ارتفعت أسعار بعض مشتقات النفط في تونس بخمسين مليم للتر الواحد (50 مي) بداية من 31 جانفي 2018. وقد كانت هذه الزيادة مبرمجة ضمن قانون المالية لهذه السنة باعتبار ارتفعاع أسعار النفط في الأسواق العالمية. وقد أكدت بعض المواقع المتهمة بمتابعة أسعار المواد الأساسية أن أسعار النفط ارتفعت بنسبة 7% خلال شهر مارس الماضي حيث قارب سعر النفط مستوى 70 دولار في آخر أيام شهر مارس ليصل إلى 70،22 دولار يوم غرة أفريل 2018. وتتوقع بعض المؤسسات الدولية أن يصل إلى مستوى 80 دولار خلال الأشهر القريبة القادمة. وبالعودة إلى أسباب هذا الارتفاع نجد التوترات الجيوساسية في صدارة اضطراب سوق النفط في العالم. حيث مثلت التصريحات الهجومية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي لم يستبعد إمكانية تطوير أسلحة نووية في بلاده إذا قامت إيران بنفس الشيء. ومن جهة أخرى عززت الولاياتالمتحدة من نبرتها ضد طهران وهددت بالعودة على الاتفاق النووي بين الأروبيين والإيرانيين. حيث وضع دونالد ترامب ضغوطات كبيرةً على الأروبيين وحدد مهلة حتى 12 ماي القادم "لإصلاح أخطائهم الفظيعة" لمراجعة اتفاقهم النووي مع إيران وأكد أن إمكانية فرض عقوبات تجارية جديدة يمنع إيران من تصدير نفطها الخام إلى دول معينة مطروح خلال الفترة القادمة. وتفاعلا مع هذه التوترات الجيوسياسية قامت الوكالة الدولية للطاقة بتعديل توقعاتها للطلب العالمي على النفط في آخر تقرير شهري لها بالترفيع إلى 99.3 مليون برميل في اليوم لعام 2018 عوضا عن توقعات أصلية ب 97،8 مليون برميل يوميا. في حين حافظت منظمة الدول المصدرة للنفط (OPEP) على توقعات الطلب عند 98.6 مليون برميل يوميا. ومن ناحية العرض ، تسعى هذه الأخيرة لتلبية حصص الإنتاج حيث تمكنت من تحقيق معدل إنتاج غير مسبوق بنسبة 138٪. كما شهد الإنتاج الأمريكي من النفط ارتفاعا متواصلا ليبلغ 10.4 مليون برميل يوميا وفقا لأحدث البيانات التي جمعتها وكالة معلومات الطاقة الأمريكية. حيث تفوق الإنتاج اليومي الأمريكي للنفط على إنتاج العربية السعودية الذي بلغ في شهر فيفري الماضي 9.92 ملايين برميل . كما شهدت صادرات النفط الخام في الولاياتالمتحدة تقدما بنفس الطريقة وسجلت 1.57 مليون برميل يوميا. وفي تونس يمثل وضع السوق العالمية للنفط المتقلب ثقلا كبيرا على ميزانية الدولة. كما ينعك سلبا على نسبة التضخم وحجم الدعم والتوازنات المالية الداخلية والخارجية وبالتالي على الاقتصاد بصفة عامة وذلك اعتبارا للفرضيات التالية:- ميزانية 2018 تقوم على معدل سعر مرجعي للنفط لكامل السنة يبلغ 54 دولارا للبرميل وأن تونس مورد صافي (importateur net) للنفط ومشتقاته. – كل دولار إضافي عن فرضيات ميزانية 2018 ينعكس بما يفوق 120 مليون دينار على عجز ميزانية الدولة. – انعكاسات مالية إضافية بحوالي 1680 مليون دينار على عجز ميزانية الدولة في صورة توقف سعر النفط في حدود 70 دولار و3120 م.د إذا بلغ سعر النفط 80 دولار وبالتالي فإن الزيادة في أسعار المحروقات لا يمكن لوحدها استيعاب هذا العجز. – صناعة الكهرباء يعتمد بنسبة كبيرة فؤ تونس على المحروقات. – الترفيع في أسعار النقل البري ينعكس بصفة آلية على كلفة النقل التي تمثل نسبة هامة من كلفة الانتاج. وقد أكد موقع "دايلي بورس" (Daily Bourse) أن 97% من النقل البري في العالم يعتمد على المحروقات. وللساءل أن يتساءل عن الحل لهذا الوضع الذي أصبح هيكلي بالنسبة لتونس؟ الحل يتمثل حسب رأيي في البحث عن مصادر أخرى للطاقة