفينة إلى مسارها إلى أن تمكّن من ذلك في الأخير و يعود أدراجه نحو ميناء صفاقس، ربّان شابّ يدفع خطيئة قرار مسؤول يعلم جيّدا ما تحتويه هذه السّفينة من مشاكل تقنيّة! أعني بقولي هذا الدّولة و مصالح وزارة النّقل. المُسافرون الّذين على متنها لم يسعفهم الحظّ في النّزول إلى الجزيرة إلاّ بعد إعادة ركوبهم مُجدّدا لسفرة السّاعة السّادسة صباحا من ميناء صفاقس كذلك المسافرون بميناء سيدي يوسف بقوا عالقين إلى حين قدوم السّفينة "الحبيب عاشور" لتشدّ الرّحال بهم على السّاعة السّادسة صباحا و عشر دقائق! الملّخصّ معاناة… غضب… تذمّر… تعب و إرهاق و سيتواصل إن لم يجدوا حلّا سريعا لمشكلة إكتظاظ ميناء سيدي يوسف و إستئناف أشغال تهيئة ميناء الصّيد البحري في أسرع وقت ممكن! هذا الميناء الذّي كان ثمرة مُفاوضات إجتماعيّة و إتّفاقيّة حصلت بين أهالي الجزيرة و مُمثّلي الحُكومة أثناء فترة ما يُعرف بأزمة بتروفاك عُلقّت أشغاله بسبب خلاف بين المقاول و مالكي أحد ما يُعرف بالشّرافي حول قيمة التّعويض و بقي المتضرّر هم أصحاب مراكب الصّيد البحري و سفن الشّركة الجديدة للنّقل بقرقنة و الأكيد هم متساكنو و زائري قرقنة الحالمة كما يُحاك من لدن مثل شعبي من روح الجزيرة "كي تعارك الرّيح و القلاع جاء الدّرك على الصّاري!" على الدّولة أن تتحمّل المسؤوليّة كاملة لما آلت إليه أوضاع النّقل البحري بين جزيرة قرقنة و صفاقس من سوء إلى أسوأ، فربابنة السّفن يعيشون كابوسا كُلّما همّوا بالمُناورة في محيط ميناء سيدي يوسف الذّي لا يستحقّ وصفه بالميناء كما تُبيّن الصّور في وضعه الحالي و إن حصل مكروه فهم يعرّضون أنفسهم للضّرب و السّباب و التّهديد و الوعيد في غياب الحماية الأمنيّة و العقوبات الإداريّة و كلّ عطب يطرأ على سفينة إنّما هو مصاريف طائلة تثقل كاهل الشّركة و الدّولة لإصلاحه و ينجرّ عنه لخبطة كبرى في برنامج السّفرات خصوصا في موسم الذّروة مثلما هو الحال الآن! إلى متى سنظلّ نعاني؟ لماذا الدّولة وجدت الحلول أمنيّا و لوجستيّا كي إستأنفت الشّركة النّفطيّة نشاطها بينما تُدير ظهرها إلى مشاغل سُكّان الجزيرة الحقيقيّة؟ حقيقة ينطبق وصف أهالي الجزيرة "بالمُعذّبون في الأرض" لأنّهم يعيشون في سجن كبير يتحكّم في منفذه الوحيد العوامل المناخيّة أو مزاج أحد ما يُغلق و يفتح أبواب الجزيرة كما شاء و متى شاء!